الهديل

هل تلقّى ميقاتي “إشارة” خارجية ودعماً من “الثنائي” للتأليف؟

كتب عمار نعمة في “اللواء”:

مع اقتراب عقارب الساعة من تاريخ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون في 31 تشرين الأول المقبل، كثرت الأقاويل والتحليلات والتسريبات الإعلامية والأسئلة حول ما اذا كان عون سيترك مقره في بعبدا أم لا.

يقارن البعض بين الوضع اليوم وذاك العام 1988 حين تولى عون رئاسة الحكومة العسكرية بعد ان تعذّر الوصول الى رئيس حكومة مدني على أثر انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل وتعذر انتخاب رئيس للجمهورية.

وقد استمر عون حينها في منصبه لأكثر من عامين، ولو إسميا بعد ان حوصر في بعبدا ثم حسم الغطاء الدولي لعملية سورية لبنانية في 13 تشرين الاول 1990، دشنت زمن اتفاق الطائف.

لكن ظروف اليوم مختلفة عن السابق الذي كان هناك ما يبرره بنظر المقربين من بعبدا، ففي العام 1988 كان عون رئيس الحكومة الشرعي في المنطقة الشرقية في وجه سليم الحص رئيس الحكومة الفعليّ في المنطقة الغربية، بينما لا مجال للمقارنة اليوم مع واقع سياسي يريد عون قبل غيره الخلاص منه.

وبذلك يصبح بقاء عون في بعبدا غير حقيقي لا من قريب ولا من بعيد فهو لن يبقى دقيقة واحدة بعد 31 تشرين الاول لا بل قد يترك قصر بعبدا قبل نيف من انتهاء مدته فيه. وحسب أحد المقربين من العهد فإن كل هذه الفتاوى هي بدع توجه للتضليل و”للحرتقة” على رئيس الجمهورية الذي كان اصدر نفيا قاطعا في هذا الموضوع ولأكثر من مرة، مؤكدا بأنه سيغادر بعد انتهاء ولايته، وهو لا يستطيع ان يستمر في اصدار هذا النفي كلما أحب احدهم الهجوم عليه إعلاميا من هذا الباب.

لماذا الاهتمام بالتشكيل الحكومي الآن؟

والحال أنه في السياسة فإن مكونات التمديد غير موجودة مثلما أن النية غير موجودة، كما أن لا نص دستوريا واضحا لذلك. وهمّ رئيس الجمهورية منصب على أمرين: أولهما تأليف حكومة في أسرع وقت ممكن تنال ثقة مجلس النواب لتتصدى للتحديات التي تفرضها المرحلة الاقتصادية والاجتماعية والمالية في موازاة مواكبة استحقاق ترسيم الحدود بأسرع وقت. وللتحوط أيضا اذا لم يتم انتخاب رئيس جديد ضمن المدة الدستورية تحسبا للفراغ حتى تكون حاضرة لتولي صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة.

ثانيهما تسهيل وتشجيع عملية انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية كون البلد لا يحتمل الفراغ. علما بأن وضع الفراغ اليوم لا يشبه سابقه الاخير في 2014، كون لبنان غارق في أكبر أزمة اقتصادية له منذ تأسيسه.

يشير هؤلاء الى ان “الاستفاقة المفاجئة” للرئيس نجيب ميقاتي تدل وكأن إشارة خارجية وردت له بالتأليف إلتقطها تحسبا للشغور في سدة الرئاسة. وربما ربطا باحتمال ان عدم وجود حكومة عاملة سيؤدي الى غياب المرجعية الداخلية القادرة على مواكبة المفاوضات غير المباشرة مع العدو الاسرائيلي وترسيم الحدود، وهذا الأمر سيؤدي الى عرقلة الترسيم الى أجل غير محدد وهو الذي بات يعني الكثيرين في الداخل والخارج.

“صندوق النقد الدولي” قد ينسحب

ثمة أمر هام آخر يتعلق بالمفاوضات مع “صندوق النقد الدولي”. ففي حال عدم وجود مرجعية داخلية تستطيع مواكبة التفاوض معه، قد ينسحب من التفاوض ما سيؤدي الى تأزم كبير في الاوضاع خصوصا ان العملة الوطنية تشهد اهتزازا متأصلا والأزمات الاجتماعية والخدماتية والمالية والاقتصادية والوطنية تتراكم. “وهذا يفسر استفاقة ميقاتي وهذه الاشارة قد تكون صدرت أيضا عن الثنائي الشيعي “حزب الله” وحركة “أمل” الذي كان دوما داعما ومغطيا لميقاتي، وكان خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد نصر الله قبل ايام قليلة واضحا والاول من نوعه بهذه المباشرة حول ضرورة تأليف الحكومة”.

يشير هؤلاء الى أوروبية، لا سيما فرنسية، وأميركية الاشارة الصادرة للتأليف تحوطا للفراغ الرئاسي في ظل الحاجة الى مرجعية داخلية لمواكبة أيضا موضوع النازحين السوريين.

لكن هذا الامر يتطلب حكما الالتزام بمعايير موحدة في عملية التأليف من دون صيف وشتاء تحت سقف واحد ومن دون استنسابية في التعامل مع الكتل والطوائف حتى تجد مسودة التشكيلة قبولا لدى رئيس الجمهورية حتى يصدر مرسوم التأليف، حسب وجهة النظر هذه.

باسيل يحتفظ بالفيتو

ولجهة فريق الرئيس عون فلا يبدو قلقا من مسار الامور قبل أسابيع على انتهاء الولاية الرئاسية.

ومن ناحية رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل فحظوظه ليست مستحيلة في السياسة، لكنه يخوض حكما المعركة الرئاسية لجهة بروفايل ثم هوية رئيس الجمهورية المقبل.

المقربون من هذه الاجواء يشيرون الى ان احتمال من اثنين: إما رئيس من الكتلتين الكبريين مسيحيا، “كتلة لبنان القوي” أي “التيار الوطني الحر”، و”كتلة الجمهورية القوية” أي “القوات اللبنانية”، أي من إحداهما أو مدعوما من إحداهما او من كليهما، ولا حل آخر!

هي نظرة طويلة الأمد تقارب الاستحقاق بعد مدة زمنية ليست بقريبة وثمة من يؤكد ان الجانبين، على رغم كل السعار بينهما وعدم القدرة اليوم على الاتفاق على مرشح، فهما قد يتفقان على منع وصول مرشح ما مثل رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية.

يؤكد هؤلاء ان أي مرشح لن يصل الى سدة الرئاسة من دون موافقة باسيل الذي يحتفظ بالفيتو حتى لو ضغط “حزب الله” عليه والأخير في كل الاحوال لم يقدم تعهدا لفرنجية بهذا الخصوص، والامر لا يشابه إطلاقا التعهد الذي قدمه الحزب ونصر الله لعون قبلها.

هنا كان من الملاحظ ان رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع رفع السقف كثيرا بالذهاب الى مرشح مواجهة يقول اخصامه انه قام بذلك لأنه لم يتلق دعما خارجيا، سعوديا تحديدا، لترشحه. بينما يشير البعض الآخر الى ان رفع السقف هذا سببه التوصل الى تسوية مستقبلية على مرشح غير تابع لـ”حزب الله” ولمحور الممانعة.

ولناحية باسيل، فهو رافض حتى اللحظة لفرنجية، إلا في حال بروز بعد فترة معطيات تفيد بأن هذا الترشيح يحمل معادلات واهداف وبرنامج وتوازنات في الحكم وضمانات تقود الى تحقيق الاصلاح الاقتصادي والاداري الاجتماعي والمالي في البلاد من جهة، وتعزيز الدور المسيحي بالسلطة من جهة ثانية ما يضمن التوازن المسيحي الاسلامي بأفضل صوره. وهو ما يعني بكلام آخر ان حظوظ فرنجية صعبة جدا اليوم لناحية الموافقة عليه من قبل عون وباسيل الذي سيكون كمن يطلق النار على قدميه إذا مضى بترشيح فرنجية الرافض من ناحيته فرض شروط عونية عليه.

وبذلك فإذا دعمت احدى الكتلتين المسيحيتين الكبريين مرشحا ما فيصبح حينئذ ممتلكاً لشرعية مسيحية وإن كان بالإعارة. أما لناحية حظوظ قائد الجيش جوزف عون، فهو مرفوض من العهد ويحتاج الى تعديل دستوري كونه يجب ان ينهي ولايته أو ان يستقيل قبل سنتين وان ينقطع عن العمل قبل انتخابه، ما يعني ان العهد غير قابل على الاطلاق بالفتاوى الدستورية المجيزة لجوزف عون الحلول رئيسا بعد انتهاء الولاية الرئاسية في 31 تشرين الاول المقبل ومنها فتوى الخبير الدستوري بهيج طبارة.

Exit mobile version