جاء في “نداء الوطن”:
يشاهد اللبنانيون بأم العين كيف لا يزال أركان السلطة يتناحرون ويتنازعون المقاعد الأمامية في قمرة القيادة لضمان استمرار سطوتهم “الجهنمية” على إدارة دفة البلاد ستّ سنوات إضافية بعد انتهاء ولاية العهد العوني. وليس الاشتباك الحكومي المحتدم بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل سوى انعكاس مباشر للمخاض الرئاسي العسير، في ظل قرار مركزي اتخذته قوى 8 آذار بإجهاض عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية في مواعيدها الدستورية، بغية “فرض الفراغ الرئاسي على أجندة طاولة التسويات الإقليمية والدولية المنتظرة للأزمة اللبنانية”، حسبما نقلت مصادر واسعة الاطلاع، مشيرةً في هذا السياق إلى “ممارسة “حزب الله” ضغوطاً كبيرة للدفع باتجاه توافق الرئاستين الأولى والثالثة على تأليف تشكيلة حكومية مناسبة لملء الفراغ الرئاسي تفادياً لإشكالية تسلم حكومة مستقيلة صلاحيات رئاسة الجمهورية في مرحلة الشغور”.
وبالأمس، تجدد الاشتباك بين السراي الكبير وميرنا الشالوحي على خلفية المعلومات التي أشارت إلى مسؤولية باسيل المباشرة عن نسف المفاعيل الإيجابية للقاء بعبدا الأخير بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف، فسارع رئيس “التيار الوطني” إلى اتهام ميقاتي بالوقوف خلف “هذه الأكاذيب والتلفيقات والفبركات”، مصوباً عليه بالمباشر من خلال ربط تبدّل موقفه حيال التأليف من عدمه بموقف من وصفهم بـ”داعميه وموجّهيه”، الأمر الذي وضعه رئيس حكومة تصريف الأعمال في سياق محاولة باسيل “التنصل من مسؤوليته المباشرة عن تعطيل تشكيل الحكومة”، مع التشديد على أن “كل اتهامات باطلة لن تفيده في شيء وعليه أن يفهم أنّ الحكومة لن تؤلف إلا بالتعاون بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف حصراً، وابتداءً من هذه اللحظة فليساجل جبران باسيل نفسه في المرآة”.
وكانت المعلومات المستقاة من مصادر مواكبة عن قرب للمستجدات الحكومية، قد نقلت أنّه “بعد انعقاد اللقاء الأخير بين عون وميقاتي نتيجة الجهود التي بذلها “حزب الله” لإنهاء القطيعة في مشاورات التأليف، تم التوصل إلى أرضية توافقية يمكن التأسيس عليها للخروج بحل يتيح تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية العهد، وكادت الأمور أن تنتهي إلى نتيجة إيجابية سريعة بعدما أبدى الرئيس المكلف استعداده لتدوير الزوايا مع رئيس الجمهورية، لكن سرعان ما دخل رئيس “التيار الوطني الحر” على الخط بشكل أعاد حظوظ التوافق الرئاسي إلى الوراء”.
وتوضح المصادر أنّ “ميقاتي قدم تنازلاً لعون في ما يخص إبقاء وزارة الطاقة من حصته عبر استمرارها في عهدة الوزير الحالي وليد فياض، مع إدخال تعديلات في المقابل على حقيبتي الاقتصاد والمهجرين، بحيث يتولى وزير سني من عكار الأولى ويتم اختيار وزير درزي للثانية لا يستفز رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، فقوبل هذا الطرح بأن يسمي رئيس الجمهورية وزيراً مسيحياً آخر يضاف إلى حصته”، مشيرةً إلى أنه رغم استمرار التسريبات والتصريحات السلبية المتبادلة بين ميقاتي وباسيل “لا يزال العاملون على خط الوساطة يجهدون في سبيل تقريب وجهات النظر بين بعبدا والسراي لعلّ وعسى تنجح محاولات الربع الساعة الأخير في تشكيل حكومة جديدة قبل الدخول في مرحلة الفراغ الرئاسي”.