لبّت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا دعوة عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب الياس الخوري إلى مائدة الغداء، عقب زيارتها الأولى إلى طرابلس، وكانت مناسبة للاطلاع على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمدينة، وذلك بحضور مختلف الهيئات السياسية والروحية والمدنية والأهلية، التي شاركت فرونتيسكا هموم المدينة وحاجاتها.
وحضر إلى فرونتسكا وفريقها الإعلامي، النواب: أشرف ريفي، رامي فنج وجميل عبود، الوزير السابق محمد الصفدي، القائم بمهام مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمد امام، المطرانان يوسف سويف وادوار ضاهر، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال توفيق دبوسي، خلدون الشريف، ممثل جمعية “المنهج الخيرية” أحمد الايوبي، ممثلة جمعية “الطوارئ الخيرية” مايا حبيب حافظ، ممثلة المعهد اللبناني لدراسات السوق LIMS كريستال مرديني، منسق القوات اللبنانية في طرابلس فادي محفوض، وجمع من الهيئات الأهلية.
وقال الخوري: “لا نحتاج إلى مؤتمرات ولا إلى دراسات لتحديد ما تحتاجه طرابلس ويحتاجه الشمال عموماً، بل المطلوب البحث في آليات الاستجابة الفاعلة والشفافة لتحويل جهود الإغاثة والمساعدات إلى عملية تنمية ممكنة في ظلّ الأزمة، ضمن معايير الشراكة الإنسانية والثقافية والحضارية التي تربطنا بالمجتمع الدولي”.
أضاف: “في ظلّ تدهور الأوضاع وتفاقم الأزمات في لبنان، أصبح لزاماً علينا التفكير في وسائل تسيير المرافق العامة وكيفية التعاون مع القطاع الخاص وتشجيع المبادرات التنموية التي تهدف إلى تخفيف أعباء الحياة على أهل طرابلس الذين يعانون من السياسات الفاشلة على مدى العقود الماضية. لذلك، نبحث اليوم في وسائل دعم المواطنين لتأمين صمودهم ومنع انهيار المنظومة الاجتماعية والصحية والتربوية والاقتصادية الباقية، وهذا يستدعي سلسلة خطوات متدرجة ومتكاملة، نراها على النحو الآتي:
في القطاع الصحي
ــ تقديم الدعم إلى مستشفى طرابلس الحكومي، وإلى مراكز الرعاية الصحية الأولية والمستوصفات العاملة لأنّها تحمل أكثر أعباء القطاع الصحي، مع انعدام الفرص أمام أغلب المواطنين في تأمين احتياجات الاستشفاء للمواطنين في المستشفيات الخاصة.
في القطاع التربوي
ــ تبرز الحاجة الماسّة إلى دعم التعليم الرسمي بجميع مراحله وخاصة الجامعية منها، وذلك من
سلسلة إجراءات أبرزها توفير وسائل للنقل تؤمّن وصول الطلاّب من مناطق الشمال وعكار إلى فروع الجامعة اللبنانية في القبة والكورة.
ــ يحتاج القطاع التربوي أيضاً، إلى المزيد من الدعم في تأمين الكتاب المدرسي وتوفير مجانية التعليم للمراحل الابتدائية والثانوية، ودعم صناديق المدارس لتأمين مستلزمات التدريس وخاصة الإنارة والقرطاسية.
في المجال الإغاثي
هناك ضرورة لتطوير أنشطة الإغاثة من خلال توحيد قاعدة المعلومات وتحسين وصول المساعدات إلى مستحقيها، وهذا التوجه يشكّل مصلحة مشتركة مع الجوار الأوروبي حتى لا تنفجر القنبلة البشرية ويتحوّل البحر المتوسط إلى بحيرة لجوء غير شرعي وموت متنقل.
ضرورة عودة اللاجئين السوريين
إنّ ملف اللاجئين السوريين في لبنان وصل إلى حدود خطرة توجب على الجهات المانحة تغيير استراتيجيتها فيما يخصّ التعامل مع وجودهم على الأراضي اللبنانية لأنّ الكثيرين منهم خسروا صفة اللجوء، أو النزوح، لأنّهم أصبحوا قادرين على دخول الأراضي السورية والعودة منها إلى لبنان بأمان، وهذا يعني زوال المخاطر عنهم، مما يستدعي نقل الدعم لهم إلى داخل الأراضي السورية، لمساعدتهم في العودة إلى وطنهم وحفظ حقوقهم هناك، ولتحرير لبنان من أعباء لم يعد باستطاعته احتمالُها.
كلّ ما تقدّم يعتبر من ضرورات المعالجة الطارئة للأزمة، لكنّ الحلول الفعلية المطلوبة، تتمثل في إطلاق العمل في المرافق العامة، وتحديداً: المرفأ بمشاريعه المتعدّدة، وأهمها المنطقة الاقتصادية الخاصة وتنفيذ بناء أهراءات الحبوب، والمعرض وتفعيل دوره في تنشيط الحركة الاقتصادية، ومصفاة النفط في البداوي وأهميتها في زمن أزمة الطاقة العالمية وتداعياتها المحلية، ومطار رينيه معوّض، مع ما يعنيه تشغيله من تغيير في خارطة الإنماء على مستوى الشمال.
هذه المرافق الكبرى لها أهمية قصوى مع ازدياد الحاجة للطاقة من دول المتوسط بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، وهي تعتبر منصات استثمار جاذبة يمكنها إنعاش الاقتصاد الوطني على جميع المستويات، وهي تلتقي مع الرؤية الطموحة التي أطلقتها غرفة طرابلس الكبرى ونأمل التعاون لتحقيقها وإنجاز الكثير من مشاريعها التي يدرك الجميع أنّها منتِجة وتحمل كلّ عناصر النجاح”.
بدورها، قالت فرونتسكا: “هناك إمكانات بشرية واقتصادية هائلة في طرابلس، رغم ارتفاع مستويات الفقر والظروف المعيشية الصعبة التي تفاقمت بسبب الأزمة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد”.
وأضافت أنّ استقرار لبنان وتعافيه على المدى الطويل يعتمدان أيضاً على دعم وتطوير المناطق المختلفة وتلبية احتياجاتها. ولقد أصبح من الضروري تنفيذ إصلاحات حقيقية لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية بطريقة مستدامة”.
وتابعت أنّ “جهود المنظمات غير الحكومية الفاعلة تكمّل جهود الدولة والمانحين في دعم السلام والتنمية المستدامة في البلاد”.
وأكّدت أخيراً، “التزام الأمم المتحدة بدعم استقرار لبنان وأمنه وانمائه وجهوده للتعافي”.