اكدت رابطة قدامى القضاة، في بيان، “ان القوانين المرعية الاجراء تعتبر ان ما يسري على القضاء العامل يسري على المتقاعدين وفقاً لمبدأ استقلال السلطة القضائية”. وأهابت بوزير العدل “ان يكون الصوت الصارخ والمدوي لأن يشمل اي تحسين او تعديل في رواتب القضاة زملاءه من المتقاعدين وفقاً للنسبة المعمول بها في أنظمة التقاعد”.
واعلنت الرابطة في بيانها، “واخيراً، بعد أن طفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، وتجاوز الحزام الطيبين، أضرب قضاة لبنان، توقفوا واستنكفوا وامتنعوا عن العمل حتى في قضايا تُعتبر حساسة ولم تكن مشمولة باحتجاجاتهم السابقة. اضراب، استنكاف، إمتناع عن العمل والنتيجة واحدة: بداية تحلّل وانهيار مؤسسات الدولة”.
اضاف البيان: “وبالرغم من مرور اسبوع على شلل قصور العدل في كافة المحافظات اللبنانية، لم يرف جفن أي مسؤول، ولم تتحرك أية سلطة لمعالجة هذا الخلل، في حين أن قضاة العراق أضربوا إحتجاجاً على مظاهرات أقفلت الطرق المؤدية الى مقر مجلس القضاء الاعلى في بغداد، فما كان من رئيس الوزراء العراقي الذي كان يحضر اجتماع قمة خماسية عربية في مدينة العلمين في مصر، إلا ان غادر الاجتماع وعاد على وجه السرعة الى العراق لمعالجة الأمر، علماً أن القمة التي كان يحضرها لم تكن لتبادل التحية والمجاملات في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به العالم قاطبة وتمر به على وجه الخصوص منطقتنا العربية، مع الاشارة والتأكيد ان هذا التصرف من جانب رئيس الوزراء العراقي يقوم به اي مسؤول في اية دولة في العالم يعلن قضاتها التوقف الكامل عن العمل”.
وتابع البيان: “وإذا كان القضاة العاملون على حق في إضرابهم بسبب تدني قيمة رواتبهم التي لم تعد تكفي لتسديد فاتورة المولّد فقط، ناهيك عن الحاجات الأساسية التي يحتاج اليها اي كائن بشري ومنها فاتورة الدواء التي اضطر صندوق تعاضد القضاة مرغماً إلى تخفيضها الى النصف أو أدنى قليلاً. ولكن ماذا عن قدامى القضاة، القضاة المتقاعدون، فهل تريد السلطات المختصة من تشريعية وتنفيذية أن تطبّق عليهم المقولة القائلة عن كلمة متقاعد بأنها تعني: “مت وأنت قاعد”؟؟؟”.
واكدت الرابطة في بيانها ان القوانين المرعية الاجراء تعتبر ان ما يسري على القضاء العامل يسري على المتقاعدين وفقاً لمبدأ استقلال السلطة القضائية”، متسائلة “أليس هؤلاء أشد حاجة إلى الغذاء والدواء والكساء والاستشفاء والخدمات؟ ألم يَفْـنِ هؤلاء عمرهم وزهرة شبابهم ويضنوا نور العيون في سهر الليالي بحثاً في متون الكتب والمجلدات عن الحق والحقيقة سطروها في أحكام كانت ولا تزال مخفرة لا يزال القريب والبعيد من رجال القانون يرجعون اليها!! وهل ينسى المسؤولون جميعاً الفترة الذهبية التي كان عليها القضاء اللبناني من عزّ وافتخار وازدهار في عصر هؤلاء المتقاعدين الذين يعتبرهم جميع المسؤولين انهم اصبحوا على هامش الحياة، ولو أضربوا واحتجوا وتظاهروا وحاولوا قطع الطرقات فما أسهل مرور السيارات على اجسادهم وكأنهم تكملة عدد أو ورم سرطاني يسهُل استئصاله”.
كما سألت: “وهل ينسى المسؤولون او يتناسون او معظمهم لا يعرف انه في سبعينيات القرن الماضي وحتى نشوب الحرب الاهلية المشؤومة، كانت الشركات الاجنبية التي تنتج اهم الماركات العالمية والتي تتعاقد مع شركات لبنانية تشترط في متن العقد المتبادل انه في حال حصول اي خلاف او نزاع حول تفسير او تنفيذ اي من بنود هذا العقد تكون المحاكم اللبنانية هي الصالحة للنظر في النزاع، ومردّ ذلك الى فرط الثقة التي فرضها قضاة ذلك الزمن بجديتهم ونزاهتهم وشفافيتهم وعلمهم”.
وتابعت الرابطة: “وأخيراً وليس آخراً هل ينسى المسؤولون ان قضاة الأمس – متقاعدو اليوم – ورغم الأعاصير الهوجاء التي عصفت بالوطن الحبيب لبنان ظلوا جسماً واحداً موحداً تحت راية مجلس قضاء اعلى واحد مركزه في قصر عدل بيروت – اي في الشطر الشرقي من العاصمة، في وقت درجت فيه ظلماً وعدواناً تسمية شرقية وغربية في العاصمة، في حين ان مؤسسات عديدة لا مجال لذكرها او تعدادها حتى لا ننكأ الجراح تشرذمت وتبعثرت وطبّقت ما يشبه الحكم الذاتي أو الإدارة الذاتية.
فهل في بال أحد من اية من السلطات القائمة وضع القضاة المتقاعدين عند البحث في اي قانون أو تدبير أو آلية لتحسين وضع القضاء المادي، واما المعنوي فنرى جازمين ان القاضي هو الذي يفرضه بسلوكه، بمناقبيته، بتصرفاته وبشفافيته.
وختاماً نهيب بمعالي وزير العدل وهو حالياً جزء من السلطة التنفيذية ان يكون الصوت الصارخ والمدوي لأن يشمل اي تحسين او تعديل في رواتب القضاة زملاءه من المتقاعدين وفقاً للنسبة المعمول بها في أنظمة التقاعد. علماً انه عاجلاً او آجلاً سوف يعود الى صفوف زملائه من قدامى القضاة، وان اي غبن يُلحق بهؤلاء سوف يصيبه في الصميم، ونحن نعلم علم اليقين انه بأشد الحاجة الى تحسين رواتب المتقاعدين لأنه كان مثالاً للقاضي الزاهد المتقشّف والذي لا معين ولا مورد له سوى راتبه الذي يذوب ويتلاشى كل يوم”.
وختم بيان الرابطة: “ويا أيها المسؤولين، من المسلّم به ان القضاء هو ملح الأرض وملح السلطة، فإذا فسد القضاء أو توقف عن عمله أو تلاشى فكيف تحفظون الدولة ومؤسساتها ؟ وكيف تستقيم دولة ليس فيها قضاء مكثّـف وعادل ومنتج وفعّـال؟؟
فطبقوا قول الإمام علي: “وافسح له في البذل ما يزيل علته وتقل معه حاجته الى الناس”