خاص الهديل –
في الوقت عينه يوجد ذات الاعتبار الهام لدولة الرئيس المكلف ولدولة رئيس تصريف الأعمال.
وبات مع الرئيس نجيب ميقاتي لا يمكن الفصل بين هذين الموقعين الرئاسيين. فالرئيس المكلف هو ضمانة لرئيس حكومة تصريف الأعمال، ودولة رئيس تكليف الأعمال هو ضمانة للرئيس المكلف .
المسألة هنا ليس ضمانة لشخص الرئيس الثالث السني، بل ضمانة لموقع الرئاسة الثالثة ولموقع دولة الرئيس المكلف..
لا يختلف اثنان في لبنان على انه خلال عهد الجنرال عون، وخاصة خلال الثلث الأخير من العهد، تم استهداف موقع الرئاسة الثالثة في لبنان ،سواء خلال مهمة مسيرة التكليف، او خلال مسيرة ترؤس الحكومة بعد التأليف .
ولقد فعل عون وباسيل ذلك لأسباب لم تعد خافية ، أبرزها أنهما ارادا الانتقام بمفعول رجعي من اتفاق الطائف الذي نقل السلطة من رئيس الجمهورية ووضعها داخل مجلس الوزراء مجتمعا.. وبنظر عون وباسيل، فإن الطائف سلب رئيس الجمهورية الماروني صلاحياته، وانه اذا كان ليس بالإمكان حاليا تغيير نصوص الطائف، واعادة عقارب الساعة الى ايام جمهورية ال ٤٣ ، فإنه يجدر تغيير مسار تطبيق الطائف داخل الدولة وداخل العلاقة بين الرئاسات الثلاث ، وذلك عن طريق فرض موازين قوى فيها عالب ومغلوب وكيدية سياسية ؛ وذلك توصلا الى لي ذراع مؤسسة الرئاسة الثالثة الحكومية وصلاحياتها ، كما يقرها الطائف.
ان اخطر الظواهر التي حصلت خلال عهد عون، تتمثل بأنه نفذ مناورات إفراغ الطائف من مضمونه ، وذلك عن طريق تجاوز توزيعة الصلاحيات التي يقوم عليها، وايضا عن طريق الاستنجاد بموازين القوى الطارئة لفرص تقاليد وسوابق تشوه نظام الطائف.. والهدف الأساس من ذلك للعهد العوني، هو ايصال البلد لازمة دستورية كبرى حتى يقال ان نظام الطائف هو ولادة ازمات دستورية، وولادة توترات بين الطوائف والمذاهب ، وانه صار وقت تغييره حتى يمكن اهادة انتاج حكم ودولة وسلطة في لبنان.
وثمة توقع حاليا بان يتقصد عون ان ينهي عهده بتفجير اكبر ازمة دستورية تتمثل بعدم خروجه من قصر بعبدا مع نهاية يوم ٣١ تشرين الاول ؛ والهدف الكبير من ذلك هو اخذ البلاد الى ” اشتباك دستوري” وليس فقط ” أزمة دستورية” ، توصلا للقول بان الطائف لم يعد يعمل، وانه حان وقت تغييره او تعديله..
لا شك أن هناك حاجة اليوم لاستعادة سوية عمل المؤسسات ضمن الطائف وتحت سقفه. فعهد عون خلق سوابق عديدة يجب التراجع عنها؛ وخلق نوع من الشرخ النفسي بين موقعي الرئاسة الأولى والرئاسة الثالثة ؛ واصبحت عمليات تشكيل الحكومات هي نوع من الصراع الروماني الدامي ، بدل ان تكون عملية تكامل وتفاعل إيجابي بين فخامة الرئيس ودولة الرئيس..
ان تجربة الحكومات مع عهد ميشال عون ، لم تكن ناجحة لا خلال تكليف الرؤساء ولا خلال تشكيل الحكومات الفعلية ولا حكومات تصريف الأعما.. . وكل المشكلة تقع في ان فخامة الرئيس لا يريد تطبيق روح الطائف، بل يريد اهانته، وخاصة فيما يتعلق بموقع الرئاسة الثالثة.
.. وما يحصل اليوم هو ان ميقاتي نجح في جعل موقع الرئيس المكلف، وموقع رئيس حكومة تصريف الاعمال، يتحصنان في مكان عصي على الكسر ، وبات التكليف يسير بحسب أصول الاقتراب من التأليف، وذلك وفق آلية ” دستور دولة الطائف” ، كما أن تصريف الاعمال الحكومية يسير حسب أصول “دستور دولة الطائف” ؛ وعدا ذلك ليس هناك سلطة لا على “موقع دولة الرئيس المكلف”، ولا على “موقع دولة رئيس تصريف الاعمال”، الا ما يقوله ويشرعه دستور ” دولة الطائف” …