كتب عوني الكعكي:
يبدو ان التاريخ يعيد نفسه.. أو كما يقول المثل الشعبي «يلي بيغيّر عادته بتقل سعادته».
فخامته يوم عيّنه الرئيس أمين الجميّل رئيساً لحكومة عسكرية لتحكم البلاد بعد انتهاء عهده، صعد الى قصر بعبدا وظلّ في القصر رافضاً أن يتخلى عنه أمام كل الضغوط التي تعرّض لها.
ولكن هناك لغة واحدة يفهمها ألا وهي طائرة «السوخوي السورية» التي حلقت فوق قصر بعبدا حيث ما إن رأى الجنرال «السوخوي» حتى فرّ هارباً بالبيجاما الى السفارة الفرنسية في مار تقلا تاركاً بناته الثلاث وزوجته، حتى جاء ايلي حبيقة واستلمهن من العميد علي ديب قائد القوات السورية الخاصة التي احتلت قصر بعبدا.
ما دفعني أن أكتب وأذكّر الناس بتاريخ الجنرال هو ما قاله فخامته البارحة لرئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم الذي قال نقلاً عن فخامته:
«أكد فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ضرورة تشكيل حكومة جديدة، في أسرع وقت.. مشيراً الى عدم جواز الاستمرار في تعطيل هذا الاستحقاق… خصوصاً وأنّ المصلحة الوطنية العليا تقتضي بأن يكون الانتظام في المؤسّسات الدستورية مؤمّناً والشراكة الوطنية مصانة، من خلال تشكيل الحكومة الجديدة أو من حيث انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا سيما وأنّ حكومة تصريف الأعمال لن تكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها على نحو كامل، في حال تعذّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية لأي سبب كان… وأشار الى انه لا يبدو الفراغ طبيعياً على مستوى السلطة التنفيذية غير المكتملة المواصفات وغير حائزة على ثقة مجلس النواب، وهي لن تتمكن من ملء فراغ على مستوى رئاسة الجمهورية».
في قراءة هادئة لهذا الكلام نستخلص الأمور التالية:
أولاً: يبدو أن فخامته مشغول البال حيال عدم تشكيل حكومة… وهنا نسأل فخامته: ماذا كان يعني عندما أجاب في إحدى المقابلات التلفزيونية «لعيون صهر الجنرال ما تتألف حكومة»، ولا نعلم لماذا أصبح اليوم حريصاً على تشكيل حكومة.. فما هذا التغيّر؟
بصراحة مَن يعرقل تشكيل الحكومة هو فخامته، إكراماً لصهره العزيز الذي يطالب بـ12 وزيراً.
ثانياً: يظن فخامته انه خارق الذكاء، إذ يرفض أي حكومة يشكلها الرئيس ميقاتي بحجة ان الحكومة التي أعطاه إياها الرئيس ميقاتي غير دستورية وغير ميثاقية…
طبعاً… اللعبة نفسها لعبها فخامته مع الرئيس سعد الحريري لمدة 13 شهراً.. لكن الرئيس الحريري تصرّف كما يتصرّف النبلاء… من موقع حرصه على الوطن، وليس حرصاً على مصالحه الخاصة أو مصلحة صهره..
ثالثاً: فخامته حريص على انتظام عمل المؤسّسات الدستورية… عجيب غريب كيف تغيّر فخامته حيث بقي لبنان لمدة سنتين ونصف السنة من دون انتخاب رئيس للجمهورية، لأنّ السيّد وضع شرطاً هو: «يا ميشال عون رئيس يا ما في رئاسة».
رابعاً: يتحدّث فخامته عن الشراكة الوطنية… وتاريخ فخامته للأسف مخيّب. إذ شنّ ثلاثة حروب دمّرت المناطق المسيحية وهجّر 300 ألف مواطن مسيحي للمرة الأولى في تاريخ لبنان.
خامساً: نسأل فخامته لو ان الرئيس ميقاتي لم يرفض مرسوم تجنيس 5000 مسيحي و300 علوي… فهل تصبح تشكيلة الحكومة التي قدّمها الرئيس الميقاتي إذذاك ميثاقية ودستورية؟
سادساً: يقول فخامته إنّ حكومة تصريف الأعمال لن تكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها على نحو كامل في حال تعذّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية لأي سبب كان…
نبدأ من تعذّر انتخاب رئيس جديد للجمهورية.. فماذا يعني هنا؟ هل يبشّر ان المجلس لن ينتخب رئيساً جديداً، وإذا كانت هذه المعلومة حقيقية فماذا فعل كي يساعد على حلّها بصفته رئيس البلاد والحريص على الدستور وانتظام المؤسّسات؟
فخامة الرئيس… من يعرقل تشكيل حكومة جديدة هو فخامتك بالاشتراك والتنسيق مع صهرك الصغير المدلّل، اما الحجج التي تتذرّع بها فهي غير موجودة في القانون، ولكن القانون بالنسبة لفخامتك مثل «المغيطة» تستعملها كما تريد وكيفما تريد.
أخيراً نبشّرك بأنه لا يمكنك أن تبقى ثانية واحدة بعد انتهاء عهدك… لأنّ ما فعلته بشعبك لم يفعله «هولاكو» ولا هتلر.. ومصيرك أنت تعلم الى أين؟؟
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*