خاص الهديل –
الأحداث الجارية في سوريا منذ ايام، توحي بخروج التفاوض في فيينا من ” مرحلة التهامس” بين الأميركي والايراني، الى “مرحلة الصراخ”.. فبايدن وجه علنا ، قبل يومين ، اوامره الى قيادة التحالف الدولي ( الاميركية ) في سورية، للقيام بشن هجمات عسكرية ضد مواقع في ريف دير الزور ، و قال الاعلام الأميركي ان هذه المواقع تابعة لإيران ..
.. وبالمقابل جرت هجمات على المنطقة التي تتمركز فيها القوات الاميركية في سورية، حيث قال الاعلام الغربي ان إيران تقف وراءها.
طبعا ، لا يمكن وصف هذه الاحداث بانها حرب بين بايدن وطهران، بل هي محاولة لرفع صوت التفاوض ، ونقله من داخل القاعات المغلقة الباردة الى تحت الضوء والشمس.. والهدف من ذلك بالنسبة لبايدن ، هو الايحاء لحلفاء أميركا، وخاصة لاسرائيل والعرب ، بأن توقيع إعادة العمل بالاتفاق النووي مع إيران، الذي قد يحصل قريبا، يتم تحت تهديد المطرقة الاميركية لنفوذ إيران في المنطقة، وليس لصالح هذا النفوذ .. وكذلك الحال بالنسبة لإيران التي تريد عبر هذه العمليات العسكرية ضد أميركا في سوريا ، القول بأن توقيع اتفاق فيينا، الذي قد يحصل قريبا، يتم تحت ضغط نشاط اذرع إيران ضد القوات الاميركية في المنطقة ، وليس على حساب هذه الاذرع .
اما في اسرائيل، فتركز حكومة يائير لابيد على قصف مخازن السلاح الايرانية الموجودة في الساحل السوري، حيث هناك توجد بكثافة القوات الروسية.. وليس واضحا ما إذا كانت تل ابيب تريد عبر غاراتها هذه على الساحل السوري، ايصال” رسالة ما ” لموسكو عن أنهما يشتركان بالضرر من اتفاق الرئيس بايدن مع الإمام خامنئي ، كون هذا الاتفاق سيؤدي الى جعل الغاز الإيراني يعوض أوروبا عن الغاز الروسي… او ما اذا كانت تل أبيب ترسل رسالة لواشنطن تقول ان توقيع الاتفاق النووي يظل ناقصا، الا اذا تصاحب مع توقيع اتفاق ضمان مصالح اسرائيل المهددة من إيران في المنطقة.
وكل هذا المعنى في الرسايل الإسرائيلية النارية في سورية ، يؤشر الى وجود احباط اسرائيلي من بايدن الذي انتقل الى تفاوض ساخن وتحت الشمس مع طهران من دون اصطحاب تل أبيب معه في هذا التفاوض..
وأكثر ما يقلق اسرائيل في هذه المرحلة هو عودة شبح أوباما صاحب نظرية توقيع اتفاق مع ايران، ليخيم على المكتب البيضاوي في واشنطن، حيث ان بايدن يكرر حاليا ما فعله اوباما من تجاهل انذاك لمطالب بنيامين نتنياهو خلال توقيع واشنطن للاتفاق النووي الأول مع طهران. فأول امس رفض،بايدن تلقي اتصالا هاتفيا من يائير لابيد لبحث التقدم الاخير الجاري في تفاوض فيينا، كما أن وزير الدفاع الأميركي رفض بدوره لقاء غانتس الذي يزور أميركا منذ يومين ، بحجة انه غير موجود حاليا في واشنطن.
وكل هذه المعطيات توضح امرين اثنين على كل دول المنطقة النظر إليهما بعناية :
الأمر الأول يتمثل بأن بايدن يعطي اولوية لاتفاق فيينا كونه على صلة بخططه لتعويض أوروبا عن الغاز الروسي؛ ذلك أن لا إسرائيل ولا غيرها من دول المنطقة قادرة على ان تقوم بهذه المهمة كما تستطيع إيران.
الأمر الثاني يتصل بأن بايدن يعتبر ان الصراع مع روسيا هو أكبر من كل الصراعات الأخرى الجارية في المنطقة ؛ فلذلك لن يلتفت بجدية لهذه الصراعات التي تشتمل على الصراع اللبناني – الاسرائيلي حول الحدود البحرية؛ والصراع العربي الإيراني حول حدود تدخل طهران في المنطقة؛ والصراع الايراني الاسرائيلي والسوري – السوري؛ الخ…