الهديل

خاص الهديل :ميشال عون ورؤساء الجمهورية بعد انقضاء عهودهم: الشعب ينتظر ” فؤاد شهاب الثاني” في قصر بعبدا ..

خاص الهديل:

في الدول الديمقراطية، لا يوجد بالعادة مشكلة “للسيد الرئيس” مع اليوم التالي، اي الذي يلي يوم انتهاء “ولاية حكومته” او “عهده الرئاسي”.. فقط في الدول الشمولية ودول الموز، حيث لا يوجد بالعادة واساسا، مصطلح اسمه اليوم التالي ليوم إنتهاء “ولاية السيد الرئيس “، هناك مشكلة ؛ ذلك ان زمام الحكم والرئاسة لصالح الرئيس في الدول الشمولية، يظل متصلا طالما انه على قيد الحياة، وحينما يحدث ان يكون هناك يوم تالي لانتهاء رئاسته، فهو يوم موته او اعتقاله او احالته للإقامة الجبرية.

.. وفي لبنان، حيث واقعه السياسي – ولا نقول نظامه السياسي- ، ليس شموليا بالمعنى الحرفي للكلمة، وليس ديمقراطيا بالمعنى الفعلي للمصطلح، فإن فخامة الرئيس فيه، يصل إلى اخر يوم من ولايته وهو لا يعرف كيف عليه ان يتصرف مع يومه الاخير في الحكم، ومع يومه الأول خارج الحكم.

طبعا هذا الحال لفخامة الرئيس في لبنان مع فترة وصوله لخريف الحكم، يختلف من شخصية رئيس لآخر. مثلا فؤاد شهاب الذي له منزلة خاصة من بين كل رؤساء جمهورية لبنان، جاء الى الرئاسة وهو مدني بامتياز، رغم انه رجل عسكري ، ولم يبق فيها يوما واحدا بعد انتهاء ولايته ، واعتكف ضد فكرة ان يتم التجديد له لولاية ثانية؛ بينما اميل لحود جاء الى الرئاسة عسكريا ، واعتكف في القصر الجمهورية ضد خروجه منه، فزاد على ولايته فترة تمديد كانت من اسوأ ايام حياته. 

والواقع ان الرؤساء العسكريين في لبنان ، بعضهم حكم البلد بروح مدنية، والكثير متهم وضعوا امثولة فؤاد شهاب نموذجا ناجحا، ووعدوا بان يحاولوا محاكاته.  

.. وفكرة ان يكون رئيس الجمهورية في لبنان من جذور عسكرية التي بدأت مع فؤاد شهاب، ولدت اولا على سرير اميركي وبوصفها فكرة اميركية، ثم صفق لها القوميون العرب الناصريون، ثم انقلب عليها السياسيون الموارنة اللبنانيون..

ويقول الصحافي اللامع ميشال ابو جودة ان السفير الأميركي في لبنان هو الذي أخبر حينها ريمون ادة بأنه قضي الأمر لصالح الإتيان بقائد الجيش فؤاد شهاب رئيسا للجمهورية، فتحفظ أدة، ليس لأن لديه ملاحظات على شهاب، بل لأنه أعتبر أن هذا الخيار سيشكل سابقة تضر بالديموقراطية اللبنانية، وتلحق لبنان بنادي الدول العربية المحكومة من جيوشها.

والحق يقال ان تجربة وصول رؤساء من الجيش في لبنان، لم تؤد إلى ما حذر منه ريمون ادة، حيث ان الجيش في لبنان لم يدخل مع الرؤساء الذين كانوا ضباطا فيه؛ الى قصر بعبدا، بينما الجيش في الدول العربية، هو الذي بجلس في القصور الرئاسية. 

.. وعلى هذا فإن تجربة فؤاد شهاب لم تكن بالجوهر سابقة دشنت لحكم العسكر في لبنان، بل كانت سابقة دشنت لبدء حكم الدولة في لبنان، وبدء بناء مؤسسات الدولة في لبنان ، وسابقة قدمت المثل الناصع عن فخامة الرئيس الشفاف الذي وفى بوعده وقسمه الدستوري، ووفي باحترامه للدستور. 

 ان تجربة فؤاد شهاب الناجحة – رغم وجود ملاحظات محقة عليها تتصل بدور ضباط المكتب الثاني خلالها- ؛ تقول للواقع اللبناني ثلاثة أمور اساسية: الأول أن بيئة الجيش في لبنان هي الأفضل لتقدم من لدنها شخصية تقود “الحل الديموقراطي” لازمات البلد السياسية، وتقود عملية ان تبني بشفافية مكان الخراب الناتج عن الفساد، مؤسسات للمواطن وللدولة.. والأمر الثاني الذي تقوله تجربة فؤاد شهاب الرئاسية ، هو ان ” الجيش في لبنان يحب ان لا يكون هو الحل للازمة السياسية “، بل نماذج فؤاد شهاب داخل الجيش يمكن ان يكونوا هم الحل في حال انتقلوا على صهوة حصان مدني ووفق الدستور من اليرزة إلى قصر بعبدا، وليس على عربة عسكرية محلية أو اقليمية، كما حصل مع ميشال عون ، حينما سلمه امين الجميل رئاسة الحكومة داخل قصر بعبدا، وكما حصل مع اميل لحود حينما إزاح الجيش السوري من أمامه عون من قصر بعبدا..

الأمر الثالث والاساسي الذي تقوله تجربة فؤاد شهاب الناصعة ، هو انه ليس صحيحا أن لبنان تعب من تجربة الرؤساء الذين يأتون من صفوف الجيش إلى قصر بعبدا، بل من يحق له ان يتعب هو الجيش الذي يتحمل اعباء حماية امن البلد من استتباعات نتائج فساد السياسيين على الامن الاجتماعي والوطني ، ومن تعب هو الشعب الذي طال انتظاره كي يرى فؤاد شهاب ٢ في قصر بعبدا.. .

..كي يرى الشعب في قصر بعبدا فؤاد شهاب ٢ مجرب وتم اختبار شفافيته وتضحيته ونجاحه في حفظ المؤسسة الوطنية ، خلال قيادته للجيش ..

Exit mobile version