الهديل

خاص الهديل – مقتدى الصدر بعد اعتزاله: ” يا وحدي” !!

خاص الهديل-

انتهى مشهد في قصة مقتدى الصدر العراقي، ولم تنته فصول كل قصة مقتدى الصدر في العراق. 

فهذه ليست المرة الأولى التي يعتكف فيها او حتى يعتزل فيها مقتدى الصدر السياسة ؛ ثم يعود لنشاطه السياسي من أوسع الأبواب.. وايصا هذه ليست اول مرة التي تتمرد فيها عائلة الصدر على الجهة الدينية والسياسية المتصدرة على شيعة العراق. فالسيد محمد محمد الصدر والد السيد مقتدى الصدر، واجه صدام حسين حتى الشهادة، وقد سفه موقف مرجعية العراق الشيعية من مهادنة صدام بحجة التقيد بشعار ” الحفاظ على الموجود”، واطلق على أصحاب هذا الشعار تسمية ” المرجعية النائمة “، بمقابل انه اطلق على مرجعيته ( مرجعية ال الصدر) تسمية “المرجعية القائمة “. وعليه فإن أل الصدر في العراق الحديث هم ” أكبر من حزب ومن تيار ومن حتى جبهة ” ، وأقل من “ملكية شعبية هادرة “

.. ولكن الى جانب بركان ال الصدر في العراق ، يوجد ايضا اعتمال البركان العراقي ذاته. وكل القصة هنا ، هي ان العراق بعد غزو الاميركيين له ، دخل في مخاض عميق وطويل، لا يمكن حتى الآن معرفة كيف ستكون نهايته، ولا الى أين سيأخذ هذا المخاض العراق ، ولا كيف سيؤثر هذا المخاض العراقي على الإقليم ودوله؟؟ . 

والمقصود هنا بمصطلح ” المخاض العراقي” ، هو ان العراق يعيش منذ سنوات تفاعلات و” انفعالات” محاولات انتاج نظامه الجديد، ويعيش بنفس الوقت صراعات إنتاج دوره داخل محيطه الاقليمي، ويعيش من جهة ثالثة، صعوبات امتصاص تأثيرات أحوال وصراعات الاقليم عليه، وذلك بعد ان كان الاقليم هو الذي يعيش تأثيرات ثقل مركز العراق عليه. 

وداخل هذه المعادلات، يعبر مصطفى الكاظمي عن محاولة العراق للتكيف مع تأثيرات صراعات الاقليم عليه، فيما يعبر مقتدى الصدر ولو بالشكل؛ عن محاولات إعادة إنتاج العراق كدولة ذات سيادة وقوية داخليا واقليميا. 

غير ان هناك المزيد من الفوارق بين الكاظمي والصدر ، فالاخير لا يمكن اعتباره بديلا مدنيا لوجه العراق السياسي، رغم انه بديل شعبي هادر.. فيما الكاظمي ليس بديلا شعبيا، ولكن لديه ملامح الدولة العميقة الهادئة .. ويقع الفرق بينهما ايصا في ان الكاظمي ” ليس زعيما” ، ولكنه “سياسي محنك” و “سياسي صبور ” و شخصية ” أمنية” تعلمت بسرعة “الحرفة الإستخباراتية”، بينما مقتدى الصدر هو ” زعيم كبير ” ، ولكنه ليس “سياسيا محنكا ولا صبورا “وليس له في ” حرفة الأمن والاستخبارات ” باع لا طويل ولا قصير.. 

ورغم الفوارق بينهما؛ الا ان الرجلين يعتبران أن لهما وزنا نوعيا داخل العملية السياسية العراقية حينما تبدأ ، وضمن عملية ترتيب وضع العراق داخل بيته الإقليمية، عندما يحين الوقت.

.. ولكن مشكلة مقتدى الصدر تكمن في ان حجم زعامته، هي أكبر بكثير من حجم خبرته أو حنكته السياسية او “صبره الاستراتيجي” ، تماما كما أن مشكلة الكاظمي تكمن في أن ” مواهبة السياسية والامنية” ، أوسع طموحا بكثير من حجم تمثيله السياسي الداخلي العراقي. 

والسؤال الذي يشغل الآن بال المعنيين بالعراق، وهؤلاء تقريبا هم ثلاثة ارباع العالم ، هو لماذا قرر مقتدى الصدر اعتزال السياسة رغم انه الاقوى شعبيا في العراق، ولماذا علق نشاط كل مؤسساته علما انها الأكثر حيوية في بلاد الرافدين؟؟.

لقد أجاب مقتدى الصدر عن نصف هذا السؤال، حينما قال في بيان اعتزاله انه ” يسأل مناصريه أن يهدونه الفاتحة في حال موته او قتله” . و يلمح الصدر هنا إلى أن خصومه ما عادوا يتحملون معارضته، وأنهم وصلوا للحظة اخذ القرار بالتخلص منه، وهم قادرون محليا ودوليا واقليميا ، على فعل ذلك . 

أما النصف الآخر من الجواب على ذات هذا السؤال ( ” لماذا اعتزل مقتدى الصدر؟؟” ) ، فهو موجود لدى ادارة بايدن التي كان لافتا خلال أزمة العراق الأخيرة، موقفها المتسم باهمال الحدث العراقي. 

 باختصار ، هناك في واشنطن وجهتا نظر بخصوص العراق : الأول يقول بها جماعة مراكز الابحاث ومفادها انه يجب السعي لتقوية العراق وجعله نقطة توازن في إقليمه، ليقف سدا بوجه إيران في المنطقة. اما وجهة النظر اللثانية وهي الغالية، فيقول بعا بايدن، ومفادها انه لا يجب النظر الى العراق بوصفه دولة وبلدا قويا؛ بل كساحة يحب النظر إليها من شرفة وضع الاقليم ككل..

.. وتقول نظرية بايدن ان الطريقة المثلى لتقليم اظافر إيران في إقليمها، هي في توقيع اتفاق معها على أبقائها غير نووية.. وهذا يعني ان بايدن ينظر للعراق وبضمنه مقتدى، من شرفة حاجته إلى توقيع اتفاق فيينا مع إيران. 

في مسيرات مواسم عزاء عاشوراء في العراق ؛ يرفع المومنون الشيعة شعارا كبيرا يقول ” يا وحدي”، وذلك في إشارة إلى تخلي الجميع عن الإمام الحسين في كربلاء … ومقتدى الصدر في لحظته الراهنة يسير إلى اعتزاله السياسي، وهو يرفع شعار ” يا وحدي” …

Exit mobile version