الهديل

كشف مؤامرة رابعة على رياض سلامة أبطالها البنك الدولي وشركاء النظام

 

 

كتب عوني الكعكي:

من هو نديم شحادة… إنه اقتصادي لبناني وباحث مشترك حول شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى المعهد الملكي للشؤون الدولية «شاتهام هاوس».

وقبل أن نبدأ، بما جاء في تقرير الخبير الاقتصادي الاستاذ نديم شحادة… لا بد من الإشارة الى أنّ المؤامرات على حاكم مصرف لبنان من قِبَل فخامة الرئيس وصهره العزيز الصغير، ومجموعة كبيرة من جماعته لم تتوقف يوماً، فقد قاموا بتسريب الكثير من الشائعات والمؤامرات، ولعبوا أدواراً مختلفة، واخترعوا قصصاً وروايات للإساءة لحاكم مصرف لبنان..

والجدير ذكره هنا أنّ فخامته بدل أن يحتضن الحاكم ويعمل معه على إنقاذ القطاع المصرفي، الذي هو في الحقيقة القطاع الوحيد الناجح في لبنان إضافة الى التعليم والمستشفيات والجامعات… فإننا كنا نرى، في كل مقابلة أو حديث صحافي، يعمد فخامته الى التصويب والإساءة الى حاكم مصرف لبنان.. فبدل التنسيق والتعاون مع الحاكم، خاصة وأنّ فخامته يعلم تماماً، وفي قرارة نفسه، ان سلامة هو الوحيد القادر على إنقاذ هذا القطاع (المصرفي)، إذ يكفي أنه تسلم هذا القطاع عام 1993، وكان في المصارف اللبنانية كلها -يومذاك- 4 مليارات دولار كودائع… وبحكمة الحاكم وذكائه وفطنته وعمله الدائب ارتفع الرقم الى 200 مليار دولار عام 2019، قبل المؤامرة الكبرى التي بدأت بالامتناع عن سداد سندات اليورو بوند.

بدأت المؤامرات تحاك على سلامة، بدءاً باتهامه بالإثراء غير المشروع… لكن الحاكم أكد بثبات أنّ الأموال العامة لم تكن أبداً مصدراً لثروته، نافياً اتهام القاضية عون له بالإثراء غير المشروع.

ولنبدأ مسلسل الاتهامات والمؤامرات على رياض سلامة:

أولاً: اتهامات وجهها مدير عام سابق لعدة سنوات وكان دائم الحضور الى جانب الحاكم في كل جلسات المجلس المركزي.

ثانياً: مؤامرة ضد الحاكم انفضحت من خلال شركة كريستال غروب في ليون، حيث تقدّم الحاكم من المحكمة بدعوى افتراء وتزوير، وقد تبيّـن أنّ الحاكم كان بريئاً من التهمة.

ثالثاً: فضيحة كانت عبارة عن كتاب من محاميين اعترفا بتركيب ملف ضد رياض سلامة هما المحامية زينة واكيم والمحامي وليد سنو اللذان يعملان في سويسرا وأسّسا جمعية تسمّى «Accountability now» أي «المحاسبة الآن»… وفي النهاية اعترف المحاميان بتركيب التهم على الحاكم ووجها رسائل اعتذار مع الاعتراف بالتعدّي الذي حصل منهما ضد الحاكم.

واستمر مسلسل الاتهامات المحبوكة بدقة لكن كل محاولات المزوّرين باءت بالفشل.

ونعود الى كلام الباحث نديم شحادة الذي اعتبر فيه أنّ البنك الدولي مسؤول عن مخطط بونزي.. يعني التمويل الاحتيالي على طريقة تشارلز بونزي Ponzi Finance، المحتال الاميركي من أصل إيطالي وهي الفضيحة الرابعة والجديدة ضد سلامة… فإنّ هذا التمويل يعتمد على جذب المستثمرين عبر تقديم الوعود بتحقيق عائدات أكبر من دون مخاطرة.. لكنه في واقع الأمر يستخدم أموال المستثمرين الجدد لدفع مستحقات المستثمرين السابقين من أجل كسب ثقتهم.

وأكد شحادة أنّ اللبنانيين كانوا ضحية مخطط بونزي هذا، وقد ساهم في إعداده كل من شربل نحاس وآلان بيفاني. وأشار مقال شحادة الى «أنّ نحاس الذي شغل مرّتين مناصب وزارية نيابية عن التيار الوطني الحر، في حكومتين متتاليتين: فكان وزيراً للاتصالات بين تشرين الثاني 2009 وحزيران 2011، ووزيراً للعمل من حزيران 2011 الى شباط 2012، ذكّر الرئيس عون الذي اختلف معه لاحقاً، كيف عقد (نحاس) في عام 2011 اجتماعات مع بيفاني والنائب إبراهيم كنعان وجبران باسيل زعيم التيار الوطني الحر اليوم، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ووافق على «نسف» النظام».

وقال شحادة إنّ «عضو فريق صياغة التقرير آلان بيفاني كان مديراً عامّاً لوزارة الماليّة لمدّة 20 عاماً حتى استقال في عام 2019، وكان أيضاً عضواً في مجلس إدارة المصرف المركزي، ورأس وحدة إدارة الديون الحكومية في وزارة الماليّة عند إنشائها في عام 2008. وهو من وقّع على جميع الموازنات ومعاملات الديون، وكان المسؤول الأعلى مرتبة من منظور كلّ من وزارة المالية والمصرف المركزي، ولديه معرفة كاملة بالعمليات المالية والنقدية. ولذلك لا يمكن بأيّ طريقة اعتباره مراقباً».

وتساءل شحادة: لقد تبنّى البنك الدولي أفكار التيار الوطني الحر. وسأل: «تخيّلوا الفضيحة لو ان البنك الدولي تبنّى حزباً سياسياً في أيّ بلد آخر غير لبنان وزوّده بالموارد والدعم، فضلاً عن موافقته وصدقية دعمه المؤسّسي لإنتاج برنامجه السياسي الخاص».

وقال: «إذا أراد البنك الدولي تطبيق مبدأ الحياد والإنصاف، فسيتعيّـن عليه أن يفعل ذلك في دول أخرى في المنطقة، مثل تركيا أو سوريا أو العراق أو اليمن. وستكون معايير اختيار الاطراف التي سيتم دعمها مثيرة للاهتمام. بل في الواقع سيكون انقلاباً كبيراً إذا تمكّن السياسيون الغربيون المتطرّفون مثل بيرني ساندرز في الولايات المتحدة الاميركية او جيريمي كوربين في المملكة المتحدة من إقناع البنك الدولي بأن يلقي بثقله وراء مسارهم السياسي. هذان الرجلان، مثل نحاس، يتمتّعان بشخصية كاريزمية جذّابة بين جيل الألفية. بل ذهب نحاس الى أبعد من ذلك: فقد طلب علناً من السيد حسن نصرالله، الامين العام لحزب الله، تسليم السلطة إليه وإلى حزبه، وأن يرعاه ويكفل مناصرته كحاكم موقّت للبلاد حتى يتمكّن من إصلاحه… لم يُخْدَع نصرالله بذلك ولا الناخبون في عام 2018، لكن من الواضح أنّ البنك الدولي فعل ذلك».

كاتب المقال اعتبر: أنّ الاستنتاجات التحليلية وتوصيات السياسة الواردة في التقرير الشهير يتعارض بعضها مع البعض الآخر، وإنّه إذا كان صحيحاً وكان هناك «مخطط بونزي» و»ركود متعمّد»، فإنّ البنك الدولي كان شريكاً نشطاً في كلتا الحالتين ويتحمّل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن النتائج.

ووصف الكتاب التقرير بأنّه «متحيّز» ويسيء الى لبنان والبنك الدولي نفسه، وسأل عن دور البنك الدولي على مدار الثلاثين عاماً الماضية في دعم السياسات الضارّة التي ينتقدها.

وذكّر بأنّه «قبل ثلاث سنوات تقريباً من اندلاع الأزمة الحالية، كان إصدار البنك الدولي في خريف 2016 للمرصد الاقتصادي للبنان مليئاً بالثناء لما وصفه بالسياسات الاستباقية الفاعلة لمصرف لبنان، البنك المركزي في البلاد». وقال: «قدّم البنك الدولي ومؤسّسة التمويل الدولية قروضاً ومنحاً، فضلاً عن الدعم الفنّي للبرامج والإجراءات التي قال التقرير «إنّها أدّت عمداً» الى نتائج كارثية». غير أنّ «ما يبدو أكثر إثارة للحيرة بشأن التقرير، في رأي شحادة، هو استخدامه «لهجة الناشطين واللغة الشعبوية، وهو ما يمثّل انحرافاً جذرياً عن المصطلحات الجافة والروبوتية المعتادة للبيروقراطية في واشنطن. فمنذ متى يبدأ تقرير البنك الدولي بـ»رسالة الى اللبنانيين» يبلغهم فيها أنّ خسارة مدخراتهم كانت نتيجة إجراءات مدروسة نفّذها النظام القائم بقصد إفقارهم».

واستطرد الكاتب ساخراً: «يبدو أنّ مؤلّفي التقرير سعداء بشعارهم «الركود المتعمّد» وكرّروه عدّة مرّات في المقدمة بخط مائل للتأكيد عليه بل إنّ العنوان «Ponzi Finance» (تمويل بونزي)، هو في حدّ ذاته إثاريّ للغاية وغير مسؤول، إن لم يكن متعالياً».

 

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version