خاص الهديل:
لم تكن الاخبار الواردة ليلة أمس من الاعلام العبري، تدعو للتفاؤل بخصوص إمكانية أن ” تقطع الأمور” في شهر أيلول المقبل، من دون حدوث صدام عسكري بين اسرائيل ولبنان، او أقله من دون حدوث تعثر كبير في استئناف التفاوض غير المباشر بين تل ابيب وبيروت في الناقورة، أو عبر جولات هوكشتاين المكوكية.
ويمكن هنا إدراج ثلاثة نماذج من الأخبار السيئة للبنان التي تناولها اعلام العدو الاسرائيلي ليلة أمس ، بوصفها ” اخر طبعة” عن تطورات ” نشرة الموقف الاسرائيلي” من ملف التفاوض البحري مع لبنان الذي هناك انتظار كبير لمعرفة ما إذا كان سيتفاغل انفراجا أو تصعيدا مع بدء شهر أيلول.
النموذج الأول هو عبارة عن خبر نشرته جريدة هأرتس، وجاء فبه أن ” المساحة التي تبلغ ٨٦٠ كلم ( اي الخط ٢٣) ، والتي هي المنطقة البحرية ، تعتبرها تل ابيب جزء من الأراضي السيادية لدولة اسرائيل (…) ؛ وعليه فإن التنازل عن هذه المساحة من قبل الحكومة الإسرائيلية كحزء من الاتفاقية التي يتم تشكيلها مع لبنان ، يعتبر تنازلا ضخما”؛ اي صعب التحقق.
هذا الخبر ينقل اخر مناخ عن الجو العام في إسرائيل الذي يعتبر ان تنازل تل ابيب عن منطقة ال ٨٦٠ كلم ، اي الخط ٢٣ ، يعتبر أمرا صعبا للغاية ايديولوجيا وسياسيا، و ايضا – وهنا الأهم – غير ممكن تحقيقه لأسباب تتعلق بأن غالبية الأحزاب التي تتشكل منها منظومة البرلمان الاسرائيلي ( الكنيست )، لا توافق على التنازل عن ” ارض اسرائيلية” بمساحة ٨٦٠ كلم..
كيف .. ولماذا ؟ وهنا الخبر الثاني السيئ للبنان !!.
يتبرع تقرير لمعهد أبحاث الأمن القومي الاسرائيلي تداوله الاعلام العبري أمس الإجابة عن سؤالي الاستعلام ” كيف ؟ ولماذا” سيكون صعبا تمرير صفقة أو تسوية تنازل اسرائيل عن منطقة ال ٨٦٠ كلم؟؟.
يقول التقرير ما حرفيته ” برزت في الساعات الأخيرة صعوبات كبيرة حول إمكانية التوصل إلى إتفاق تسوية مع لبنان .. حيث عارض مسؤولون أحزاب المعارضة إمكانية توقيع الاتفاقية وإمكانية التنازل عن أراضٍ إسرائيلية لا يحق لحكومة “تسيير أو تصريف للأعمال” بقيادة لابيد أن تأخذ قرار كهذا ” ..
يصيف تقرير مركز ابحاث الأمن القومي الاسرائيلي ” لقد طالبت أحزاب المعارضة بعرض الإتفاقية للتصويت على أعضاء الكنيست وحتى يتم التوقيع عليها يجب أن يوافق عليها 80 عضوا في الكنيست”، وهو عدد من الصعب تجميعه!!
.. الى هنا ، ظهر بوضوح، أن تل ابيب عبر إعلامها قالت ليلة أمس امرين اثنين أساسيين لهوكستاين ولبيروت .. الأمر الأول مفاده أن منطقة ال ٨٦٠ كلم لها “رمزية وطنية سيادية وايديولوجية إسرائيلية” يصعب تجاهلها .
والأمر الثاني الذي قالته اسرائيل أمس هو انه حتى لو ان لابيد قرر لأسبابه تجاهل الموضوع السيادي والايديولوجي للمنطقة ٨٦٠ كلم ، وتنازل عنها – ودائما بحسب المنطق الاسرائيلي- للبنان ، فإن هذا التنازل لن يمر في الكنيست، لأنه حنى يصبح قانونا فإنه يحتاج لموافقة ٨٠ نائبا عليه، وهو امر غير متوفر للابيد !!.
أما الخبر الثالث الوارد من اسرائيل أمس، والمكمل لسياق نشرة حال الترسيم البحري في اخر طبعة اخبار إسرائيلية عنه، فمصدره ايضا معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي، وجاء فيه أن يجب ” تذكير
الحكومة الإسرائيلية بضرورة عدم الإستهتار بتهديدات حزب الله ” .. ويلفت خبر المعهد الى ” أن الجيش الإسرائيلي يستعد لتأمين منصة الغاز في حقل كاريش عند البدء باستخراج الغاز، متخذاً كل الاحتياطات المناسبة ذات الصلة بكبح تهديدات حزب الله”..
ما يبدو ملفتا هنا هو ان إسرائيل سربت أمس عبر غير جهة اعلامية ، ولو بشكل متقطع، كل قصة السيناريو الحتمي الحدوث خلال الايام المقبلة بخصوص ملف الترسيم البحري، وبضمنه ملف كاريش واستخراجها للغاز منه.
ولا يجب هنا إهمال ان توقيت نشر هذا السيناريو يأتي عشية توقع وصول هوكشتاين لبيروت وتل ابيب .
ويبقى ضمن هذا السيناريو خبرا رابعا سربته صحيفة إسرائيلية أمس ايضا؛ وهو أقل سوءا؛ وقد يكون “القطبة المخفية” للحل .. يقول هذا الخبر أن قرار تأجيل استخراج الغاز في كاريش يعود للسفينة اليونانية، وليس لحكومة لابيد .. قد يؤشر هذا الخبر الى الاخراج الذي سيتم اعتماده، لإنزال كل من لابيد وحزب الله معا عن الشجرة ؛ توصلا لمنع الصدام بين اسرائيل ولبنان!!..