الهديل

خاص الهديل :” الإعتزال السياسي” من سعد الحريري في لبنان الى مقتدى الصدر في العراق!!

خاص الهديل:

هناك تشابه بين أحداث لبنان وأحداث العراق لحد محير وكبير ؛ ومنذ عقد خمسينات القرن الماضي حتى الآن، هناك سلسلة من النخب اللبنانية والعراقية ، تعتقد بأن ما يحدث في العراق يحدث في لبنان، ولو بظروف مختلفة، وبإسماء مغايرة؛ و التشابه هنا أساسه تشابه التوازنات قبل تشابه الأحداث بين بلد الأرز الصغير ذي الرسالة الثقافية، وبلد الرافدين الكبير ذي الرسالة الحضارية. 

وخلال العقد الماضي، عندما أسقط الاميركيون صدام حسين، تحدث العراقيون عن اخطار ” لبننة العراق” ( الحرب الأهلية ).. وبعد إغتيال رفيق الحريري تحدث اللبنانيون عن خطر ” عرقنة لبنان” ( الفتنة المذهبية الشيعية – السنية). .

وفي كل مرة يتناقص فيها اعداد مسيحيي العراق يضع بابا الفاتيكان يده على قلبه، خوفا على مسيحيي لبنان. 

والواقع ان هناك قناعة تقول ان “عواصف الأحداث” في كل من العراق ولبنان، تنتمي لذات المناخ الإقليمي والدولي؛ و أنه بمثلما ان العراق هو” بلد بخلفيات وساحات مختلفة”، فإن “لبنان هو منزل ببيوت كثيرة” كما يقول المؤرخ صليبا.  

لقد بدأ “الحراك المدني العراقي” تقريبا في وقت واحد مع “الحراك المدني اللبناني “.

..وهناك في العراق كما هنا في لبنان ، جرت انتخابات نيابية أدت إلى أزمة سياسية داخلية حادة ، بدل ان تؤدي إلى إعادة إنتاج السلطة .

وفي لبنان، كان الحدث الذي لعب دور نجم الانتخابات النيابية، هو اعتزال سعد الحريري الانتخابات و العمل السياسي ، وذلك تحت عنوان أن الإنتخابات لن تستطيع تغيير واقع ان الدولة مصادرة في لبنان. وفي العراق كان نجم الانتخابات ونتائجها ، هو اعتزال مقتدي الصدر السياسة وانسحاب نوابه من غالبية مقاعد البرلمان التي حصل عليها التيار الصدري في الانتخابات. 

وكما أن إعتزال الحريري السياسة وخوض الإنتخابات في لبنان، جرى بفعل أن الإنتخابات في ظروف لبنان لن توصل – كما قال – إلا الى شرعنة واقع الهيمنة على الدولة من قبل حزب الله ، فإن مقتدى الصدر ترك أغلبيته البرلمانية وأعلن اعتزاله لانه – كما قال علانية ثم تلميحا- حاول أن يستعمل اغلبيته البرلمانية لتحرير الدولة من هيمنة الحشد الشعبي، ولكنه فشل؛ فقرر اعتزال السياسة .. 

إن “و صفة علاج إنسداد الأفق السياسي بالاعتزال السياسي” ، كبديل عن التسليم والاستسلام لقوة الأمر الواقع وشرعنتها، هو ما يجمع بين مقتدى الصدر العراقي وسعد الحريري اللبناني؛ رغم ان الرجلين لم يتعارفا، ولا يوجد بينهما من السمات الشخصية المشتركة سوى أنهما ينتميان لبلدين تتشابه التوازنات فيهما، فيؤدي ذلك الى تشابه احداثهما وتطابق ادوار شخصياتهما الرئيسة.  

والواقع ان اعتزال الحريري، يوجد له في لبنان، المعنى السياسي نفسه، لإعتزال مقتدى الصدر في العراق؛ فكلاهما قوة تمثيلية وازنة داخل طائفتيهما؛ وكلاهما يمثلان المعنى العربي في بلديهما، بوجه تحديات غير عربية؛ وكلاهما قوة سياسية تتكأ عليهما تحالفات التسويات الداخلية أو انفراطها. ولهذا كان طبيعيا ان يشهد العراق بعد اعلان الصدر اعتزاله السياسي ومقاطعة البرلمان، نفس حالة الارباك السياسي التي شهدها لبنان بعد اعلان الحريري اعتزال السياسي والبرلماني.

..وضمن منطق أن الشيئ بالشيئ يذكر، فإن إعتزال الحريري والصدر يشي بأمر اساسي، وهو أنه لا إمكانية لتسويات داخلية لا في العراق ولا في لبنان ، ذلك أن الداخل في كل من بلد الأرز وبلد الرافدين، مسدود الأفق، فيما الخارج يؤدي لعبة تأمين مصالحه ضمن معادلاته، وذلك على حساب مصالح البلدين ..

Exit mobile version