الهديل

سيف العقوبات على المسؤولين مجدداً.. مَن التالي؟

في شهر آب 2020 وفي اعقاب انفجار مرفأ بيروت، حذر وزير الخارجية الفرنسي آنذاك، جان إيف لودريان، من “زوال دولة لبنان” على خلفية ممارسات سياسييها، مطالبا السلطات اللبنانية بسرعة التحرك لتشكيل حكومة جديدة. اعقب التصريح اكثر من زيارة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت حث خلالها المسؤولين على اجراء الاصلاحات بعدما عجز عن اقناعهم بالتنحي عن المسرح السياسي، لمصلحة فريق سياسي انقاذي جديد، الا ان اي اصلاح لم يتحقق ولا تغير الطاقم السياسي وقد اعادت الانتخابات النيابية انتاجه.

 

بعد عامين بالتمام، وفي ظل انهيار كارثي لم تشهد له البلاد مثيلا، اعادت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا في خطاب لمناسبة ختام اجتماع السفيرات والسفراء الفرنسيين المعتمدين امس، التحذير من هشاشة الوضع اللبناني المنهك ودعت المسؤولين الى اتخاذ القرارات الحاسمة للاصلاح ومن اجل العدالة وطالبتهم بالتوافق فيما بينهم وبين اللبنانيين، مشيرة الى ان فرنسا ستستخدم نفوذها لوقف الاهمال والتعسف. فماذا يعني استخدام النفوذ الفرنسي وكيف يُترجم لبنانيا؟

 

في بعض الاوساط الدبلوماسية المطلّعة على واقع الحال اللبناني، عاد الحديث بقوة عن دفعة عقوبات جديدة تعدّها الدوائر المعنية في الولايات المتحدة الاميركية واوروبا على عدد من المسؤولين السياسيين الذين تعتبرهم متهمين بعرقلة الاستحقاقات الدستورية، سواء بالنسبة الى تشكيل الحكومة العصيّة على التأليف حتى الساعة، بفعل المناكفات والكيدية المتحكمة بمواقف المعنيين وحُزم الشروط والمطالب المفروضة، وكأن البلد في احسن حال، او بالنسبة الى الاستحقاق الرئاسي الذي بدأت تباشير عدم انجازه تلوح بقوة مبشّرة بفراغ قاتل، لن تتحمله الدولة المنهكة، اذ في حال بات امرا واقعا بعد 31 تشرين الاول، فإن الساحة ستكون مشرّعة على فوضى امنية بعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وحينها لن ينفع الندم. وليس دفع حزب الله بقوة نحو انجاز التأليف سوى الدليل الى قلقه من الفراغ الرئاسي في ضوء مواقف حليفه التيار الوطني الحر المنذرة بمواجهة، في ما لو نفذ “تهديده” بعدم تسليم السلطة الى حكومة تصريف اعمال.

وتبلغ الاوساط اياها “المركزية” ان مسؤولا غربيا قال امامه، “لا يعتقدنّ احد ان سبحة العقوبات التي فرضت على مسؤولين لبنانيين، توقفت او انها لن تطال آخرين، فحبلها على الجرّار وستطال بعد اليوم كل من يتحمل مسؤولية عرقلة تطبيق الدستور وتعطيل الحياة السياسية الديموقراطية في لبنان، وستعاينونها بأم العين اذا فشلت الطبقة الحاكمة في تشكيل حكومة وانتخاب رئيس جديد “.

 

ويضيف المسؤول الغربي “ان احدا لم يعد يستوعب مدى لامبالاة المنظومة اللبنانية الحاكمة بأحوال الدولة والشعب،ولا بالطريقة التي يتعاطى بها بعض المسؤولين مع استحقاقات وطنية مصيرية في مرحلة هي الاخطر والادّق في تاريخ لبنان”. وببالغ الاستغراب يسأل “عن الاجتهادات والتفسيرات الدستورية التي يستند اليها البعض لتجاوزروحية ونص الدستور وشرعنة حال الفراغ عوض ان يبادر المجلس النيابي منذ اليوم الاول لدخول المهلة الدستورية الى انجاز مهمة انتخاب رئيس المنوطة به حصرا، كما عن فذلكات وسيناريوهات يضخها آخرون، في شأن بقاء الرئيس ميشال عون في بعبدا لانه لن يسلم حكومة تصريف اعمال. فهل هذا منطق رجال دولة؟ وبأي حق يتصرف هؤلاء وكأن لبنان شركة خاصة يتولون رئاسة مجلس ادارتها؟

ويذّكر ختاما بوجوب التزام النص الدستوري واحترام التزاماته، فلا بقاء للرئيس بعد انتهاء ولايته ولا سحب لتكليف الرئيس نجيب ميقاتي ولا لحكومات انتقالية. شأن يدركه الرئيس عون تماما وليس في وارد الخروج عن الالتزام بقسمه، يختم المسؤول الغربي، لان التداعيات ستكون وخيمة على اكثر من مستوى

Exit mobile version