قلّصت روسيا التدفقات عبر خط الأنابيب “نورد ستريم1” الذي ينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا، إلى 40% في حزيران و20% في تموز. وقطعت أيضاً الإمدادات عن عدة دول أوروبية مثل بلغاريا والدانمارك وفنلندا وهولندا وبولندا، وخفّضت التدفقات عبر خطوط أنابيب أخرى منذ بدء حربها على أوكرانيا، فما البدائل المتاحة أمام أوروبا إذا انقطعت إمدادات الغاز الروسي؟
في العادة، تزود روسيا أوروبا بنحو 40% من احتياجاتها من الغاز، معظمها عبر خطوط أنابيب. وبلغت الإمدادات في العام الماضي نحو 155 مليار متر مكعب، ويصل الغاز الروسي إلى النمسا وإيطاليا وسلوفاكيا ودول أخرى في أوروبا الشرقية عن طريق أوكرانيا.
وأغلقت أوكرانيا خط الأنابيب سوخرانوفكا الذي يمر في الأراضي التي سيطرت عليها روسيا في الشرق، مما جعل الدول الأوروبية تبحث عن إمدادات بديلة، ويشمل ذلك بعض الغاز الروسي الذي أوقفت موسكو ضخه بعد رفض طلبها دفع الثمن بالروبل.
وأعلنت شركة غازبروم الروسية، أمس الجمعة، أن خط “نورد ستريم1” الذي ينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا سيخضع لمزيد من أعمال الصيانة، وذلك قبل يوم من حلول أجل استئناف تدفقات الغاز الطبيعي من هذا الخط، الأمر الذي يعمّق المصاعب الأوروبية للحصول على الغاز الروسي قبل بداية فصل الشتاء. وألقى الكرملين باللوم على العقوبات الغربية في التأخير في عودة معدات خاصة بالخط أرسلت إلى كندا للصيانة.
يمر خط يامال-أوروبا عبر روسيا البيضاء (بيلاروسيا) وبولندا إلى ألمانيا وتبلغ طاقته 33 مليار متر مكعب، أي نحو سُدس صادرات الغاز الطبيعي الروسية لأوروبا، وتم منذ بداية العام الجاري عكس التدفقات لتكون إلى الشرق بين ألمانيا وبولندا، لكن موسكو فرضت عقوبات على مالك الجزء البولندي من الخط، ومع ذلك قال وزير المناخ البولندي إن بإمكان بلاده استخدام الخط دون عكس تدفق الغاز.
بعض البلدان لديها خيارات إمداد بديلة وشبكة غاز أوروبية متصلة ببعضها بحيث يمكن تقاسم الإمدادات، فالنرويج، ثاني أكبر مورد للغاز في أوروبا بعد روسيا، تعمل مثلا على زيادة الإنتاج لمساعدة الاتحاد الأوروبي في تحقيق هدفه المتمثل في إنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027.
وأبرمت شركة سنتريكا البريطانية اتفاقا مع شركة إكوينور النرويجية لزيادة الإمدادات في فصول الشتاء الثلاثة المقبلة.
ولا تعتمد بريطانيا على الغاز الروسي ويمكنها أيضا التصدير إلى أوروبا عبر خطوط الأنابيب.
وسيُفتتح خط أنابيب جديد يسمح بتدفق ما يصل إلى 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا بين بولندا والنرويج في تشرين الأول.
وربما تستورد ألمانيا الغاز من بريطانيا والدانمارك والنرويج وهولندا عبر خطوط أنابيب.
وقال وزير الطاقة الهولندي إن “من الممكن اللجوء لحقل خرونينغن الهولندي لمساعدة الدول المجاورة في حالة القطع الكامل للإمدادات الروسية، لكن زيادة الإنتاج قد تتسبب في حدوث زلازل”.
كما يمكن لجنوب أوروبا استقبال الغاز الأذربيجاني عبر خط الأنابيب العابر للبحر الأدرياتيكي إلى إيطاليا وخط أنابيب الغاز الطبيعي عبر تركيا.
ولدى محطات الغاز الطبيعي المسال في أوروبا قدرة محدودة على توريد كميات إضافية، على الرغم من أن بعض الدول تقول إنها تبحث عن طرق لزيادة الواردات والتخزين. وألمانيا من بين الدول التي ترغب في بناء محطات جديدة للغاز الطبيعي المسال وتخطط لبناء اثنتين في غضون عامين فقط.
وقالت بولندا، التي تعتمد على روسيا في نحو 50% من استهلاكها من الغاز أو نحو 10 مليارات متر مكعب، إنها “تستطيع الحصول على الغاز عبر وصلتين مع ألمانيا”.
كما تم تشغيل وصلة غاز جديدة بين بولندا وسلوفاكيا الأسبوع الماضي، وتريد إسبانيا إحياء مشروع لبناء خط ثالث للغاز عبر جبال البرانس.
وقالت الولايات المتحدة إنها تستطيع توريد 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي هذا العام. لكن مصانع الغاز الطبيعي المسال الأميركية تنتج بكامل طاقتها، وسيؤدي انفجار وقع في محطة تصدير الغاز الطبيعي المسال الرئيسية في تكساس إلى بقائها معطلة حتى أواخر تشرين الثاني.
يمكن لبعض الدول أن تسعى لسد الفجوة في إمدادات الطاقة من خلال اللجوء لواردات الكهرباء عبر الموصلات من جاراتها أو من خلال تعزيز القدرة على توليد الكهرباء من الطاقة النووية أو الطاقة المتجددة أو الطاقة الكهرومائية أو الفحم.
ويتراجع حجم المتاح من الطاقة النووية في بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا مع تعرض المحطات في هذه الدول لانقطاعات مع تقادمها أو وقف تشغيلها أو خروجها من الخدمة.
وانحسرت مستويات المياه هذا الصيف بسبب قلة الأمطار وموجة الحر. وتسعى أوروبا للابتعاد عن استخدام الفحم لتلبية أهداف المناخ، لكن أُعيد تشغيل بعض المصانع منذ منتصف عام 2021 بسبب ارتفاع أسعار الغاز.
وأطلقت ألمانيا المرحلة الثانية من خطتها الطارئة ذات المراحل الثلاث وحثت الشركات والمستهلكين على توفير الغاز لتجنب الاضطرار إلى ترشيد الاستهلاك قسراً.