الهديل

خاص الهديل :مبادرة نواب الحراك فوق طريق يغير ” فكرة حراك ٢٠١٩ ” !!.

خاص الهديل:

لا يمكن اعتبار تكتل نواب قوى التغيير، جسما سياسيا محدد المعالم حتى الآن؛ وليس،مطلوبا منهم ان يكونوا حزبا له أمين عام ومكتب سياسي ؛ ولا أن يكونوا تكتلا نيابيا له أمين سر ومقرر جلسات؛ إلخ.. 

الناس الذين إنتخبوا نواب قوى التغيير هم حصرا التاس الذين آمنوا بحراك تشرين ٢٠١٩ ؛ والذين اعتبروا ان الحراك حتى لو انسحب من الشارع، الا ان افكاره ومطالبه لا تزال تعيش في المنازل مع المواطنين .

مواطنو حراك تشرين ٢٠١٩ لا يملكون بطاقات انتساب للحراك، ولا يقصدون نواب قوى التغيير لينجزوا لهم معاملاتهم في دوائر الدولة الفاسدة . كل ما يريده هؤلاء من نواب التغيير ان يكونوا تغييريين، وامناء لأهداف ومطالب حراك ٢٠١٩ .

.. وحتى يكون الكلام واضحا وليس شعارا، يجدر إيضاح الأمور التالية : 

ما يريده ناس حراك تشرين ٢٠١٩، هو ثلاثة امور :” تغيير النهج في ادارة الدولة”؛ و” تغيير سلوك الحاكم والمسؤول” ؛ وقبل هذين الأمرين ومعهما، يريدون ” المحاسبة” .

وحينما يقول بيان قوى التغيير أمس انهم “سيقومون بحوار مع كل القوى للتوافق على رئيس للجمهورية بحسب معايير قوى التغيير”، إنما تكون قوى نواب التغيير بذلك ، وكأنهم يقولون أنهم ليسوا جزء من جسم التغيير الذي،ولد في تشرين العام ٢٠١٩ ، بل هم نواب يذهبون لتغيير فكرة التغيير، كما امن بها الناخب المؤيد لحراك تشرين ٢٠١٩ . 

ومرة أخرى فإنه حتى تصبح هذه الفكرة أوضح لنواب قوى التغيير بخاصة؛ لا بد من العودة إلى الأسابيع الأولى من دروس حراك أو انتفاضة أو ثورة تشرين ٢٠١٩ ؛ حينها – وكما يتذكر. الجميع – فإن الرئيس ميشال عون دعا المتظاهرين و قوى الحراك لتشكيل وفد من صفوفهم، وارساله إلى قصر بعبدا للحوار مع رئيس الجمهورية.

..أنذاك رد الحراك على دعوة عون بأنه ليس لدينا وفد لنرسله إليكم للتفاوض معكم ..

.. وهنا رد فخامة الرئيس ومعه كل حلفائه بصوت واحد وبلهجة تشبه الصياح والإستغراب : اذا كان ليس لديكم وفد يمثلكم، فكيف تحاوركم الدولة ..

 فرد الحراك : ليس لدى الحراك قيادة ، نحن لسنا حزبا ولسنا جبهة .. وليس لدينا “صف اول”.. وسأل العهد حينها : مع من نتحاور اذن ؟.

كان الجواب بسيطا وصحيحا وهو : لدى الحراك مطالب معروفة للجميع .. يمكن لفخامة الرئيس ان يتحاور مع مطالبنا .. 

.. وحينها، لم يكن فخامة الرئيس ولا داعميه ، في ذهنية من يمكنهم ان يفهموا منطق الحراك ، ولذلك رفع عون شعار: ” هم – اي جماعة الحراك – لا يثقون بي، وأنا لا اثق بهم.. وختم قائلا : “البلد ذاهب الى جهنم”. 

حينها اغلب الظن فهم عون ما يقصده الحراك بعبارة ” تفاوضوا مع مطالبن” ؛ ولكنه لم يكن لديه مصلحة بتلبية مطلب الحراك هذا؛ لانه يعني إنهاء تسلط كل الطبقة السياسية الحاكمة منذ عقود في لبنان. 

والواقع ان مصطلح ” تفاوضوا مع مطالب الحراك” ، تعني التالي : 

الحراك لا يريد تولي مواقع في السلطة ولكنه سيرفص،تولي اي فاسد او تابع للفاسدين وللمحاصصة موقعا ما في السلطة. 

الحراك لن يسمي رئيس جمهورية، ولكنه يدعم رئيس جمهورية يؤمن بمطالبه ولديه مواصفات تحقق مطالبه. 

ليست مهمة الحراك اجراء محاصصة يكون هو طرف فيها، مع احزاب السلطة من اجل الاتيان برئيس،لديه نفس،معايير الحراك .

.. هذا الاسلوب لن يوصل بالتأكيد إلى تسمية رئيس جمهورية بمواصفات الحراك، بل سيوصل الى تسمية رئيس جمهورية بمواصفات المحاصصة .

الطريق الوحيد هو ان يقول نواب الحراك في استحقاق رئاسة الجمهورية عام ٢٠٢٢ ما قالته قوى الحراك في الشارع عام ٢٠١٩ :” تفاوضوا مع مطالب الحراك”؛ بمعنى آخر على الأحزاب ان تعلم أن قوى الحراك في البرلمان وفي الشارع ستعارض بقوة تسمية رئيس له مواصفات المحاصصة، ولا يمثل ما يريده الحراك من موقع رئاسة الجمهورية .   

وحنى تكون الفكرة اكثر وضوحاً، فإن المقصود هنا التركيز على أمر هام وهو ” ان مطالب الحراك هي ذاتها وفد الحراك”، أو ” وفد ثورة ٢٠١٩” أو “وفد انتفاضة ٢٠١٩” ؛ وهذه المطالب يعرفها كل أطراف الساحة السياسية؛ وليس عليها غبار ؛ في حين أن اي وفد يتبرع ليقول انه هو وفد الحراك وممثل مطالبهم ، سيكون عليه شبهات وغبار مهما بلغت درجة نقاء سيرته الشخصية والسياسية. 

وعليه فإن المطلوب من الحراك بكل اطيافه : نشطاء،، نواب ، موطنون في منازلهم ، مجموعات ، أحزاب.. على هؤلاء جميعا أن يقوموا بأمر واحد، الاصطفاف وراء مطالب الحراك ؛ و دعم مطالب الحراك.؛ ورفض اي أمر لا ينسجم مع مطالب الحراك .. 

 فمن كان مع مطالب الحراك ، فعليه ان يطبقها، ومن لا يطبقها فهو ضدها وليس لديه مصلحة بها، ولا حاجة لاقناعه لأنه لن يقتنع ضد مصالحه. 

وضمن هذه الذهنية سيكون اغرب واسخف سؤال هو ان يقول أحد ما من داخل الحراك أو من خارجه : ولكن كيف نحدد أولويات الحراك ضمن المراحل المختلفة؟؟.. 

أولويات الحراك هي ذاتها بديهيات الحراك .. للمرة الالف يمكن الإجابة على السؤال ذاته: ماذا يريد الحراك ؟؟..

انه يريد التالي: 

 الحراك لا يريد تسمية وزير داخلية من بين نوابه او صفوفه، بل يريد وزير داخلية ينفذ القانون ولا يخضع لحسابات مناطقية أو سياسية، ولا يكون واجهة لحزب سياسي مرتكب ؟؟ . 

مطالب الحراك هي رئيس جمهورية لا يؤمن بالمحاصصة ولا يأتي من داخل بيئة المحاصصة. 

.. وهكذا بالنسبة للوزراء الاخرين ، وبالنسبة للمدراء العاميين، الخ.. 

خلاصة القول هنا هو ان الحراك ليس جزءا من لعبة السلطة، بل هو يمثل مشروع إصلاح السلطة .. 

مقتل نواب الحراك يكمن في جلوسهم للتفاوض مع أحزاب السلطة على تسمية رئيس نصف فاسد يمثل أحزاب السلطة، ونصف مصلح يمثل معايير الحراك.

Exit mobile version