بين مطرقة الأقساط المدرسية التي حلقت أرقامها إلى معدلاتٍ قياسية، وسندان ما تقتضيه السنة الدراسية من متوجبات وبدل نقل، يئن الأهالي من وجع التعليم هذا العام وارتفاع فاتورته من دون أي مساندة ومساعدة، وسط جشع المدارس الخاصة وتراجع المدرسة الرسمية وإضراباتها المتكررة.
تحت شعار «ما فينا نساعدكم إلا بالبكاء» تتعاطى وزارة التربية مع العام الدراسي الحالي، تاركة المدارس الخاصة تشرّع لنفسها زيادة الأقساط إلى معدلات جنونية لا يمكن لموظفٍ ومواطن أن يتحمل أكلافها، والمدارس الرسمية تحت رحمة الإضرابات التي بررها الوزير اخيراً بعدم قدرته الطلب من موظف يتقاضى بين مليون ونصف ومليونين وثلاثة ملايين بأن يعود إلى العمل، وما بين الإثنتين يحتار الأهالي في الضغط على أنفسهم والتسجيل في الخاص وما يرتبه ذلك من مستحقات، أو إنتظار الرسمي مع الخوف من ضياع السنة المرهونة أصلاً بالتطورات المحلية ومفاجآت أيلول.
من همٍ إلى آخر يتنقّل البقاعيون بحثاً عن حلول، وبعدما اختار العديد منهم التسجيل في المدارس الخاصة خوفاً من ضياع مستقبل أولادهم، وبعدما جاروا على أنفسهم وتحملوا عناء تكاليف الأقساط التي تُقسط على مدار العام الدراسي، يواجه الأهالي استحقاقات أخرى على قدر أهمية رسوم التسجيل تتمثل بالكتب والقرطاسية والزي المدرسي. وفيما كانت مدارس خاصة على مدار سنوات تشترط على الأهالي شراء كُتبٍ جديدة من المدرسة تحديداً بعدما عقدت إتفاقيات مع دور النشر وتحصيل أرباح في المبيعات كانت من نصيب المكتبات سابقاً، وبعدما وصل الحال إلى ما وصل إليه نتيجة الأزمة الإقتصادية، تُرك الخيار للأهالي في تأمين الكتب سواء جديدة أو مستعملة، ولأن الوضع أسوأ من قبل، يتجه الأهالي إلى شراء المستعمل تخفيفاً عن كاهلهم، وفي كثير من الأوقات يلجأون إلى تبادل الكتب مع طلاب آخرين في المدرسة نفسها.
تستعين أم حسين وهي أم لأربعة أولاد في مختلف الحلقات التعليمية بأرقام هواتف الأهل الذين يمتلكون كتباً لصفوف أبنائها كي تعقد معهم إتفاقيات المبادلة، وتقول لـ»نداء الوطن» إن «التكلفة هذا العام مقارنة مع الراتب باهظة جداً، وبعد جهد وعناء التنقل بين مدرسة وأخرى إستقرينا على مدرسة قريبة من المنزل لنخفف أجرة النقل، حيث وصل مجموع أقساط الأولاد الأربعة إلى 22 مليوناً إتفقت مع المدرسة على تقسيطها شهرياً، أما الكتب فبدأت حملة إتصالات لتأمين ما يمكن تأمينه سواء بدفع ثمنه أو استعارته هذا العام أو مبادلته بكتب لدينا، فالمهم أن يتلقى الأولاد تعليمهم»، مشيرةً إلى «أن الكتب الجديدة لا نستطيع مجاراة ثمنها حيث وصل سعر النسخة الواحدة إلى الصفوف الأولى ما يقارب ثلاثة ملايين ليرة».
يبقى واقع الكتب المستعملة أمراً مباحاً ومتاحاً، أما أن تصل الأوضاع بالناس أن تبحث عن الزي المدرسي من مراويل وغيرها مستعملاً فهو ما لا يمكن تصديقه، وهو دليل على سوء الأوضاع التي وصلنا إليها وما يمكن أن نصل إليه بعد. وفي هذا الإطار يؤكد أحد الخياطين في سوق بعلبك لـ»نداء الوطن « أن حالات عديدة مرّت عليه تسأل عن مراويل مستعملة لعدد من المدارس الخاصة لشرائها بعدما وصل ثمن الجديد منها إلى ما يفوق 20 دولاراً، ويضيف أن تصليح الشنط المدرسية ينشط منذ أسبوع، والكل يبتعد عن شراء الجديد، فأقل حقيبة مدرسية لا يقلُّ سعرها عن 50 دولاراً ما يدفع الأهالي الى التصليح والترقيع.
أما ثمن القرطاسية من دفاتر وأقلام ومستلزمات فحدث ولا حرج، وبعدما كانت المدارس تُلزم الطلاب بدفاترها الخاصة والمطبوعة بإسمها تركت لهم الخيار هذا العام أيضاً بشرائها من الخارج مع تخفيض الأعداد المطلوبة لكل تلميذ، وهنا يتجه الأهالي إلى محلات «one dollar» كونها الأرخص وتحتوي على قرطاسية بأسعار مقبولة