خاص الهديل-
حيثما يمكن للحدث أن يكون غدا ، تجد وليد بك جنبلاط موجودا اليوم ..
.. وهذه المقولة هي التي تفسر لماذا ابو تيمور زار أمس دولة الرئيس ميقاتي.. فابو تيمور يمارس السياسة بأسلوب الإستشعار عن بعد، وبوقت مبكر ؛ ولذلك يتم وصف المختارة بأن لديها لواقط رادارية محلية وخارجية.
وبالعودة لزيارة جنبلاط لميقاتي أمس، فإنه يجدر التوقف عند اسباب توقيت الزيارة من قبل سيد المختارة، وهي تقع في سببين اثنين :
اولا يدرك جنبلاط ان العهد العوني انتهى، وهو في مرحلة إحصاء أيامه الأخيرة؛ وعليه يجب التعامل مع اللحظة السياسية المقبلة بواقعية، وخاصة لجهة توقع حدوث “فراغ رئاسي” ؛ وهو مصطلح صححه أمس ميقاتي عندما قال ليس هناك ” فراغ رئاسي” بل هناك “شغور رئاسي” .. والمهم هنا ، هو ان جنبلاط يدرك ان قيادة الأمور في البلد ستنتقل خلال المرحلة المقبلة، بحسب الدستور وبحسب منطق الأمور، طوال فترة الشغور الرئاسي من قصر لعبدا إلى السرايا الكبير حيث يوجد الرئيس ميقاتي وحكومته.
ويريد جنبلاط المتصف بالبرغماتية الشديدة والواقعية الصرفة، الإشارة إلى الطريق القادم الذي سيسير عليه البلد، حتى لا ينحرف إلى متاهة فوق مشاكله ، له عنوان واضح وهو الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وحكومته المسماة بحكومة تصريف الأعمال.
.. هذا الهدف لزيارة جنبلاط ؛ هو الذي جعله يقول بعد لقائه ميقاتي انه بحث معه أمور الناس من كهرباء وتعليم وغذاء ، وترك الأمور الكبيرة للممسكين ” باللحظة التاريخية”!! .
ومن جهته اطلق ميقاتي بعد لقائه بجنبلاط مصطلحه عن انه لا فراغ رئاسي بل “شغور رئاسي” ، واضاف انه في هذه الحالة، فإن الدستور واضح لجهة ان صلاحيات رئاسة الجمهورية تنتقل للحكومة..
والواقع ان كلام جنبلاط، ومعطوفا عليه كلام ميقاتي يؤشران إلى ما هو متاح حسب الدستور وحسب الواقع، للتعامل مع أبرز مشكلتين تنتظران البلد، وستواجهان البلد في الفترة المقبلة المنظورة :
الأولى هي عدم التمكن من انتخاب رئيس جمهورية في الفترة الدستورية أو لفترة ابعد من ذلك؛ ووقوع الفراغ الرئاسي او الشغور الرئاسي حسب ميقاتي.. .
والثانية هي توقع تعاظم ازمات الناس المعيشية في المرحلة المقبلة، كإنعكاس لانسداد الافق الداخلي، وكصدى للازمة الاقتصادية العالمية؛ وإذا كانت أوروبا تنتظر شتاء قاسيا، فإن لبنان ينتظر أربعة فصول معيشية واقتصادية قاسية في المرحلة المقبلة .
وضمن هذه المعطيات والأجواء، فإن زيارة جنبلاط أرادت القول ان المختارة تتعامل مع الحقيقة السياسية والوطنية التي ستصبح اكثر وضوحا في المرحلة المقبلة، وهي ضرورة اتباع ما يقوله الدستور عن الصلاحيات وملء الشغور؛ اي دعم واعتماد الدور الوطني للحكومة الراهنة ولرئيسها، في التصدي لهاتين المشكلتين اللتين ستهاجمان البلد خلال الفترة المنظورة المقبلة، وهما مشكلتا ” الشعور الرئاسي” و” تفاقم الأزمة المعيشية” .
وبأيجاز مشهد امس بين ميقاتي وجنبلاط ، فإنه يمكن القول بثقة ان زعيم المختارة أشار إلى أن مرجعية الدولة التي يمكن التحدث معها عن هموم المواطنين ومشاكل الدولة ، هي حكومة ميقاتي .. فيما ميقاتي تحدث عن الشغور الرئاسي وليس الفراغ الرئاسي؛ مؤكدا ان الدستور يحيل صلاحيات موقع الرئيس الأول الشاغر للحكومة.
وفيما لو أراد اي مراقب وضع كل هذه الإشارات الحنبلاطية والميقاتية في جملة سياسية واحدة مفيدة ومقرؤة ، يصبح لدينا الجملة السياسية التالية عن كيف يمكن ادارة المرحلة المقبلة في البلد ، وقوامها التالي : ” ان الادارة الامثل لمشاكل لبنان المستجدة المقبلة، هي بدعم دولة رئيس حكومة ممارسة صلاحيات الرئاسة الأولى الشاغرة “..