الهديل

خاص الهديل :٣١ تشرين اول : يوم “نهاية الحلم العوني ” !!

خاص الهديل

يوم ٣١ تشرين أول يشكل بالنسبة للعونيين الذين لا يزال لديهم ارتباط مصلحي أو وجداني مع رمزية الجنرال عون ، ” يوم نهاية التاريخ” أي يوم ” نهاية حقبة الاحلام التي علقوها على الجنرال ميشال عون “، وهذا الواقع ينطبق أقله على العونيين الذين لا يريدون أن يصدقوا النهاية التي وصل إليها الجنرال ميشال عون..

يجدر التعاطي مع هذه الحقيقة بشيئ من الاحترام والتفهم لهذا الكم من المشاعر القلقة والمشوشة التي تسود بيئات مسيحية ضحت فعلا خلال مراحل سابقة من أجل تحقيق ما اعتبرته الحلم العوني، وهي الآن في لحظة صعبة بعدما شاهدت كيف أن كل أحلامها لم يكن لها اي مستند من المصداقية. 

بعض المسيحيين العونيين أعتبروا ان ميشال عون سيحرر الجمهورية حينما يصبح رئيسا للجمهورية ؛ وبعضهم اعتبر أن ميشال عون حينما يجلس على كرسي الرئاسة في قصر بعبدا سيكمل حلم البناء الذي حمله بشير الجميل ولكن تم اغتياله قبل أن يصبح رئيسا فعليا للجمهورية. أن مسيحيين كانوا حول ميشال عون إحتاروا لدى وصوله لقصر بعبدا، باللقب الذي يجب أن يختاروه له والذي يناسب معنى رمزيته المسيحية والوطنية ، وذلك الى جانب لقبه الرسمي” فخامة الرئيس” ؛ فبعضهم أطلق عليه “الرئيس القوي” ؛ وبعضهم اطلق عليه ” بيي الكل “، وفي الكواليس أسماه البعض” بالمخلص “.. 

ان كل هذه العناية التي بذلت لتعظيم رمزية عون في المرحلة التي سبقت وصوله لرئاسة الجمهورية والتي واكبت مراحل وصوله لقصر بعبدا ، باتت اليوم حطاما امام أعين الفريق الذي عمل على صناعتها.. وهذا الفريق يصطدم اليوم بان كل ” ورشة العناية برمزية عون ” لم تحقق اي اثر ، وبدل ان تضيف على رمزية عون في موقعه كرئيس للجمهورية ، فإن ما حدث هو ان تاريخ ٣١ تشرين اول ٢٠٢٢ الذي هو تاريخ نهاية العهد الرئاسي لعون، أصبح ايضا هو تاريخ نهاية رمزية عون داخل الواقع المسيحي واللبناني. 

طوال عقود ، كانت بيئات واسعة من المسيحيين تؤمن بأن ميشال عون، فيما لو وصل الى رئاسة الجمهورية، فإنه سيحمل لبنان الى مرحلة جديدة، تتجاوز حتى ما فعله فؤاد شهاب الذي نقل لبنان خلال عهده الى حقبة مؤسسات الدولة.

لقد آمنت هؤلاء المسيحيون بان ميشال عون سيكون أقوى رئيس مسيحي يعرفه لبنان، وان عهده سيكون مزيجا من هيبة كل الرؤساء الموارنة الأقوياء الذين سبقوه من بشارة الخوري الى كميل شمعون الى فؤاد شهاب، الخ.. 

لا يمكن إنكار أن ميشال عون كان حلما لدى مناصريه المسيحيين ؛ وعليه فإن زعامته المسيحية تختلف عن زعامة بيار الجميل الجد الذي كان يعبر عن زعامة حزبية ، وحتى ايضا عن زعامة بشير الجميل الذي كان في زعامته معنى القوات اللبنانية طاغيا ، وحتى عن زعامة فؤاد شهاب الذي كانت زعامته أقرب لمعنى الراهب السياسي. ميشال عون كان في زعامته معنى تأييد المسيحيين للجيش، وهو تأييد تاريخي وكبير ولا ينضب؛ وكان في زعامته معنى تأييد المسيحيين التاريخي للزعيم الماروني القوي، وكان في زعامته الخط الأحمر المسيحي اللبناني المتمثل بالدفاع عن السيادة.  

لقد أنهار الأن هيكل نحو ٢٥ عاما من الرمزيات العونية، لقد اصبح ركاما الخطاب العوني الذي بدأ ثوريا ثم صار اصلاحيا ثم تحول الآن الى خطاب على حجم طموحات حبران باسيل الضيقة والشخص والصهر .

 ٣١ تشرين أول هو يوم مسيحي جديد في لبنان ، ليس فيه عون ولا العونية .. وهذه الحقيقة معروفة أيضا لدى حبران باسيل رغم أنه يكابر في تجاهلها. ومآساة باسيل داخل البيئة العونية مختلفة عن معاناة أولئك المسيحيين الذي قدموا تضحيات للخط العوني وكانوا ينتظرون بمقابلها نتيجة للوطن وللمسيحيبن؛ فباسيل ظن انه “وارث المجد العوني”، وظن ايضا انه ” مجدد داخل الخط العوني” وبنفس الوقت أراد ايضا وايضا وعن سابق تصميم وإصرار ، أن يكون ممثل وزعيم “حقبة السلطة والحكم والثروة ” داخل مسيرة تاريخ العونيين. 

 طوال عهد عون ، حاول جبران باسيل أفتعال دور بطولي مسيحي له، تحت عنوان ” استعادة الحقوق المسيحية”، واستعجال وصوله لوراثة عمه سياسيا وفي رئاسة الجمهورية؛ وكانت النتيجة هو مشهد ٣١ تشرين اول ٢٠٣٢ الذي أصبح بالنسبة للمخلصين العونيين، هو يوم نهاية الحلم العوني. 

.. وعليه ، فإن كلام جبران باسيل أمس يمكن تلخيصه بعنوان اساسي، وهو محاولته افتعال عنوان لازمة يستطيع أن يعتاش منها مسيحيا بعد يوم ٣١ تشرين اول . وهو يظن نفسه انه وجد هذا العنوان المتمثل بقوله بان المسيحيين لن يعترفوا بالحكومة المستقيلة بعد انتهاء عهد رئيس الجمهورية ..

.. باسيل يضع عنوانا للازمة المقبلة التي يرغب من خلال تفجيرها ، بعد يوم ٣١ تشرين اول ، ان يحافظ على ما تبقى من التيار العوني، ومن هشيم صورة له داخل البيئة المسيحية!!. فهل ينجح باسيل في “الحفاظ على ما تبقى” ، وذلك بعد كل هذا الحطام الذي صنعه بحق صورته وصورة عمه ؟!..

Exit mobile version