يرقد ابن الـ14 عاماً في غرفة العناية الفائقة في مستشفى جبل لبنان، بعد أن تعرّض لعضّة كلب، يُقاوم بجسده الصغير بعد أن ساءت حالته، معلّق بين الحياة والموت، والسبب عدم حصوله على لقاح داء الكلَب، والتأخّر في طلب المساعدة والرعاية الصحية. في حين اضطرّ الطاقم الطبّي الذي كان يهتمّ بالصبي إلى التوجه إلى مستشفى الحريري لتلقّي اللقاح خوفاً من انتقال العدوى إليه، بعد أن تعرض أفراده لبقايا تقيّؤ الصبي في غرفة العناية.
منذ أول السنة وحتى اليوم سجّل لبنان حالتي وفاة بداء الكلب فيما يقاوم ابن الـ14 عاماً في العناية الفائقة ولكن ما زالت حالته حرجة جدّاً. ولكنّ المؤسف أنّ هذه الحالات يمكن تفاديها بالوعي والتصرّف السريع عند التعرّض إلى عضّة كلب مهما كان نوعها وحدّتها.
توفّي طفلان سوريان بعد أن تعرضا لعضّة كلب من دون التوجّه إلى أيّ مركز للرعاية الصحية للحصول على اللقاح، ما أدّى إلى تدهور حالتهما والوفاة.
ولكن هل يعقل في الـ 2022 أن يموت أشخاص من داء الكلَب؟ يبدو الأمر غير قابل للتصديق، ولكنّه يحصل في لبنان للأسف.
تؤكّد رئيسة مصلحة الطب الوقائي في وزارة الصحة الدكتورة عاتكة برّي لـ”النهار” أنّ “داء الكلب ليس جديدًا في لبنان وإنّما موجود في دول الجوار أيضاً، وتُسجّل بين الحين والآخر حوادث من هذا النوع، ويعود ذلك إلى انتشار الكلاب على مختلف أنواعها في الطرقات، خصوصاً بعد تخلّي قسم كبير من اللبنانيين عنها بعد ظهور جائحة #كورونا، بالإضافة إلى التقاعس في تطعيمها ومتابعة حالتها الصحية”.
وتشير بري إلى أنّ “اللقاح موجود وإنّما بكمية محدودة، ولكن نحتاج إلى تكثيف التوعية لأنّ حالات الوفاة جاءت نتيجة الإهمال وغياب الوعي في التوجّه إلى المراكز الصحية لتلقي اللقاح والعلاجات المناسبة. لذلك نطلب من كلّ شخص في حال تعرّض لأيّّ عضة أو خربشة كلب، مهما كانت بسيطة، عدم إهمال الموضوع والتوجّه سريعاً إلى أقرب مركز صحّي للحصول على اللقاح والرعاية اللازمة بناءً على تقييم الطبيب المعالج”.
ويوجد في لبنان 10 مراكز لمتابعة هذه الحالات، ولكنّ النصيحة الأولى التي نشدّد عليها اليوم عدم انتظار العوارض لطلب الرعاية الصحية لأنّه “يكون قد فات الأوان”، وإنّما استشارة الطبيب وتزويده بأيّ معلومات طبية حول الكلب (إذا كان كلبًا شارداً أو كلب بيت، والفحوصات الطبية واللقاحات التي تلقّاها) لتحديد العلاج الأفضل للحالة. وما يؤلم وفق بري أنّ “هذه الحوادث المؤسفة يمكن تفاديها بالتوعية والتدخّل الطبي السريع
في حين يشدّد رئيس قسم الأطفال في مستشفى الحريري الجامعي الدكتور عماد شكر في حديثه لـ”النهار” على أنّنا “نشهد في المستشفى يومياً بين 4 إلى 6 حالات لعضّة كلب، فالكلاب الشاردة أدّت إلى زيادة هذه الحالات، وما نحتاج معرفته أنّ عدم التدخّل الطبّي السريع قد يؤدّي إلى تدهور الحالة وربما الوفاة. لذلك فمن المهمّ جدّاً التوعية حول كيفيّة التصرّف بعد التعرّض لعضّة أو خربشة كلب، وعدم الانتظار لأنّ الوقت لن يكون لصالحنا”.
إذاً على الشخص التوجّه إلى أقرب مركز صحّي لتلقّي اللقاح، وبعد الحصول على المعلومات الكاملة حول نوع الكلب والاطّلاع على دفتره الصحّي وإذا كان قد تلقّى اللقاحات أم أنّه من الكلاب الشاردة، يقرّر الطبيب وبعد معاينة الجرح البروتوكول العلاجي الأنسب للمريض.
وعليه، يؤكّد شكر أنّه “من الضروري تلقي العلاج الوقائي لمنع التطوّر السيّئ للمرض، خصوصاً أن الكلاب الشاردة تفتقر إلى أيّ رعاية طبية أو تطعيم متواصل ولا نعرف تاريخها الطبي. لذلك الخطوة الأولى تلقّي #لقاح الكلب بالإضافة إلى حقنة الكزاز وبعض العلاجات الطبية الأخرى، وقد يحتاج المريض إلى متابعة والخضوع إلى برتوكول طبي يقرّره الطبيب بعد معاينة المريض (حسب عضّة الكلب وتاريخه الصحي).”
ويُحذر رئيس قسم الأطفال في مستشفى الحريري الجامعي من التساهل في موضوع عضّة الكلب أو حتى الخربشة الناتجة عن الكلب مهما كانت صغيرة، فحجم الجرح لا يحدّد مسار انتقال الفيروس وتطور المرض في جسم الشخص. وبالتالي أيّ احتكاك أو عضّة أو خربشة كلب تستوجب استشارة طبية حتى لا نصل إلى مرحلة حسّاسة يصعب فيها إنقاذ حياة الشخص
وقد يعاني الشخص من تدهور سريع في حالته وتضرر في الجهاز العصبي والتنفسي وغالباً ما تؤدي إلى الوفاة. لذلك على الجميع أن يعرف أن اضاعة الوقت ليس لصالح المريض المصاب، وكلما كان التدخل سريعاً زادت فرص النجاة وتفادي حدوث أي مضاعفات صحية