الهديل

رحلت أليزابيث الثّانية … 70 عاماً في خدمة شعبها

 

توفيت الملكة إليزابيث الثانية، التي تولت العرش لأطول فترة في تاريخ المملكة المتحدة، عن عمر يناهز 96 عاماً، حسبما أفاد قصر باكنغهام الخميس.

ويخلفها ابنها الأكبر تشارلز البالغ 73 عاماً تلقائيا، عملا ببروتوكول عمره قرون، ليبدأ فصلاً جديداً غير واضح للعائلة المالكة، بعد فترة حكم الملكة التي حطّمت الرقم القياسي بتبوّئها العرش لمدة سبعين عاماً.

تشارلز ملك بريطانيا الجديد قال:” وفاة والدتي الحبيبة الملكة إليزابيث تمثل أكبر لحظة حزن بالنسبة لي”.

وأضاف “أعرف أن بريطانيا والكومنولث والملايين حول العالم سيفتقدونها”.

كرّست الملكة حياتها لأداء واجباتها الملكية وخدمة شعبها على مدى 70 عاماً، منذ أن أدت اليمين في سن الـ26، حيث احتفل البريطانيون منذ أشهر قليلة باليوبيل البلاتيني لجلوسها على العرش.

ونُكّس العلم البريطاني فوق قصر باكنغهام الذي تقاطرت إليه جموع غفيرة مساء الخميس إثر إعلان القصر الملكي وفاة الملكة إليزابيث الثانية عن 96 عاماً.

وفور إعلان رحيل الملكة انفجر المحتشدون أمام القصر بالبكاء وسط صمت مطبق خيّم على المكان، في حين بثّت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” النشيد الوطني البريطاني

ولدت دوقة يورك الشابة أليزابيث ألكسندرا ماري في 21 نيسان (أبريل) 1926 في المنزل الرقم 17 بشارع بروتون في حي مايفير الراقي، لتصبح في المرتبة الثالثة في خط الخلافة بعد كل من ديفيد أمير ويلز وشقيقه ألبرت.

والدها هو الأمير ألبرت، دوق يورك (الذي أصبح بعد ذلك الملك جورج الخامس)، ووالدتها هي الملكة الأم أليزابيث باوز ليون.

تلقت أليزابيث، الملقبة بـ”ليليبيت”، تعليمها وشقيقتها مارغريت في المنزل على يد معلمين. وقد تلقيتا مناهج أكاديمية تضمنت اللغة الفرنسية والرياضيات والتاريخ، إضافة إلى الرقص والغناء ودروس في الفن.

تزوجت أليزابيث من فيليب ماونتباتن، دوق إدنبرة، عام 1947. وهي والدة الأمير تشارلز، وريث العرش، كما أنها جدة الأميرين ويليام وهاري.

في الثامن من فبراير (شباط) 1952 أُعلنت أليزابيث الثانية رئيسة للكنيسة الأنكليكانية والكومنولث، وتُوّجت في حفل مهيب في دير وستمنستر بعد أكثر من عام.

طلبت الملكة الجديدة بث الحدث على التلفزيون معارضة نصيحة رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ونستون تشرشل، لكن ذلك لا ينفي حقيقة أن تشرشل وجه خطواتها الأولى توجيهاً جيداً إلى أن اكتسبت الثقة بنفسها بعد ثلاثة أعوام من توليها العرش

في عيد ميلادها الـ21 قالت أليزابيث الثانية يوم كانت أميرة: “أصرّح أمامكم بأن حياتي كلها، أكانت طويلة أم قصيرة، سأكرسها لخدمتكم”. وحاولت بعد توليها الحكم أن تجعل من فترة حكمها أكثر عصرية ومرونة تجاه الجماهير المتغيرة مع حفاظها على التقاليد المرتبطة بالعرش

تعتبر أليزابيث الثانية أكبر ملكة لا تزال جالسة على العرش في العالم، بعدما حطمت في 9 أيلول (سبتمبر) 2015 رقماً قياسياً بالجلوس على عرش المملكة لـ63 عاماً وسبعة أشهر، وتخطت جدتها الثالثة الملكة فيكتوريا التي كانت تحمل اللقب.

وبصفتها الملكة، زارت أكثر من 100 دولة، وقامت بأكثر من 150 زيارة لدول الكومنولث، إذ زارت كندا 22 مرة، وهو أكثر بلد عضو في الكومنولث تزوره، فيما ذهبت 13 مرة إلى فرنسا التي تتحدث لغتها وتمثل أكثر بلد أوروبي زارته.

ووفق صحيفة “ديلي تلغراف”، جالت الملكة العالم بمعدل 42 مرة قبل أن تتوقف عن السفر إلى الخارج في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، عندما بلغت 89 عاماً

وخلال فترة توليها العرش، قامت أليزابيث بحوالي 21 ألف التزام رسمي، وأعطت الموافقة الملكية لنحو 4 آلاف مشروع قانون، واستقبلت عدداً كبيراً من الشخصيات البارزة في إطار 112 زيارة رسمية، من بينهم الإمبراطور هايلا سيلاسي (إثيوبيا عام 1954) والإمبراطور الياباني هيروهيتو (عام 1971) والرئيس البولندي ليخ فاليسا (عام 1991) ونظيره الأميركي باراك أوباما (عام 2011).

وأقيمت تحت إشرافها أكثر من 180 حفلة استقبال في قصر باكنغهام، حضرها أكثر من 1.5 مليون شخص.

ومن ضمن الزيارات التاريخية العديدة التي قامت بها أليزابيث والاجتماعات التي عقدتها، زيارة رسمية لجمهورية أيرلندا، وأول زيارة رسمية من الرئيس الأيرلندي لبريطانيا العظمى، بالإضافة إلى زيارات متبادلة من البابا وله. وقد شهدت أيضاً تغيرات دستورية كبرى؛ كانتقال السلطة في المملكة المتحدة، والتوطين الكندي، وإنهاء الاستعمار في أفريقيا. وقد حكمت أليزابيث أيضاً من خلال مختلف الحروب والصراعات الداخلية فيها العديد من ممالكها.

ومن أسعد الأوقات في حياة الملكة أليزابيث كانت أيام ميلاد وزواج أولادها وأحفادها، وتنصيب الأمير تشارلز على ولاية ويلز، والاحتفال بأهم الإنجازات والحوادث التاريخية كمناسبة اليوبيل الفضي والذهبي والماسي في أعوام 1977، 2002، 2012 على التوالي.

أما عن لحظات الحزن والأسى فكانت لحظة موت أبيها عن عمر يناهز الـ56 عاماً، واغتيال خال الأمير فيليب، اللورد لويس مونتباتن، وانهيار زواج أبنائها عام 1992، ذلك العام الذي يُطلق عليه العام المشؤوم. ووفاة الأميرة ديانا، أميرة ويلز والزوجة الأولى للأمير تشارلز، أيضاً وفاة والدتها وشقيقتها في عام 2002، وأخيراً وفاة زوجها ورفيق دربها فيليب في نيسان (أبريل) 2021، ما ترك في حياتها “فراغاً كبيراً”.

كانت أليزابيث تواجه أحياناً رد فعل الجمهور وآراءهم، بالإضافة إلى انتقادات صحافية لاذعة للعائلة المالكة، ولكن لا يزال الدعم للنظام الملكي ولشعبيتها قوياً.

طوال حياتها أحبت الملكة أليزابيث الابتعاد عن الأضواء، وهي تحب قراءة الروايات البوليسية وحل الكلمات المتقاطعة، كما تشاهد مباريات المصارعة على التلفاز.

وأحاطت الملكة نفسها بالعديد من الكلاب، واشتهرت خاصة بحبها للكلاب الويلزية. كما أنها تحب الجياد ولديها مزرعة للخيول الأصيلة، حيث تحضر العديد من سباقات الخيول كل عام

Exit mobile version