لبى رئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير دعوة “اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في صيدا والجنوب” و”الهيئة الدائمة للتثقيف النقابي والاجتماعي” الى لقاء حواري حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي، استضافته بلدية صيدا في مبنى القصر البلدي وشارك فيه: النائب الدكتور عبد الرحمن البزري، ممثل النائب الدكتور أسامة سعد حسين القاضي، ممثل رئيسة مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة النائبة السابقة بهية الحريري الدكتور أسامة الأرناؤوط، المسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في الجنوب الدكتور بسام حمود، رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي، رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشارة الأسمر ونائب الرئيس حسن فقيه والأمين العام للاتحاد سعد الدين حميد صقر”.
كما حضر رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب محمد حسن صالح وعدد من أعضاء مجلس ادارة الغرفة، رئيس نقابة أصحاب الصناعات الغذائية المهندس منير البساط، رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف، وامين سر الهيئات الاقتصادية ألفونس ديب ، رئيس مركز صندوق الضمان الاجتماعي في صيدا الدكتور محمد خليفة، مسؤول قطاع النقابات العمالية والزراعية في تيار المستقبل وعضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي ماجد سعيفان، منسق عام التيار في صيدا والجنوب مازن حشيشو، المسؤول العمالي لحركة أمل في الجنوب جمال جوني، الامين العام لتجمع المؤسسات الأهلية في صيدا والجوار ماجد حمتو وعدد من أعضاء امانة سر مبادرة “صيدا تواجه” ومستشار الحريري لشؤون صيدا والجوار امين الحريري، رؤساء اتحادات بيروت شفيق صقر، طرابلس والشمال شادي السيد ، والنبطية حسين مغربل، رئيس اتحاد عمال فلسطين – فرع لبنان غسان البقاعي، وممثلو عدد من الاتحادات والنقابات العمالية والقطاعية وحشد كبير من النقابيين والعمال.
وكان باستقبالهم رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في لبنان الجنوبي عبد اللطيف الترياقي وأعضاء المجلس التنفيذي للاتحاد والهيئة الدائمة للتثقيف النقابي والاجتماعي.
استهل اللقاء بالنشيد الوطني، ثم كانت كلمة ترحيب باسم اتحاد الجنوب من رئيسه الذي اعتبر أن “الحوار مقدمة أساسية تشكل مدماكاً لحل أي مشكلة فكيف بالكارثة التي يعيشها الوطن هذه الأيام”، وقال: ” ارحب بكم قطاعات إنتاجية وهيئات وهامات نقابية وقطاعاً عاماً ومصالح مستقلة، نرحب بكم قيادات اجتماعية واقتصادية وعمالية، ونرحب بمعالي الأستاذ محمد شقير رمزاً من رموز الحوار ولا ابالغ ان قلت رجل لديه رؤية ومبادرة، وقد نكون في هذه المرحلة اكثر ما نكون بحاجة الى الرؤية والمبادرة”.
وألقى السعودي كلمة اعتبر فيها ان “ما اوصلنا الى ما نحن فيه اليوم هو نتيجة سياسات الهدر والفساد والمحسوبيات، التي ضيعت سنوات من الطفرة والوفرة الاقتصادية، ولم تنجح الطبقة السياسية طوال هذه السنوات بالتأسيس بالحد الأدنى لبنية تحتية من الخدمات وشبكة امان اجتماعية، لو كانت متوفرة اليوم لكان وقع الازمة ربما اخف قليلا”، مضيفا “اليوم، قطاعنا المصرفي مهدد بالانهيار، والتدفقات النقدية من الخارج لا سيما من الدول الداعمة هي كما يقال “بالقطارة”، وسبب هذا اما سياسي على المستوى الاقليمي والدولي، واما لأن لدى تلك الدول ما يكفيها من همومها الخاصة نتيجة الأزمة العالمية والتضخم المالي العالمي”.
وأضاف: “ومع استمرار غياب الدولة عن القيام بدورها حتى في ظل الأزمة، فان الأمور متروكة الى المبادرات التي تقوم بها كل الهئيات المعنية، من نقابات العمال والمستخدمين الى الهيئات الاقتصادية والمجالس المعنية وغيرها، للتعويض عن هذا الغياب والتخفيف من حدة المأساة التي يمر بها الشعب اللبناني على كافة مستوياته، بالحد الأدنى حتى ياخذ السياسيون قرارا باستعادة دور الدولة والقيام بالاصلاحات المطلوبة، سواء بشكل منفرد او الشراكة مع القطاع الخاص في كل موقع بحسب ما ينبغي. ولا شك ان لقاء اليوم هو جزء من جهود كبيرة يجب ان تبذل، لكي يقوم كل منا بدوره من موقعه، لأنه لا يمكن أن نتجاوز هذه الازمة الا اذا وضعنا ايدينا في ايدي بعضنا البعض، ولكي يساهم كل منا بجزء بسيط كي يستعيد الاقتصاد اللبناني عافيته باذن الله”.
وتحدث النائب البزري فاعتبر أننا “أمام أزمة صعبة جدا ولا احد يعرف كيف سنخرج من هذه الازمة وقد تتطول وبالتالي نأمل ان يكون حوارنا دائماً ماذا سنفعل الآن لنسهل آلية الخروج من الأزمة من خلال مقاربة المرحلة الانتقالية ومن ثم وضع الأسس للمرحلة القادمة وحتى إذا ما تعرضنا لأزمة جديدة نعود ونحصن انفسنا اكثر”.
وقال: “نحن اليوم في بلد معروف رأسماله الأساسي ليس الغاز ولكن هو العنصر البشري والكفاءة البشرية والمهنية والحرفية والاختصاصية والتجارية والاقتصادية هذه الكفاءات تحدد علاقة العمل. وان توفر سوق العمل والكفاءات مرتبط بدور الدولة ، واقول ان الدولة الآن شبه معدومة. فهل نريد وجودا قويا للدولة في علاقاتنا مع بعضنا البعض او نريد وجوداً معيناً او رمزياً او رقابياً لها خصوصا ان كل شيء اسمه صناديق ضامنة او مخططات نهاية خدمة الخ… سواء كانت الدولة كافلتها من خلال الضمان او تعاونية الموظفين او غيرهما او بالمهن الحرة التي انتمي اليها لم تعد موجودة واختفت”.
ورأى البزري ان “الدور الذي كنا نتغنى به للبنان لا زال موجوداً ولديه فرصة اي الاقتصاد الخدماتي”، مضيفا “يتحدثون عن السرية المصرفية ونحن النواب ذاهبون لهذا الموضوع ويقال اياكم ان تقربوا من السرية المصرفية لأنكم بذلك تضربون النظام المصرفي ، بينما اصحاب المصارف ضربوا النظام المصرفي ونهبونا وسرقونا ، وبالتالي يجب ان نحدد ما هي طبيعة الاقتصاد اللبناني الذي نريد؟”، مشددا على “أهمية الإفادة من تجارب الدول الاخرى التي ضرب اقتصادها ومدى قدرة العامل وصاحب العمل على التأقلم”.
واكد ان “المطلوب نظام سياسي شفاف وحقيقي يكون لصالح المواطن وليس لصالح منظومة سياسية نهبت البلد والمطلوب عدم المس بأصول الدولة لأنها ملك الناس والناس تقول يوجد غاز او لا، الناس خائفة اذا استخرج الغاز ان لا يصل لها”.
وسأل: “ما هو مشروع الاقتصاد اللبناني لما بعد القيام من هذه الازمة ؟ كل الجهات الدولية لن تقدم لك اذا لم يوجد اتفاق مع صندوق النقد وهذا للاسف أحد المشاكل”.
وراى البزري أن “اصلاح النظام المصرفي يحتاج لإعادة هيكلة، ونحن بحاجة لرفع قانون السرية المصرفية وهذا يجب ان يكون مرتبطا بأمور معينة وليس مزايدة سياسية، نحن مع اعادة هيكلة النظام المصرفي ونحن كبلد يوجد لدينا 57 مصرفاً في لبنان، واموال المودعين أمر اساسي لسبب بسيط لأن اليوم اذا المودع لم يستطع استرداد جزء من امواله واذا كان المودع تحت المائة الف سيأخذ اموالاً اما ما فوق سيأخذ اسهماً فما هي هذه الاسهم؟ لذلك يجب أن نكون شفافين في اصلاح النظام المصرفي المالي وكل خطط التعافي ليس لها اي لزوم اذا لم يكن هناك اصلاح للنظام السياسي. واذا كان اصلاح النظام السياسي يلزمه وقت، فعلى الأقل فلنكن شفافين بالنظام المصرفي” .
وتحدث رئيس الاتحاد العمالي الدكتور بشارة الأسمر فرأى أن ” الواقع السياسي مرير وليس الواقع الاقتصادي فقط ، وقال” منذ اسبوع حتى اليوم سمعنا التراشق السياسي حتى بتنا نقول اننا قادمون على حرب وليس على مجاعة ، للأسف الخطاب السياسي منفصل كليا عن الواقع الاقتصادي وهنا الطامة الكبرى.. الحدود بحرية مختلف عليها والحدود البرية ايضا والكهرباء والمياه والسدود وكذلك النفايات مختلف عليها، فعلى اي شيء نحن متفقين لنعالج اي موضوع ، نحتاج لثقافة الاعتراف بالآخر ولأن نجلس مع بعضنا لنستطيع ان نعالج الوضع الاقتصادي الصعب” .
واضاف: “هناك اليوم نموذج جديد هو الحوار والتعاطي الايجابي مع الهيئات الاقتصادية ونحن كإتحاد عمالي عام هناك حوار بيننا وبين الهيئات وبيننا وبين الدولة . هناك زيادات اجور حصلت في القطاع الخاص والعام لكن هذه الزيادات لا تفي بالغرض ، انما هذه شمعة مضاءة في النفق المظلم . قلبنا مفتوح للحوار تفضلوا ومن يستطيع اعطاء الاكثر نحن حاضرين لنعطي اكثر وما نفذ بالقطاع الخاص سوف يستكمل ايضا بحوار مع الهيئات الاقتصادية من اجل تحسين الاجر وتحسين ملحقات الاجر وهذا ايضا بحاجة لتعاون مع القطاع العام باطار المؤسسات الضامنة”.
وإذ اشار الى تأثير النزوح السوري والوجود الفلسطيني على العمالة اللبنانية توقف الأسمر عند ظاهرة هجرة الشباب اللبناني، وكيف ان لبنان يتحول الى وطن عجوز، مشددا على “ضرورة توفير الظروف السياسية والاقتصادية المناسبة للحد من هذه الهجرة” .
وقال: “يبقى الاتحاد العمالي العام هو المظلة للجميع وللحوار بالقطاع العام والخاص وبالتعاطي مع كل الطبقة العمالية . ليس لدينا حل سحري مستقبلي ، وانما يجب ان تكون المعالجة شاملة , لا نملك الحل بوجود هذا الانقسام نعالج قطاعيا بالحد الادني الممكن منفتحين على حوار بعيدا عن التراشق انما واجب علينا ان نرتقي الى وقف هذا التراشق الاعمى المرير الذي لا يفيد شيئاً وأن نعالج امورنا بثقافة التعاطي الايجابي مع الآخر”.
بعد ذلك تحدث شقير فرأى أن “محاربة وانهاء الفساد، لا يمكن ان يتحقق الا بأمرين اثنين لا ثالث لهما: المكننة والشراكة بين القطاع العام والخاص لإدارة اصول الدولة”، مضيفا “عندما تقتنع القوى السياسية بذلك حينها نستطيع أن نحارب الفساد”.
وفي ما يتعلق بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، قال شقير “صحيح أن المبلغ المخصص للبنان من قبل الصندوق هو 3 مليارات دولار، وهو مبلغ قليل، ولكن الإتفاق مع الصندوق هو من أجل التوقيع الذي يعيد الثقة بلبنان لدى دول والمؤسسات الدولية، فلا رجوع للبنان الى الأسواق المالية العالمية من دون الإتفاق مع صندوق النقد”، مشيراً الى أنه “هناك دول كان وضعها شبيها يوضعنا مثل قبرص ومصر واليونان، ذهبوا الى صندوق النقد ووقعوا معه ونفذوا البرنامج التي تم الإتفاق عليها وعالجوا اوضاعهم”.
وأضاف: “ان لبنان والشعب اللبناني اذا لم نتوصل لإتفاق مع صندوق النقد الذي يدفع لتنفيذ أجندة الإصلاحات والبدء بتنفيذ خطة تعاف مالي وإقتصادي، خصوصاً ان جميع السفراء الذين نلتقيهم من اكثر دول التي تربطنا علاقة وثيقة بها الى ابعد دولة يؤكدون إنهم بإنتظار التوقيع مع صندوق النقد لتقديم المساعدة الفعلية للبنان”، محذراً من أنه “لا أحد يتوقع اكثر من صندوق إعاشة، اذا لم نوقع مع صندوق النقد”.
وقال شقير: “للاسف القوى السياسية لن تستطيع ان تقوم بإصلاح، وهي لم تقم بهذا الأمر بإرادتها، ولو تحملت مسؤوليتها وقامت بالإصلاحات المطلوبة، لما كان البلد وصل الى الإفلاس”، مشدداً على ان “البلد لم يفلس لوحده وانما هناك قرار اتخذ بإفلاسه”.
وحول أسباب “تطيير” حكومة الرئيس سعد الحريري، قال شقير: “مهما تعرض الانسان للظلم سيعطيه رب العالمين حقه وبالنهاية الشمس طالعة والناس قاشعة. فأحد أسباب تطيير حكومة سعد الحريري لأنه كان يرفض التخلف عن الدفع سندات اليوروبوند. فهل يعقل ان يكون هناك دولة في الكرة الأرضية ، لديها 35 مليار دولار، وكان عليها استحقاق بمليار و400 مليون، منها 500 مليون للخارج و900 مليون للداخل، وتتخلف عن الدفع ؟. لكن كان المفروض علينا ان نفلس”.
وتابع: “نحن كهيئات اقتصادية اليوم لدينا 3 ملفات نتابعها بشكل أساسي: الأول أوضاع موظفي القطاع الخاص، وفي هذا الإطار، نحن بتواصل بشكل دائم مع الاتحاد العمالي العام وعلى هذا الاساس قمنا بزيادة الأجور مرتين، واليوم ومجدداً يطالب رئيس الاتحاد بزيادة جديدة، لكن المطالب محقة والله يعين الناس”.
وعن الكفاءات، قال شقير: “اليوم بكل صراحة الكفاءات لا تزال موجودة في كل القطاعات. ربما ذهب الكثيرون في بداية الازمة، إلا أن بعضهم عاد الى لبنان.
وشدد شقير على أن “اهم شيء الحفاظ على جامعاتنا لأنه طالما هناك جامعات وعلم مميز فبإستطاعتنا بناء كل ما تهدم، لكن اذا ذهب العلم عندها لبنان يحتاج الى 100 سنة ليبنى من جديد، والأمر الثاني هو موضوع موظفي القطاع العام وهم أكبر المظلومين. وهنا أوجه تحية لكل موظف في القطاع العام ولكل عسكري في هذه الدولة الذي لا يزال بأربعين دولاراً يبتسم لك على الحاجز ويدافعوا عنك عند أي طارئ، أمني ، ويقبضوا على شبكات وعصابات وخلايا وتجار مخدرات، كل ذلك بأربعين دولاراً في الشهر.. هذه بصراحة جريمة بحق موظفي القطاع العام”.
وتابع: “النقطة الثالثة نحن منذ 3 او 4 اشهر عملنا على إعداد خطة تعاف مالي وإقتصادي، لا شعارات فيها، وانا تمنيت على كل القوى السياسية وعلى اغلبية نوابنا الكرام ان لا ندخل الشعارات في هذه الخطة”، مضيفا ” اليوم الخطة التي اطلقناها كل رقم درس عشرات الساعات وكان في اللجنة ليس فقط من الهيئات بل مستشارين اقتصاديين ومتخصصين بالقانون لنرى اذا كان كل شيء نسير به يمكن أن يطبق. والمهم في هذه الخطة أنها متوازنة وعادلة وموثوقة، وهي تركز على تحقيق العدالة الإجتماعية وتوفير أيضاً الحماية الإجتماعية وإعادة الودائع حتى 100 ألف دولار كاملة لكل مودع، وكذلك تلحظ الخطة برنامجاً طموحاً يستهدف تفعيل وتحسين كفاءة أصول الدولة عبر إدارتها من قبل شركات متخصصة ومتميزة،، لإعادة الودائع لكبار المودعين، عبر العائدات الناتجة عن إدارة أصول الدولة مع الحفاظ عليها”.
وختم شقير: “بهذه الخطة نحفظ حقوق الناس والمودعين الصغار ووجدنا طريقة لكبار المودعين وحملنا المصارف ما يتوجب عليها من دون ان نفلسها”,
بعد ذلك فتح باب الحوار والنقاش حول موضوع اللقاء والمواضيع التي أثيرت حيث كانت مداخلات وأسئلة من عدد من الفاعليات والاقتصاديين والنقابيين الحاضرين.
وفي معرض رده على بعض المداخلات كشف شقير عن أن “دين الدولة محي واصبح أقل من 8 مليارات دولار”، مشيراً الى ان “الخطة حملت مسؤولية الخسائر لثلاث جهات وبشكل تسلسلي ، الدولة ومصرف لبنان والمصارف”.
وأوضح أن “صندوق النقد قال لنا ان سبب الخسائر والإفلاس ناتج عن خسائر الكهرباء، نحو 44 مليار دولار، ودعم الليرة، حوالي 31 مليارا”.
وحول توقعاته للأوضاع في المرحلة القادمة اعرب شقير عن تفاؤله رغم كل شيء وقال:” اعتقد موضوع ترسيم الحدود اصبح على نهايته وكذلك الاتفاق النووي الأميركي الإيراني والعلاقات الخارجية أيضا وكلها ستؤثر ايجابا على لبنان . وطالما هناك لبناني في لبنان سننتهي ان شاء الله من هذا الوضع الصعب.. حمى الله لبنان”.