كتب عوني الكعكي:
يوجد مثل شعبي عندنا يقول: «ما بتعرف قيمته حتى تجرّب غيره».
يُحْكى الكثير عن أخطاء قام بها الرئيس سعد الحريري.. وأنا هنا لا أدافع ولا أُشهّر بل أقول الحقيقة كما هي:
أولاً: لو كان الرئيس سعد الحريري موجوداً لما حصل ما حصل في الانتخابات النيابية… إذْ لا يوجد نائبان من أهل السنّة يتحدّثان مع بعضهما كي لا نقول إنّ زعيم لائحة معيّنة دفع 10 ملايين دولار كي يأتي بنائب ثانٍ الى جانبه فلم يستطع وسقطت لائحته بالكامل وزَمَطْ هو فقط لا غير… على كل حال غير مأسوف عليه، لأن ماله حرام… جمعه من صفقات أسلحة مشبوهة.
ثانياً: صحيح ان هناك في المجلس 27 نائباً من أهل السنّة، والصحيح أيضاً أنّ سماحة المفتي يحاول أن يوجد بينهم حَدّاً أدنى من التفاهم، ولكن الاصح أنها طبخة بحص حيث ان المجلس يحتوي على مجموعة من أهل السنّة، نجحت عن طريق «الحزب» أو جماعته، اما الباقون فكل واحد لوحده بينما عندما كان الرئيس الحريري كانت كتلته تضم أغلبية نواب أهل السنّة.
ثالثاً: يبدو ان الفراغ هو المسيطر على الساحة اللبنانية تعود لأسباب عدّة… فالساحة بحاجة الى سعد الحريري لأنّ د. سمير جعجع قائد «القوات» ما زال لا يرى أحداً غيره.. والوقت الحالي ليس مناسباً لمجيئه لعدّة أسباب منها: انه لا يوجد الى جانبه زعيم سنّي… كذلك لا يوجد الى جانبه زعيم شيعي كما لا يوجد الى جانبه زعيم درزي وحتى بالنسبة لوضعه المسيحي فليس هناك إجماع عليه أو حوله..
رابعاً: الطفل المعجزة الصهر المدلّل أيضاً ليس له أي حظ لعدة أسباب أهمها انه على لائحة العقوبات الاميركية… كذلك فإنه كان أفشل وزير في تاريخ الجمهورية اللبنانية ويكفي انه كبّد البلد خسارة 65 مليار دولار أميركي من الكهرباء، وكان فاشلاً في وزارة الاتصالات، وأفشل في الخارجية، ولكن الأصح، وفي هذا العهد الميمون وبسببه أصبح لبنان يعيش شبه قطيعة مع العالم العربي، ويكفي أنّ المملكة العربية السعودية وأهل الخليج ممنوعون من المجيء الى لبنان… وهذا وحده يعتبر خسارة ما لا يقل عن 5 مليارات دولار سنوياً من السياحة الخليجية.
أكتفي بالقول إنّ تضحية الرئيس الحريري بتأييد مجيء ميشال عون للرئاسة كانت بعد «اتفاق معراب»، وتأييد قائد «القوات اللبنانية» له والأهم اننا كنا نعيش عامين ونصف العام من دون رئيس، أي كان الفراغ هو الحاكم.
اليوم تتجه الأمور الى الفراغ خاصة وأنّ الاتفاق النووي الايراني مع أميركا متأخر لما بعد الانتخابات الاميركية النصْفية.
وكذلك فإنّ الأمور في لبنان أصبحت أصعب من ذي قبل لأنه ومن خلال نظرة الى المجلس النيابي الحالي نرى أنّ من المستحيل أن يكون هناك اتفاق محلّي في المدى المنظور… وهكذا فإنّ احتمالات أن يتوصّل المجلس الى اتفاق على رئيس تبدو شبه مستحيل.
بالعودة الى تاريخ لبنان، فإنّ الأحداث تقول إنّ انتخاب رئيس للجمهورية «يأتي» من خارج لبنان. ففي زمن عبد الناصر كان اتفاقه مع أميركا سبب تولّي الرئيس فؤاد شهاب الحكم، وبعد عبد الناصر جاء الرئيس حافظ الأسد، وبالفعل فإنّ انتخاب رئيس الجمهورية صار يتم بين أميركا وبين حافظ الأسد. أما بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد وتسلم ابنه بشار الذي عطل الدور السوري منذ عام 2003 بعد ما جرى بين الرئيس بشار الأسد وبين المبعوث الاميركي في ذلك الوقت ريتشارد ارميتاج نائب وزير خارجية أميركا الذي جاء الى سوريا في شهر تموز واجتمع بالرئيس بشار وجرى الاتفاق أن يعطى الرئيس الاسد 3 أسماء للمبعوث الاميركي…
وجرى بعد خروج ارميتاج اجتماع بين الاسد وخدام، فعرض الاسد العرض الاميركي، وللتاريخ نصح خدام الاسد أن يمشي بالمشروع الاميركي، وذكّره بأنّ عهد والده شهد أكبر استقرار في تاريخ سوريا 30 سنة منذ عام 1970 الى 2000 يوم وفاته، بسبب العلاقة الجيدة مع أميركا، بينما وزير الخارجية فاروق الشرع قال إنّ سوريا تملك 3 ملفات: لبنان والمقاومة والفلسطينيين في لبنان لذلك يجب التمسّك بالرئيس الفاشل إميل لحود. وهكذا، فشل الاسد والكل يعلم ما حصل في سوريا، وكيف تقسّمت ودمّرت؟ وكيف هاجر 12 مليون مواطن؟ وكيف قتل مليون وخمسماية ألف؟ واليوم تحتاج سوريا الى 1000 مليار دولار لتعود كما كانت عام 2000.