خاص الهديل:
كان عميد السياسة اللبنانية ريمون ادة ، يقول ان الرئاسة في لبنان تصل ” لأصحاب الحظوظ ” ؛ وكان يضيف قائلا أنها “ليست لاصحاب العقول”.
.. فيما خص الجزء الأول من مقولة العميد ادة عن أن الرئاسة الأولى في لبنان ينالها أصحاب الحظوظ ، فإن هذا الأمر ربما بشكل كبير ، تنطبق مع تاريخ سليمان فرنجية مع رئاسة الجمهورية.
خلال الانتخابات الرئاسية الاخيرة، كانت فرصة فرنجية للوصول إلى قصر بعبدا، أصبحت وشيكة، بعد أن رشحه سعد الحريري للرئاسة، وحينها لم يرفضه الخليجيون ، وظهر ان له مقبوليه فرنسية، وعد ممانعة اميركية .
العقبة الوحيدة التي واجهت فرنجية آنذاك ، وهي تشبه “ضربة الحظ السيئة” التي عاكست وصوله للرئاسة؛ تمثلت بوعد حليفه الاستراتيجي المسبق ( نصر الله) لميشال عون بإيصاله لقصر بعبدا .
ووجد فرنجية نفسه حينها أمام خيارين أثنين لا ثالث لهما؛ فإما أن يحترم الوعد الصادق للسيد نصر الله للجنرال عون ويعزف عن الإستمرار بخوص معركته الرئاسية؛ وإما أن يرفض التخلي عن فرصته لمجرد أن نصر الله وعد عون برئاسة الجمهورية؟؟.
وقد اختار فرنحية الموقف الاول؛ اي انه فضل استمرار تحالفه مع نصر الله على فرصة الوصول إلى الرئاسة.
اليوم – على ما يبدو – يتم وضع فرنجية أمام نفس الخيار تقريبا ، ولكن هذه المرة المعادلة مختلفة ؛ فنصر الله لم يقدم الوعد الصادق لا لجبران باسيل ولا لغيره، ولكن حسابات نصر الله تقول بثقة أن مصلحة حزب الله تكمن بإيصال رئيس تسوية إلى قصر بعبدا، يمكنه أن يمنح البلد فرصة تفاؤل على الأقل ولو لمدة سنة، بينما لو اوصل حزب الله فرنجية أو أي من حلفائه للرئاسة الأولى، فإن هذا الأمر سيؤدي حتما إلى إستمرار أزمة الثقة بين الناس ومنظومة الحكم في البلد .
أن اكثر ما يشغل بال السيد نصر الله في هذه اللحظة – حسبما يمكن التكهن به – هو ان لا يكرر الحزب خطأ التمسك بايصال مرشح له للرئاسة . فتجربة انتخاب ميشال عون مرشح حزب الله لقصر بعبدا اضرت بالبلد، وأضرت بالحرب، وانهت صورة الجنرال عون كرمز وطني ومسيحي كبير، واحالته الى أفشل رئيس جمعورية بتاريخ لبنان.
ورغم أن حزب الله أخذته النشوة بعد انتخاب عون رئيسا للجمهورية، كونه اعتقد ان” فخامة الرئيس يصنع في حارة حريك” ، الا انه اليوم، وبعد نهاية عهد عون، اكتشف ان هذا الشعار عن صناعة الرئيس في قصر بعبدا ، هو أكبر كمين لحزب الله ، وهو وصفة سريعة لجعل الحزب محاصرا داخل بلد محاصر.
والواقع أنه بمثلما ان إنتخابات رئاسة الجمهورية تسبب لحزب الله احراجا له داخل بيئة تحالفاته المسيحية؛ اذا انه عاجز عن إرضاء وتعويض باسيل، وغير قادر على تحقيق حلم فرنجية، الا ان استحقاق رئاسة الجمهورية يقدم للحزب في الوقت عينه، فرصة لإبرام مقايضات على المستوى الإقليمي والدولي؛ ذلك أنه في حال رغب الخارج بتمرير انتخابات الرئاسة في لبنان لاسباب تتعلق بأهداف خارج لبنان ، فإن حزب الله سيصبح عنوانا مقصودا اقليميا ودوليا للتفاوض معه من أجل تسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية، كون الجميع في الخارج والداخل بعلم حقيقة انه لا رئيس جديد في بعبدا لا يحظى بموافقة حزب الله عليه.
وبخلاصة التجربة فإن حزب الله يجد بعد طول تبصر بتجربته مع الرئيس ميشال عون ، انه من الأفضل لحارة حريك أن ناخبا كبيرا في انتخابات الرئاسة الأولى على أن تكون مصنع إنتاج رؤساء الجمهورية.