كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
ما يحصل في أروقة الجامعة اللبنانية مخيف، ويخفي في طياته أهدافا مشبوهة قد تكون مقدمة لتهميشها وصولاً إلى اضمحلالها. حتى الساعة تتخبط الجامعة في قراراتها، بين كليات حدّدت مواعيد لإجراء امتحانات نهاية العام الدراسي الماضي، وأخرى ما زالت تلتزم بقرار الإضراب. وسط كل ذلك، ما زال الطلاب ينتظرون مصير عامهم الدراسي المنصرم، في وقت انطلق العام الدراسي الجديد في الجامعات الخاصة. فهل من ينقذ جامعة الوطن ام ان انهياره ينسحب على صرحه العلمي العالي؟
رئيس رابطة الاساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية الدكتور عامر حلواني يؤكد لـ”المركزية” “ان السلطة تمارس كل أعمال التهديد والوعيد بحق الاساتذة من أجل إجراء الامتحانات، لكن الرابطة ما زالت مستمرة في إضرابها، والأمور ما زالت معرقلة حتى الساعة… فالمساعدات التي أُقِرّت للأساتذة، ما زالت حبراً على ورق، هم لم يقبضوا أي مبلغ منذ شهر كانون الثاني. يقولون ان هناك 104 مليار ليرة أقرتها الدولة كمساعدة اجتماعية لكل موظف، عبارة عن نصف شهر إضافي، من كانون الثاني وحتى حزيران، لكن حتى الآن لا شيئ في الأفق. وهنا نتحدث عن بداية العام عندما كان سعر صرف الدولار 20 ألف ليرة في حين أصبح اليوم 37 ألف ليرة.حتى لو حصل عليها الاساتذة اليوم، فإنها لم تعد تكفي لأن قيمتها انخفضت بشكل كبير. يقرون مساعدات لكن الجامعة لا يصلها أي شيء، ويتم حبسها في وزارة المالية”.
ويؤكد حلواني ان “وضع الاساتذة بائس للغاية، ومن المعيب بحق الدولة ان تتعاطى معهم بهذه الطريقة. اساتذة الجامعة لجأوا إلى الاضراب لأن أيديهم مكبلة ولا يستطيعون القيام بمهامهم، وعندما يتم تنفيذ هذه الوعود، لكل حادث حديث”.
عن ملف التفرغ والملاك وغيرها من الملفات العالقة، يقول حلواني: “الهم المعيشي طغى على ما عداه من ملفات، خاصة وان الحكومة هي اليوم حكومة تصريف أعمال ولا يمكنها البتّ واتخاذ قرارات في هذه المواضيع حالياً، إنما ملف التفرغ حيوي واساسي لأن اساتذة الجامعة من فئة الشباب باتوا يهاجرون متى سنحت لهم الفرصة بذلك، وكان الأجدى بالدولة أن تتشبث بهم وتقر ملف التفرغ للمحافظة عليهم. فمن بقي منهم هم فقط المرتبطون بعائلاتهم وأهلهم. للأسف لم يقرّ هذا الملف لأن كل شيء مسيّس في لبنان”.
من جهة أخرى، يعتبر حلواني “أن استمرار الجامعة بالتدريس عن بعد سيؤدي إلى نهايتها. حتى الساعة ليس باستطاعة الجامعة أن تعلّم إلا “اونلاين” للاسف، لأن كل المجمعات والكليات مهملة وتفتقر إلى أدنى الأمور التشغيلية من كهرباء وانترنت وورق وحبر.. ولا حياة فيها. فإذا لم يتمّ تأمين أبسط مقومات صمودها لإعادة إحياء الأبنية، المشكلة ستتأزم.
“يدورالحديث اليوم حول بقاء التعليم عن بعد، إلا أن هذا القرار بمثابة تعديم الجامعة وإعلان إفلاسها وموتها السريري من دون أن يعلن أحد عن ذلك”، لافتاً إلى “ان الحياة الجامعية هي أكثر من ورقة وقلم، بل حياة وتفاعل يعيشها الطالب مع رفاقه واساتذته. فإذا لم تتمكن الجامعة اللبنانية من الإقلاع بطريقة جدية، سيكون هذا إعلان مقنع لتدميرها”.
ويشير الحلواني الى “ان الطالب المقتدر ينسحب من الجامعة اللبنانية ويتجه نحو الخاصة، ويبدو هذا المطلوب والهدف النهائي والواضح، لأن السلطة تريد تصفية القطاع العام والجامعة اللبنانية، من خلال “تهشيل” الطلاب والاساتذة، ومن يبقى منهم يسيّرونه كيفما كان…لكن في الموازاة، لا يمكن ان نكون شهود زور ونقول للطلاب بأننا نعلمهم، في حين اننا لا نقوم بذلك بالصورة التي نطمح لها ونحلم بها. كما ان الاستاذ الذي لا يستطيع تأمين لقمة عيش أولاده كيف سيعلّم اولاد الغير”.
ويرى حلواني ان “الوضع ينطبق أيضاً على الطلاب الذين لا يمكنهم الوصول الى الجامعة، لذلك أشرنا في خطة النهوض التي وضعناها إلى ثلاث نقاط: أولاً مساعدة الاساتذة وثانياً تأمين مستلزمات الجامعة من اجل تشغيل المولدات والكهرباء وثالثاً مساعدة الطلاب في الوصول الى الجامعة”.
اما عن المساعدات الخارجية ومن الجهات المانحة فيؤكد حلواني ان “الجهود باءت بالفشل على ما يبدو ولا ايجابية في الموضوع حتى الساعة، لأن الدولة ما زالت تفقد مصداقيتها يوما بعد يوم ولا تقوم بأي اصلاحات وتتفرج على الانهيار”.