كتب عوني الكعكي:
كثير من الكلام الكبير، الذي لا يُسْمِنُ ولا يغني من جوع، وقليل من المشاريع والأفكار التي يمكن أن تساعد في تخفيف الأزمة والأقل من الكلام حول مشاريع جدّية إنقاذية…
يمكن أن تكون الملاحظات على الشكل التالي:
أولاً: الجو بين النواب من دون ذكر أسمائهم لا يبشّر بأنّ هذا المجلس بتركيبته الموجودة يمكن أن ينتج أي حلول… بل العكس تماماً ونقولها بكل ثقة… إنه لولا وجود رجل قيادي وعاقل وموزون مثل دولة الرئيس نبيه بري لكان الوضع أسوأ مما يتصوّره إنسان.
ثانياً: يبدو أنّ الانقسام بين أبناء الوطن أصبح كبيراً، حيث ان هناك فريقين: الأول يريدنا أن نعيش في ثقافة الحياة، والآخر يريد أن يأخذنا الى ثقافة الموت… والمشكلة هنا ان الفريق الثاني هو الذي يحمل السلاح، وهو الذي يقرّر. ويمكن أن نذهب أكثر، فلو «ركبت» سيارة وجُلْتَ في المدينة فإنّك ترى أنّ البلد مقسوم الى منطقتين: بين ثقافة الموت حيث ترى هناك الفوضى وعدم الترتيب على جميع الأصعدة، في الوقت الذي ترى مجتمعاً ثانياً في المدينة نفسها ولكن في منطقة يمكن أن تسمّيها منطقة «ثقافة الحياة» تشعر فيها انك في عالم ثانٍ، عالم يذكّرك بما كان عليه لبنان الاخضر، لبنان الحضارة، لبنان الثقافة، لبنان الجامعة، لبنان المستشفى، لبنان المحبة، لبنان التقدّم، لبنان سويسرا الشرق.
ثالثاً: لن أتوقف عند كلمات بعض النواب، وأنا أعلم ان هناك شخصيتين عند كل نائب: شخصية يقول صاحبها كلاماً من أجل إظهار بطولات أمام جمهوره خاصة وأنّ الجلسة منقولة «لايف» أي مباشرة على الهواء، وهكذا ترى النائب مهتماً بالبذلة و»الكراڤات» و»اللوك»، اما بالنسبة للسيدات فالقضية أصعب.
أما الشخصية الثانية فهي حين يحين موعد التصويت، فإنك سترى الجميع مثل «الشاطرين» يهرعون للموافقة.
رابعاً: هناك غياب لوجود رأي شريك أساسي في تركيبة الوطن وهو «الشريك السنّي» الذي هو الى حد كبير غير موجود بالرغم من بعض المحاولات التي يقوم بها البعض، ولكن للأسف لا يوجد نائب أو زعيم سنّي عنده نائب واحد معه، وهذا يؤدي الى ان الوطن أصبح «أعرج» لأنّ هناك «مكوّناً أساسياً» غير موجود.
خامساً: كثير من الكلام قيل عن أرقام الموازنة وأرقام الخسائر وأرقام الديون وأرقام البنوك، ولكن للأسف لا توجد سلطة حقيقية واحدة يمكن الاعتماد عليها كي يكون عند المجلس الكريم مرجعية مالية يمكن أن يُبنى عليها وأن تعالج الأمور على أساسها، وهذا ظاهر لأن كل نائب عنده أرقام تتناقض مع ما يحمله زميله، لذلك أصبح المواطن تائهاً، لا يعلم أي أرقام يمكن أن يعتمدها أو يبني رؤيته المستقبلية عليها.
سادساً: لم يتقدّم أحد بمشروع واحد عن كيفية الانقاذ الاقتصادي والمالي الذي نحن بحاجة إليه. وأستغرب ان مجلساً نيابياً يضم الكثير من الشخصيات ومنهم رجال مال وأعمال واقتصاد لم يتقدّم أحد من أعضائه بأي مشروع يمكن أن يُبْنى عليه أو يستحق نقاشاً يمكنه أن يؤدي الى إنقاذ البلد.
سابعاً: لن أتوقف كثيراً عند هذه الجلسة لأننا في آخر أسوأ وأفشل عهد مرّ في تاريخ الجمهورية اللبنانية، عهد وصفه فخامة رئيسه بـ»عهد جهنم».
انطلاقاً من عهد جهنم هذا، ماذا يمكن أن ينتظر أي مواطن على صعيد: 1- الكهرباء، 2- المياه، 3- سعر صرف الدولار، 4- المستشفيات، 5- الادوية، 6- الأطباء، 7- المدارس، 8- الجامعات، 9- الدولار الجمركي.
أخيراً، إنّ أسوأ ما يحدث اليوم هو فقدان الأمن وبالأخص بالنسبة للمواطن.
أما ما يحصل مع البنوك، فلا بد من أن أكرر ما أقوله دائماً: إن مشكلة المواطن الحقيقية بالنسبة لودائعه هي الدولة التي استدانت أمواله من البنوك ورفضت إعادتها. وهكذا أصبحت البنوك بمواجهة مع المواطن، والمواطن المغلوب على أمره لا يعرف ماذا يجب أن يفعل؟..
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*