خاص الهديل:
لم يكن الحدث الأهم في مجلس النواب أمس نقاش الموازنة، بل كان بلا شك خطوة ” المعارضة” بتطيير نصاب الجلسة، ما أضطر الرئيس نبيه بري إلى رفعها وتأجيل نقاش الموازنة لموعد اخر.
وصف رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الحدث بأنه هام، لأنه أظهر وحدة المعارضة . والنائب القواتي جورج عدوان قال ” نحن من طيرنا النصاب”. والتغيريون من ابراهيم منيمنة إلى ميشال معوص اعتبروا ان المعارضة افشلت موازنة افقار الناس. ورد علي حسن خليل عن أمل، وحتى هادي ابو الحسن عن الاشتراكي، ونواب من حزب الله، ومستقلون قريبون لمحور أحزاب السلطة، بانهم ضد تطيير النصاب، رغم انه “حق ديمقراطي” .
والواقع ان اهمية حدث تطيير النصاب الذي جرى أمس، لا تكمن في انه جرى ضد جلسة نقاش الموازنة العامة، ولكن أهميته يتم احتسابها من خلال ان هذا ” الحق الديموقراطي المكروه” الذي يدعى ” تطيير النصاب” تمت ممارسته عشية موعد عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. ومن هنا رأى الكثيرون في خطوة تطيير النصاب أمس بأنها ” بروفا” على الحامي لممارسة عملية تطيير النصاب من قبل المعارضة ضد مرشح حزب الله وحلفائه لرئاسة الجمهورية.. والواقع ان عدوان كان يريد ايصال هذه الرسالة عندما عقب على تطيير النصاب أمس بالقول : نحن طيرنا النصاب”. اي ان عدوان اراد القول ان القوات اللبنانية التي وعد رئيسها سمير جعجع باستخدام حق تطيير نصاب جلسة رئاسة الجمهورية ، إنما هي قادرة على. تنفيذ وعدها بدليل نجاحها بتطيير نصاب جلسة الموازنة العامة.
ولكن المهم والأهم بخصوص ما حصل في جلسة نقاش الموازنة العامة أمس، هو انه جرى إحتساب ” بونتاج مجتزأ لعملية تطيير النصاب” : فالقوات اللبنانية والكتائب والنواب التغيريون والنواب المستقلون، انتهزوا فرصة ان الكتل النيابية الحزبية لم تحضر جلسة أمس، بكل نوابها. وأجروا احتسابا ميدانيا داخل الجلسة للنواب الموجودين في القاعة، فتبين لهم انهم يستطيعون تطيير النصاب ؛ وفعلوا ذلك من دون تردد .. والمهم هنا هو التركيز على عبارة ” أنهم فعلوا ذلك من دون تردد”؛ ما يعني أنه بات يوجد قرار لدى “مجتمع نواب المعارضة” بمعظم اطيافها، بضرورة إستخدام سلاح تطيير النصاب ضد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فيما لو كانت هذه الجلسة ستسفر عن انتخاب رئيس لا يمثل قناعات نواب التغيير وجبهة المعارضة . وهذا يعني ايضا، أن كلام جعجع قبل أيام عن استخدام سلاح تطيير النصاب في انتخابات رئاسة الجمهورية، ليس صوتا قواتيا منعزلا في صحراء ، بل لديه صدى داخل بيئة المعارضة بكل ألوانها.
أمر اخر يعتبر هو المهم والأهم في جلسة أمس النيابية، وهو موقف وليد جنبلاط الذي هو ضد تطيير النصاب، ولكته ليس مع الموازنة. هذا الموقف الجنبلاطي يؤدي منطقيا إلى طرح السؤال عن : ماذا ينتظر جنبلاط حتى يحسم أمره كيف سيتصرف مع استحقاق رئاسة الجمهورية؟؟” ؛ هل سيكون معارضة ام سيكون نصف معارضة ونصف موالاة؟.
.. التغيريون من جعجع إلى بولا يعقوبيان وما بينهما، مقتنعون بأن موقف المعارضة في معركة رئاسة الجمهورية سيصبح أقوى فيما لو تأمن لها حسم موقف جنبلاط لصالحها، وايضا فيما لو تأمن لها حسم موقف نحو عشرة نواب سنة، يقال ان هؤلاء، كما جنبلاط، لا يمكن جذبهم إلى معركة مواجهة رئاسية مع العونيبن وحزب الله وحلفائهما المبشرين وغير المباشرين، الا اذا توفر قرار خارجي عربي بخاصة أو دولي لصالح دعم موقف المعارضة في استحقاق رئاسة الجمهورية . فهل يأتي هذا القرار ؟؟ ..
و”السؤال الأذكى” هنا ، هو : هل “بروفا” أمس بخصوص تطيير نصاب جلسة الموازنة العامة النيابية، ستلفت نظر الخارج إلى قدرات المعارضة؛ الأمر الذي سيجعل الخارج يستثار ليدعم خيار المعارضة؟ !. ..