الهديل

“مستقبل” باسيل في خطر.. وعون: “ما تتركوه”!

كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:

تعكس الأحزاب السياسية في بنيتها صورة مصغّرة عن المجتمع، تحرص من خلالها على إرساء قيم الديمقراطية الكفيلة بتطبيقها وتطويرها حال وصولها إلى السلطة، قبل ان يطيح «التيار الوطني الحر» بهذه المعادلة، ويُسخّر رئيسه الفخري مؤسسات الدولة الرسمية في خدمة «وريثه» السياسي على حساب رفاق النضال، وفق تقاطع الآراء لدى المبعدين قسراً والمعارضين لسياسات رئيسه جبران باسيل.

وإن كانت تنقية الصفوف داخل الأطر السياسيّة تساهم في تحقيق المساواة والشفافيّة داخل المؤسسة، فإن ما يحصل في «التيار الوطني الحر» من إقصاء وطرد للمناضلين القدامى شكّلا بالنسبة إلى الكثيرين إستعراضاً وهمياً لعملية الهروب إلى الأمام وإخفاء الإنتكاسة التي خلفتها سياساته المتهورة على البلد، مع اقتراب ساعة الحقيقة وانتهاء عهد الرئيس ميشال عون ومعه وعود الإصلاح والتغيير، التي أودت باللبنانيين وآمالهم إلى «جهنم» التي بشرهم بها الرئيس، والتي عوض الإنكباب على اجتراح الحلول الإنقاذية، تتأقلم الحلقة اللصيقة بالعهد مع الإنهيار المتمادي في لبنان وتنكب على تنظيم وفود المناضلين والمناصرين إلى بعبدا وحثهم على الوقوف إلى جانب باسيل والإنتباه اليه، خلافاً للإرتياح الذي رافق عون في 2015 مع تسليم الأمانة إلى جبران مطمئناً من أن خلفه سيكون «قدها وقدود»!

ومع التأكيد أن زيارات مناصري «التيار» إلى بعبدا لا تخلو من دعوتهم للوقوف الى جانب باسيل، تتسارع وتيرة الإعتراض داخل صفوف «التيار» وصولاً إلى فصل بعض كوادره وليس آخرهم النواب السابقين حكمت ديب، ماريو عون وزياد أسود، بعد المؤسسين نعيم عون، أنطوان نصرالله، زياد عبس ورمزي كنج وآخرين.

وعلى الرغم من أن القاسم المشترك بين المبعدين عن «التيار» يكمن في معارضتهم لهيمنة وأداء النائب جبران باسيل ومحاولاته الإستئثار بالقرار وإبعاد «الصقور» من طريقه، فلكلٍ من المبعدين أو «الحردانين» قصته.

فبين أن يكون نائباً خلافاً للقناعات التي نشأ عليها العميد والنائب السابق شامل روكز، إرتأى الحفاظ على قناعاته والمبادئ التي انطلق منها والإبتعاد عن «التيار» أو تكتل «لبنان القوي» الذي فقد الإنسجام معه ومع سياساته المتبعة، وفق ما أوضح لـ «نداء الوطن»، مؤكداً الإستمرار في العمل السياسي إلى جانب الذين تجمعهم المبادئ المشتركة الهادفة إلى خلاص البلد، لافتاً إلى أن التواصل قائم مع المسؤولين الذين يتم إخراجهم من «التيار»، مشيراً إلى أن تنظيم صفوفهم وارد في الوقت المناسب، مؤكداً أن «الجو» الذي وُجد فيه قبل ابتعاده عن تكتل «لبنان القوي» برئاسة باسيل هو الذي أوصل البلد إلى ما وصلنا إليه اليوم»، مشدداً على أن سياسة «التيار» اليوم لا تمثل المبادئ والقناعات التي كان يتكلم عنها الجنرال ميشال عون.

وإذ إعتبر روكز أن خروجه من الندوة البرلمانية لا يحول دون متابعة النضال، توقف عند الضغوط والوسائل القاسية التي تحكمت في إرادة الناخبين وانعكست سلباً على النتائج التي حصدها في الإنتخابات النيابية الأخيرة وسط «قانون يزور الإرادة الشعبية لصالح الأحزاب التي أوصلت البلد إلى ما وصل إليه اليوم»، لافتاً إلى أن تلك الضغوط ستتلاشى مع خروج الرئيس عون من قصر بعبدا، مشدداً في السياق، على الإستمرار في النضال ومواجهة الذين يخالفون قناعاته ومبادئه.

ومع تأكيد روكز على أهمية التوجه إلى الرأي العام وتوعيته على أن الوضع الذي وصل إليه نتج جرّاء الأعمال التي قامت بها هذه الطبقة السياسيّة التي أوصلت الناس إلى ما وصلوا إليه اليوم، إستبعد بعض المبعدين أيضاً «مأسسة هذا الإعتراض» عبر جبهة معارضة متراصة وسط الأزمة الحالية التي يمر بها لبنان، مؤكدين الإستمرار في نضالهم بعيداً عن الأطر التقليدية، والوقوف إلى جانب المواطنين إلى أن تنضج الظروف المؤاتية لإطلاق إطار تنظيمي معارض، وأن «طرد» المناضلين من «التيار» يشكل صكّ براءة لهم لاعتراضهم على سياسات «التيار» ورئيسه جبران باسيل.

وإلى أن يعمّ النضوج المرتجى داخل «التيار» وعلى المستوى الوطني، تؤكّد مصادر «نداء الوطن» متابعة النائب السابق زياد أسود مسيرته وعمله السياسي إنطلاقاً من القضايا الوطنية التي تعكس فكرة الدولة ولا تنحصر في فكرة الحزب الذي سجّل اعتراضه على العديد من المقاربات والأفكار التي طرحت على طاولته. وإن كان القاسم المشترك أيضاً بين المبعدين عن «التيار» يكمن في الأفكار والقناعات السياسية التي تتبلور وفق المبادئ ولا تتبدل مع المصالح، يبرز اصرارهم على عدم الخضوع والخوف من الحملات الممنهجة التي تحاول تخوين نضالهم «البطولي» بين ليلة وأخرى، مؤكدين التزامهم الأخلاقي والأدبي لأنفسهم قبل الآخرين إلى أن يحلّ 31 تشرين الأول والتيقُّن من مسار الأحداث قبل القيام بأي إطار تنظيمي لاستكمال النضال الفردي الذي لن يتوقف.

في غضون ذلك، يوضح أحد مؤسسي «التيار الوطني الحر» رمزي كنج لـ «نداء الوطن» ان الإتصال لم ينقطع يوماً مع المناضلين في «التيار» رغم إبعاده عن أطره التنظيمية منذ 2019، مؤكداً أن فصل المناضلين الذي بدأ منذ 2015 ما زال مستمراً وفق مسوغات تخدم قيادة «التيار»، بعيداً عن الأطر التنظيميّة، مشدداً على أن إبداء الرأي في الداخل ممنوع كما المعارضة ورفع الصوت قائلاً: «ممنوع يكون في حدا عنده رأي!».

وإذ يلفت إلى أن النضال والتعاطي بالشأن العام لا يتوقفان سوى بالإرادة الذاتية للشخص أو بمماته، ينفي ما يساق عن فشلهم في رصّ الصفوف وتنظيم عملهم النضالي، داعياً إلى ترقبّ الأيام المقبلة، مؤكداً عدم سعيهم إلى الإنضواء تحت «آرمة»، إنما المبدأ والقضيّة هما اللذان يحتّمان على المناضلين الإلتقاء.

Exit mobile version