باتت زيارة أي طبيب أو عيادة مكلفة ويُحسب لها ألف حساب. كثرٌ يستغنون عنها إلا عند الضرورة القصوى والتي لا تشمل، في معظم الأحيان، زيارة طبيب الأسنان. فحتى هذه باتت ترفاً مع تحوّلها إلى الفريش، وصار على اللبناني تحمّل وجعاً إضافيًّا يُضاف إلى أوجاعه الكثيرة.
يُشير طبيب الأسنان نافز يونس إلى أنّ أسعار المستلزمات ارتفعت بالدولار بنسبة تقارب الـ30 في المئة، وأصبح مثلاً ما كنّا نشتريه بحوالى 50 ألف ليرة سابقاً بمليون ليرة اليوم. وهو ما لا يمكن أن نتحمّله أو أن نحمّله للمريض.
ويقول في حديثٍ لموقع mtv: “الكثير من البضائع فُقدت من الأسواق وبعض التجار يحتكرونها ويعمدون إلى إخفائها من أجل تحقيق الأرباح ومضاعفتها”، لافتاً إلى أنّه “بات هناك بضائع بديلة وأخرى مثلاً تأتي من إيران وكولومبيا وفنزويلا، أي بضائع لم نستخدمها من قبل. فالبضائع الأوروبية لم تعد متوفّرة إلى حدّ ما وهي أغلى بكثير من غيرها”. أمرٌ يؤثّر طبعاً على جودة العمل ويُضاف إلى أنّ عدداً كبيراً من الأطباء فقدوا الأمل وتركوا البلد، فما هي أبرز العقبات التي تواجه القطاع؟
يُجيب يونس: “ارتفاع سعر صرف الدولار بشكل كبير أدّى إلى جنون بأسعار المعدات والمواد الأوّلية وبتنا نضطرّ لشراء الدولار من السوق السوداء من أجل تأمينها في وقت المريض غير قادر على مواكبة هذا الجنون. ونحن كأطباء نحاول أن نكون مرنين في ما يخصّ التسعيرة، أي أن نوافق بين أسعار المعدات وربحنا الذي تراجع كثيراً ما أجبرنا على العمل بالحدّ الأدنى فقط لكي نبقى صامدين”.
ولكن، في الوقت عينه، المعاناة هذه ليست غريبة عن الأطباء. فهم أيضاً ككلّ اللبنانيين تكويهم نار الانهيار. هنا يستطرد يونس: “كأطباء نعاني كما جميع المواطنين من الفواتير الكثيرة والباهظة مقارنة مع تحصيلنا المادي الذي بات قليلاً جدًّا ولا يكفي حتى لدفع فاتورة الكهرباء في العيادة أو للمواد الأوليّة التي نحتاجها خصوصاً وأنّ أسعارها ارتفعت حتى بالدولار. كذلك خسرنا كلّ التعب والسنوات التي جهدنا خلالها لبناء عياداتهم، فكلّ ذلك ذهب سدى لأنّنا نعمل من أجل الاستمرارية ليس أكثر”.
هي أزمة على الجميع، وتدفعنا إلى الاستهتار بصحّتنا مقابل “البقاء على قيد الحياة”… وهذه هي المسخرة بحدّ ذاتها!