فيما عملية ترسيم حدود نفوذ كل دولة ومحور في المنطقة تدور حاليا بين فيينا ونيويورك وبغداد حيث الحوار الاقليمي السعودي – الايراني، يبدو ان الصراع حول لبنان وموقعه عاد الى الواجهة وإن كان حتى الساعة يجري – والحمدلله – على “الناعم”، ولم يتّخذ اشكال كباش واشتباكات ساخنة.
في الايام الماضية، حضر الملف اللبناني في اجتماعات فرنسية – سعودية في باريس شارك فيها عن الجانب الفرنسي المستشار باتريك دوريل، ورئيس المخابرات الخارجية برنار إيمييه، وسفيرة فرنسا في لبنان آن غريو، وعن الجانب السعودي الوزير نزار العلولا، وممثل عن المخابرات السعودية، والسفير السعودي في لبنان وليد البخاري.
أما على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك في قابل الايام، فمن المتوقّع أن يكون أيضا لبنان، بشؤونه وشجونه واستحقاقاته وأزماته، مدار بحث بين الفرنسيين والسعوديين والاميركيين ايضا، وربما شارك في جانب من هذه المحادثات، الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الذي انتقل الى نيويورك امس حيث قد تكون له لقاءات مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ووزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن ومع الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي ايضا.
اما في الداخل، فسُجّلت حركة لافتة للسفير بخاري بدأت امس من كليمنصو حيث التقى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مساء، قبل ان يزور معراب اليوم حيث التقى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، في دينامية من المتوقّع، وفق ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، ان تُستكمل ايضا في المرحلة المقبلة، علما ان السفيرة غريو كانت بدورها، جالت على المسؤولين اللبنانيين في الايام الماضية.
على الضفة المقابلة، تحاول ايران تثبيت نفوذها في لبنان عبر الامساك بملف ترسيم الحدود البحرية بين بيروت وتل ابيب، من خلال ذراعها حزب الله، الذي يشدّ الحبل تارة و”يُرخيه” طورا، وفق ما تقتضيه مصالح ايران ومفاوضاتها مع الغرب وواشنطن. الا ان الجمهورية الاسلامية لا تكتفي بهذه الورقة بل هي عادت لتلعب ورقة “الطاقة” مغتنمة مأساة الكهرباء والمحروقات في بيروت.
وفي وقت زار وفد تقني رسمي، موفدا من الحكومة اللبنانية، طهران في الساعات الماضية حيث ناقش “هبة الفيول الايراني” المفترضة، كشف السفير الإيراني في لبنان مجتبى أماني، في تصريحٍ أن “هناك أخباراً سارة ستعلن قريبا حول ما تم التوافق عليه بشأن الفيول الإيراني والتعاون في مجال الكهرباء بين وفد وزارة الطاقة اللبنانية والمسؤولين المعنيين في إيران”. ويأتي هذا الموقف غداة اعلان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، امس أن “لا حديث عن تقديم أي منح مجانية”.
يمكن القول ان ثمة سباقا خفيا بين الغرب والعرب من جهة وايران من جهة ثانية، على الامساك بالساحة اللبنانية.. الفريق الاول يريد فقط تدعيم الاستقرار فيها ومنع انفجارها وتحضيرها لفراغ رئاسي مرجّحٌ حصوله… أما الثاني، فهمّه إبقاء بيروت في محوره والباقي تفاصيل… فلمَن ستكون الغلبة؟ تباشير الجواب ستظهر في مسار مفاوضات الترسيم، ومصير الانتخابات الرئاسية، تختم المصادر.