الهديل

بعد كذبة البنزين الإيراني… كذبة الفيول الإيراني

 

كتب عوني الكعكي:

يبدو ان مسلسل الكذب الايراني له بداية… لكن لا نهاية له.

نُذكّر القارئ العزيز بأننا عشنا أربعة أشهر بالتمام والكمال بانتظار كذبة اسمها «البنزين الايراني». بدأت القصة بوعود أطلقها الأمين العام لـ»الحزب العظيم» بأنّ الدولة الاسلامية الايرانية وإحْساساً منها بمعاناة الشعب اللبناني بعد عهد جهنم قرّرت أن تساعد الشعب اللبناني بإرسال باخرة نفط إيراني مساعدة منها لهذا الشعب العظيم… وبالفعل عشنا أياماً ننتظر إقلاع الباخرة من المرافئ الايرانية، وأسابيع من بعدها لنعلم أنها دخلت قناة السويس وأنها متوجهة الى مكان مجهول، وطُرح يومها أن هناك احتمالاً أن الباخرة لا تستطيع المجيء بسبب العقوبات، وبعدها شائعة تقول إنّ الباخرة لن تأتي مباشرة الى لبنان بل سوف تذهب الى سوريا أولاً ومن ثم تأتي الى لبنان.

ولغاية اليوم، لا أحد يعلم حقيقة البواخر، أو حقيقة الباخرة الايرانية هل أتت أو لم تأتِ، كذلك كيف أفرغت حمولتها، ومن استفاد منها، وهل وزعت على الشعب المحتاج؟ أم ان الحزب تولّى عملية البيع والتسويق خاصة وأنه أصبح بعد كل عمليات التهريب متخصصاً في ملف البنزين.

هذا قسم من العملية.. لكن هناك قسم ثانٍ في غاية الأهمية يجب أن نتحدث عنه… وهو كيف طرح موضوع إرسال بواخر نفط إيرانية الى لبنان بالرغم من وجود عقوبات على إيران؟

على كل حال لا يزال الغموض «يدور ويلف» هذا الموضوع:

ويبقى القول إنّ أي عاقل في لبنان، لا يمكن أن يرفض الحصول على أي هِبَة من أي دولة (باستثناء إسرائيل بالتأكيد) لا سيما إذا كانت الهِبَة مادّة حيوية، في وقت بات لبنان يستجدي في هذا العهد طعامه وشرابه ودواءه واستشفاءه.

بالعودة الى موضوع النفط الإيراني وتحديداً مادة الفيول التي تحتاجها معامل الكهرباء في لبنان.. فقد أعلنت إيران عن تقديمها ستمائة ألف طن من الفيول هِبَة للدولة اللبنانية على أن تشحن حوالى مائة وعشرين طناً شهرياً ولمدة خمسة أشهر بعد توقيع الاتفاق مع الحكومة اللبنانية… ولكن تبيّـن أنّ مواصفات هذه المادة (الفيول) لا تناسب المعامل اللبنانية، إذ تحتاج الى إعادة تكرير لتصبح صالحة للاستخدام في لبنان، لأنّ النفط الايراني بعيد جداً عن المواصفات العالمية، إذ يحوي مادة الكبريت بكمية كبيرة.

كان الطرح أن يتم التعامل مع إيران كما تعامل لبنان مع العراق… أي إمكانية إجراء «سواب swap»، وذلك بإبدال الفيول الإيراني بفيول آخر من مصدر آخر ضمن المواصفات اللبنانية، ولكن الفرق بين العراق وإيران انّ العراق لا يخضع للعقوبات الاميركية، ويملك حرية الحركة والتعامل مع أي كان، وعمله تجاري محض وضمن القوانين المرعية. اما ايران فهي خاضعة للعقوبات الاميركية وليست لديها حرية الحركة، وقبول لبنان بتوقيع أي عقد مع ايران مشروط بهبة ايرانية التي لا تخضع للعقوبات. اما أي شرط آخر فهو سيرفض من الاميركيين وسيخضع للعقوبات المفروضة على ايران، فهل توجد اي شركة نفطية او مصافٍ تقبل بإجراء ما يسمى «سواب swap» بإبدال الفيول الايراني بفيول أوروبي ضمن المواصفات اللبنانية، وهل تسمح أميركا بهذا الإجراء وهي التي رفضت ومنذ اشهر عديدة السماح للغاز المصري بالوصول الى لبنان، وحل مشكلة أساسية تهم كل مواطن لبناني اي مشكلة الكهرباء وذلك تحت بند العقوبات على سوريا التي يعبر خط الغاز عبر أراضيها؟ فالسؤال هنا: هل كانت تعلم ايران بالصعوبات التي تواجه لبنان في الحصول على الفيول الايراني وتعلم ان ذلك مستحيل ضمن العقوبات الاميركية لذلك وظفت ذلك في السياسة وأعلنت عن هِبَة فيول للدولة اللبنانية تتجاوز قيمتها 200 مليون دولار أميركي كي تحرج الحكومة اللبنانية والادارة الاميركية، وبالتالي تكسب عطف اللبنانيين الذين يريدون الكهرباء بأي وسيلة ومن أي مصدر، وتعطي صورة عن ان الاميركيين هم من يفرضون الحصار على لبنان ويجوّعون الشعب اللبناني.

هنا يُثار تساؤل ضروري: هل الفيول الايراني الموعود، لن يكون هِبَة، بل سيكون مدفوع الثمن بالليرة اللبنانية، كما قالها أمين عام «الحزب» في الماضي… فتصيب إيران ومعها الحزب عدّة عصافير بحجر واحد… إذ ان الحزب يقبض بالليرة اللبنانية ثمن ما يُرْسل الى لبنان، وهو الذي يموّل من إيران، فتكون العملية مُرْبحة لإيران وللحزب في الوقت نفسه.

في الأسابيع المقبلة ستكون الصورة أكثر وضوحاً وسيتبيّـن إذا كانت هذه الهِبَة الايرانية ستصل الى لبنان أم هي فقّاعة إعلامية لا أكثر؟ وفي حال سلكت هذه الهِبَة طريقها ووصلت الى لبنان فماذا يمنع حينئذ قبول الهِبَة الايرانية التي سبق لها وأعلنت انها مستعدّة لبناء محطات إنتاج كهرباء تقدمة من الشعب الايراني، فما يمنع حينها تحويل كل التعامل التجاري مع إيران تحت بَنْد «هِبات».

هل يُحْرَج الرئيس ميقاتي أم يرمي الكرة في الملعب الايراني أو الاميركي أو في أي ملعب آخر؟

Exit mobile version