خاص الهديل
البيان الثلاثي الأميركي الفرنسي السعودي ، مهم ويتضمن مؤشرات جديدة ، الا ان مشكلته الاساسية هي في الشك بجدية الموقف الأميركي بداخله..
ان مشكلة المواقف الاميركية تقع في الفجوة العميقة بين ما تعلنه الولايات المتحدة الأميركية، وبين ما تنفذه الادارة الاميركية .. وعليه تظل البيانات الدولية التي فيها واشنطن – وبينها البيان الثلاثي الاخير عن لبنان – ، غير كاف حتى يطمئن القلقون على مستقبل الوضع في لبنان خلال الفترة المنظورة المقبلة .
فالبيانات الدولية التي يوجد لواشنطن توقيع فيها، تعلن عن مواقف لا تتجسد في سياسات عملية، خاصة في حالة لبنان الذي يحتل مرتبة دنيا فوق سلم اهتمامات الدوليين والإقليميين.
لقد تعلم اللبنانيون منذ أمد بعيد ان الأميركي يقول شيئ ولكنه يفعل اشياء كثيرة لا تمت بصله لما قاله .. حتى أصدقاء اميركا في لبنان ينصحون بتوخي الحذر عند الاقتراب من واشنطن، ويقولون ان اميركا هي شمس تحرق عن قرب، وليس فرنسا باتت شمسا لا تضيئ اصلا..
ومشهود في هذا المجال المثل الذي رواه الرئيس كميل شمعون عن الأميركي، حيث قال أن الأميركي يتفق معك على أن تتصاحبا معا في المصعد حتى الطابق العاشر، وعندما يصل المصعد إلى الطابق الخامس، ينزل الأميركي منه ، ويتركك وحيدا تصعد إلى الطابق العاشر، وغالبا ما تكتشف انه لا يوجد طابق عاشر .
إن السؤال الطبيعي الآن بعد صدور البيان الثلاثي الأميركي – الفرنسي – السعودي، هو ماذا بعد البيان ؟ .
.. بكلام اخر : كيف يمكن تحويل البيان من موقف دولي إلى سياسة دولية فعلية داخل لبنان.
.. وهنا ، يحق للبنانيين أن يخشوا من ان يكون هذا البيان الدولي غير كاف؛ ويحق لهم الإشارة إلى ان مشكلة البيان تكمن تحديدا في عدم الثقة بأن واشنطن ستتابع عمليا الموقف الذي اعلنته مع باريس والرياض في البيان الثلاثي!!.
ويمكن لأي مراقب ان يدعم شكوكه بعدم جدية واشنطن بخصوص تنفيذ ما أعلنته رسميا في البيان الثلاثي، من خلال التذكير بحملة بيانات دولية مكثفة قادتها واشنطن العام الماضي حول ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية في ليبيا ، ومع ذلك لم تعقد هذه الانتخابات، رغم أنه مر حتى الآن أشهر على موعدها الدستوري، ورغم أن واشنطن لم تطلق فقط حينها ، مع دوليين واقليميين اخرين بيانات تدعو لعقد الانتخابات الليبية، بل هي عقدت مؤتمرات دولية للمصالحة الوطنية الليبية ولبدء الاصلاح في ليبيا، ومع ذلك لم يتحقق شيئ مما طالبت به أميركا في البيانات وفي المؤتمرات؟؟.
وهناك واحد من احتمالين اثنين: أما واشنطن لم تعد هي ذاتها من القوة، كما يقول جماعة الممانعة ؛ وإما أن واشنطن لا تريد الدخول في مصيدة التدخل في دول الازمات على نحو عميق، كما يقول جماعة واشنطن ؟؟..
ورغم انه من الصعب الانحياز إلى أي من الرأيين على نحو مطلق؛ الا انه بالمحصلة فإن النتيجة واحدة لبلد منهار مثل لبنان ، وهي انه لا يمكن الرهان بكثير من الثقة على إنتظار “فرج دولي” تقوده اميركا ..
وصار واضحا ان إدارة بايدن تبدو انعزالية في كل المواضيع التي هي خارج اهتماماتها الخالية الثلاثة : “هزيمة روسيا في أوكرانيا؛ والصين ؛ وحرب الغاز .