الهديل

خاص الهديل :هل يدشن لابيد إستراتيجية اسرائيلية جديدة تجاه حزب الله : “التعايش ممكن” !!.

خاص الهديل:

أول امس تحدث رئيس وزراء الكيان العبري يائير لابيد إلى صحيفة ” معاريف” . وذلك في مقابلة شاملة، أعطى خلالها لابيد فرصة كاملة لمن يريد التعرف اكثر إلى افكاره وشخصيته واسلوبه في ادارة الشأن السياسي والعسكري والاقتصادي.

ومن خلال تفكيك نص كلامه عن لبنان ، يمكن القول بكثير من الثقة والتحليل العلمي، ان لابيد قدم طرحا جديدا يستأهل التوقف عنده لتحليل ابعاده ، وعما اذا كان يعبر فعليا، وليس من باب المناورة، عن توجه استراتيحي اسرائيلي جديد تجاه لبنان او تجاه ” حزب الله في لبنان” بحسب إدعاء المصطلحات الإسرائيلية؟؟ .  

 ..بالإستناد إلى كلامه لمعاريف، برز ان هناك مفتاحين إثنين لو امتلك اي مراقب المعرفة بهما ، لأصبح لديه معرفة معقولة بخصوص كيف يفكر لابيد بلبنان وبحزب الله. 

المفتاح الأول هو ما يصفه لابيد بضرورة اخضاع لبنان والاوضاع فيه الى مراقبة كثيفة ودائمة. ووالواقع ان هذه نظرية، ليس لابيد هو مطلقها. بل شاعت داخل المستوى الأمني الإسرائيلي بعد حرب العام ٢٠٠٦ ، حيث ظهر لتل ابيب انذاك أن اسرائيل اخطأت عندما قررت بعد انسحابها من لبنان عام ٢٠٠٠ ادارة الظهر امنيا لبلد الارز ، ما جعل اسرائيل لا تملك بنك أهداف أمني مهم عن لبنان ، وهذا النقص – بحسب جنرالات العدو،-، كان أحد اسباب تعثر حرب ال٢٠٠٦ الإسرائيلية. ومنذ تلك الفترة قررت اسرائيل ان يكون لبنان تحت المتابعة الأمنية والاستخباراتية اللحظوية والمكثفة. 

المفتاح الثاني الاهم ، يتمثل بما قاله لابيد لمعاريف عن انه ” يقعل الكثير لمنع أن تصبح الصواريخ الدقيقة تهديدا قائما في لبنان، ولمنع ان تصبح خطرا لم يعد من الممكن احتواؤه.”.. 

وفي هذه العبارة ، يقدم لابيد نظرة الإسرائيلية جديدة لحزب الله، تحتاج لتحليل ومتابعة والتأكد من حقيقة خلفياتها!!. 

لماذا ؟ 

لان لابيد في،هذه العبارة، يكشف، سواء عن قصد أو من دون قصد، سرا مهما، مفاده ان حزب الله لا يزال حتى الآن، لا يملك صواريخ دقيقة بالحجم وبالنوعية التي تقلق أسرائيل أمنيا .. 

 

 ..ويكلام اخر، فأن المعنى الذي يقوله لابيد هو أن حزب الله يملك ترسانة صواريخ دقيقة من النوع الذي يمكن لاسرائيل احتوائه؛ وعليه. فإنه – اي لابيد – لا يعتبر ان هناك حاليا مشكلة امنية وعسكرية اكثر من عادية مع حزب الله في لبنان !!،.

والواقع ان عبارة ” يمكن احتواؤه ” هنا التي استعملها لابيد في وصف موقف أسرائيل من ترسانة صواريخ حزب الله الدقيقة، لها مفهوم استراتيجي، ومن ثم لها مفهوم عسكري : وهي من الناحية الاستراتيجية تعني انه يمكن لاسرائيل أن تتعايش مع وجود حزب الله في لبنان، ضمن بنية سلاحه الحالي وبشكله السياسي والاجتماعي ( الخ، ..) الحالي، اما من الناحية العسكرية، فإن لابيد يتحدث عن أن ترسانة الصواريخ التي يملكها حزب الله حاليا يمكن احتوائها ، لأنها ترسانة لا تشكل من منظار عسكري اسرائيلي، تحد يقع خارج السيطرة عليه بهذا الشكل أو ذاك. ولكن لابيد يوضح في معاني سياق كلامه هذا ، أن التحدي العسكري الصاروخي لحزب الله يمكن التعايش معه، طالما انه اولا، لا يزال تحت سقف القدرة الإسرائيلية على احتوائه؛ وطالما أن إسرائيل قادرة، ثانيا على ان تفعل كل شيئ لمنع أن تصبح الصواريخ الدقيقة تهديدا قائما لإسرائيل انطلاقا من لبنان. 

ولاشك ان كلام لابيد لمعاريف يوضح عدة امور اساسية وجديدة. ما يستوجب التوقف عندها، ولحظ اي تناقص فيما بينها أضلع معادلتها : 

اولا – يؤكد كلام لابيد أن كل الدعاية الإسرائيلية التي قادها في الفترة الماضية نتنياهو والمستمر غانتس فيها الآن، والتي تقول أن حزب الله يصنع صواريخ دقيقة في بيروت، وانه يملك ترسانة صاروخية دقيقة خطرة على اسرائيل، لم تكن صحيحة وليست الآن صحيحة ، وهي مجرد حملة اعلامية مفبركة، والمقصود منها تحقيق نقاط سياسية واعلامية فوق الساحة الدولية، ضد الحزب. 

ثانيا – كلام لابيد فيما لو كان باطنه يعبر فعلا عن ظاهره. يؤشر إلى وحود نظرة إسرائيلية تفضل اتباع إستراتيجية وضع “معايير لكيفية التعايش مع حزب الله في لبنان” ، بدل وضع روزنامة زمنية حول ” متى يجب بدء الحرب مع حزب الله” . 

بتعبير اخر ، يبدو لابيد انه ليس من أنصار نظرية “خوض حرب بين حربين مع حزب الله” ، بل هو مع نظرية ” التعايش مع لبنان يوجد فيه حزب الله الممكن احتواء ترسانته العسكرية الصاروخية الدقيقة” . 

طبعا لابيد يوصي بوضع ” لبنان الموجود فيه حزب الله”، تحت المراقبة الإسرائيلية المكثفة، ولكنه بنفس الوقت يؤكد على أن إستراتيجية ” احتواء” خطر الحزب العسكري تثبت حتى الآن نجاحها، ولا داعي لتغييرها، الا اذا ظهر انها لم تعد ناجحة في درء خطر الحزب.  

ثالثا – ضمن قراءة كلام لابيد الذي قاله لمعاريف عن حزب الله ، يجب عدم اسقاط عامل هام، وهو ان كلامه هذا قد يكون مجرد كلام انتخابي، موجه بالأساس للداخل الإسرائيلي، ذلك اته يوجد للابيد ، في هذه اللحظة التي تبعد عن الانتخابات الإسرائيلية العامة أقل من شهرين، مصلحة كبيرة أن يقول للناخب الإسرائيلي ردا على اتهام الليكود له ( اي للابيد) بانه خضع لحزب الله في موضوع كاريش ، ان حكومته لم تخضع للحزب و ليست مقموعة ، و ان سياستها الراهنة مع الحزب تنطلق من كون الإخير تحت السيطرة، وضمن دائرة احتوائه عسكريا ، وبالتالي فهو لا يشكل قلقا حتى تخرج اسرائيل للحرب معه .   

رابعا – .. وضمن سياق فرضية إسقاط العامل الانتخابي عن خلفية كلام لابيد، يستطيع المراقب أن يلفته امر هام في كلام ريس الوزراء الاسرائيلي لمعاريف ، وهو أن طرحه غير المباشر لمعادلة ” احتواء حزب الله” كبديل عن معادلة ” حرب بين حربين معه “، تأتي في نفس الوقت الذي تكلم فيه لابيد عن حل الدولتين للصراع الفلسطيني الاسرائيلي.. وعليه يصبح هناك مسوغ لطرح سؤال عما اذا كان لابيد يؤسس لمرحلة جديدة في المقاربات الإسرائيلية لصراعاتها في المنطقة، وذلك على نحو يذكر بمرحلة إسحق رابين الذي انتهت مسيرته بحدوث انقلاب اسرائيلي دام ضده..

Exit mobile version