كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
سريعاً تلقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري كرة نار محاولة اتهامه بعرقلة انتخاب الاستحقاق الرئاسي اثر مرور27 يوما من دون توجيه الدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس جمهورية. وسريعا ايضا تلقف الموقف البطريركي الماروني الاخير الرافض تبرير عدم توجيهها بحجة تأمين التوافق، على اهميته. اذ لم يكد يؤمن اقرار الموازنة، احد شروط المعبر الالزامي الى اتفاق صندوق النقد الدولي، حتى لبى النداء وأدى واجبه الدستوري، موجها الدعوة الى نواب الامة الى جلسة تعقد في تمام الحادية عشرة من قبل ظهر الخميس 29 ايلول 2022، لانتخاب رئيس للجمهورية.
بدعوته، حوّل رئيس السلطة التشريعية المجلس النيابي الى هيئة ناخبة، معلقّا التشريع ومعه الاصلاحات الثلاثة الباقية من شروط الصندوق، الى ما بعد انتخاب رئيس، استنادا الى النص الدستوري. تنازل عن موقف ابلغه الى النواب في الجلسة الموازناتية ما قبل الاخيرة حينما رد على النائبة بولا يعقوبيان اثر مطالبتها بعقد جلسة لانتخاب رئيس بالقول انه ينتظر تأمين التوافق لتوجيهها، فهو الى رفض تحميله مسؤولية قطع الطريق امام انتخاب خلف للرئيس ميشال عون، الذي ينتظر على الارجح اكثر من اي لبناني آخر لحظة مغادرته قصر بعبدا، لبى دعوات الخارج المتكررة لا سيما واشنطن وباريس والرياض الى ضرورة انتخاب رئيس.
لكن الاهم، على ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية” ان، وفي اعقاب اعادة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل رفع سقف شروطه ومطالبه في التشكيلة الحكومية بعدما كادت تبصر النور، وهو ما حدا بالرئيس نجيب ميقاتي الذي كان يعتزم زيارة بعبدا اليوم، الى ارسال من يستوضح حقيقة الموقف من الرئيس ميشال عون ليبني على الشيء مقتضاه، وفي خطوة ليست غريبة عن ممارسات الرئيس بري، عمد الى توجيه الدعوة الى المجلس لانتخاب رئيس وتحويله هيئة ناخبة، ما يعني عمليا قطع الطريق الحكومي، كون الحكومة، ولئن تشكلت فهي لن تنال الثقة المجلسية الالزامية قبل عودة المجلس الى وظيفته التشريعية، بحيث يضرب عصفورين بحجر، تلبية الدعوات من الداخل والخارج لانتخاب رئيس ومنع العهد والتيار من تحصيل امتيازات في الحكومة العتيدة يريدها بقوة قبل نهاية العهد.
هجمة مرتدة نفذها بري اليوم، ستحمل الكتل النيابية جميعها على اعادة النظر بحساباتها، في مقدمها التيار الوطني الحر، ثم قوى المعارضة من حزبيين وتغييريين وسياديين ومستقلين، اذ يتوجب على هؤلاء فتح قنوات اتصالاتهم على غاربها لتحديد الموقف من جلسة الخميس، كونهم اولا لم يوحدوا الكلمة حول مرشحهم الرئاسي، ويُخشى ثانيا من ان يتمكن الفريق الممانع من تمرير رئيس على غفلة منهم، ان امنوا نصاب جلسة بعد غد، على غرار ما فعل في تمرير الموازنة امس بتأمين 63 نعم لها، بحيث لا يحتاج الا الى نائبين اضافيين لينتخب رئيسا من جبهته في الدورة الاولى، وقبلها خلال جلسة انتخاب نائب رئيس مجلس النواب ايضا.
أمسك بري اذا بناصية اللعبة السياسية، وعبّد الدرب امام الرئيس التوافقي الذي يريده، اذ فيما لو كتب لجلسة الانتخاب الاولى ان تعقد، وسقط فيها المرشح الرئاسي رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، يكون بري تحرر وحليفه حزب الله من دعم مرشحه الذي لا تنطبق عليه صفة التوافق الوطني، بعدما سقط حكما ترشيح باسيل بضربة العقوبات الاميركية وعدم رغبة الحزب بتكرار سيناريو دعم ميشال عون، فيفتح الباب عريضا آنذاك على اختيار مرشح التوافق مع القوى المعارضة لانتخابه، حينما تدق ساعة تقاطعالمصالح الدولية مع الداخلية.