كتب عوني الكعكي:
ما جرى البارحة في مجلس النواب يؤكّد المؤكّد، ويعيدنا الى ما حدث قبل فراغ عامين ونصف العام من دون رئيس، حيث كان دولة الرئيس نبيه بري، وعملاً بقانون المجلس، يدعو النواب الى الحضور، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بعدما انتهى عهد الرئيس ميشال سليمان وبقينا سنتين ونصف السنة نكرّر السيناريو نفسه.
44 مرّة عقد المجلس جلسات لانتخاب رئيس جديد، وكان الدكتور سمير جعجع قائد «القوات اللبنانية» مرشحاً يومذاك فنال في جلسة الانتخاب الأولى 48 صوتاً مقابل 16 لهنري حلو… وكان الرئيس سعد الحريري يحضر الى المجلس من أجل التصويت للدكتور جعجع، وكانت النتيجة واحدة… لذلك فإنّ هذا الدرس «من التاريخ» لم يتعلمه الدكتور جعجع لأنه وبعد الانتخابات الأخيرة التي جرت بقانون «قابيل وهابيل» هذا القانون الذي لا يشبه أي قانون في العالم… لقد ظن الدكتور جعجع ان الأمور تغيّرت.
وهنا لا بد من الإشارة الى ما جرى في جلسة انتخاب رئيس المجلس حيث فاز الرئيس نبيه بري للمرة «الألف» في انتخابات رئاسة المجلس، ولم يكتفِ بالرئاسة بل استطاع أن يوصل النائب الياس بو صعب الى منصب نائب رئيس المجلس.. وهذا درس ثانٍ يجب على د. سمير جعجع أن يتعلّمه… اما الدرس الثالث فهو الموافقة على الموازنة بالرغم من كل الانتقادات، التي وجّهت إليها وخاصة محاضرات التنظير، من جورج عدوان الذي ما إن يتسلم «الميكروفون» فلا يعلم أحد متى ينتهي.
تنظير بتنظير… محاضرات في العفّة، ومحاضرات في مشاريع الحكم ولكن للأسف كل هذا الكلام لا يعطي أي نتيجة، وعندما أطلقنا على د. سمير جعجع مستر «NO» فليس لأننا لا نريده أن ينجح، بل بالعكس نحن معه بالمبدأ، ولكن هذا لا يكفي لأنه وللأسف المهم أن نصل الى النتائج… وهنا، وفي عودة الى يوم عقد د. جعجع اتفاقاً مع فخامة الرئيس ميشال عون في معراب، وأقام احتفالاً كأنه عرس بسبب ذلك الاتفاق، وافق د. جعجع أن ينتخب الجنرال ميشال عون رئيساً للجمهورية، وأن يكون عدد النواب المسيحيين مناصفة بينه وبين «التيار» وكذلك الوزراء أيضاً… وبعدما «أخذ» ميشال عون الرئاسة وحقق ما يريد جاء دور تشكيل الحكومة فرفض الصهر المدلّل الصغير، إعطاء نصف عدد الوزراء المسيحيين لجماعة د. سمير جعجع وبقيت الحكومة معطلة لمدة 13 شهراً، والرئيس سعد الحريري ينتظر، وهكذا تشكلت الحكومة حسب رغبات وأطماع الصهر «الطفل المدلّل والصغير».
في تلك الحكومة كان دور وزراء «القوات» سلبياً حيث رفضوا الموافقة على أي موضوع… وهكذا تعطلت الحكومة وتعطلت الدولة من الفريقين: فريق فخامة الرئيس بقيادة الصهر المدلّل وفريق د. سمير جعجع… وهكذا استحق د. سمير جعجع لقب مستر «NO» عن جدارة.
ما جرى أمس في مجلس النواب، يؤكد للمرة الرابعة أنّ جماعة المعارضة بقيادة د. جعجع، الذي أقام الدنيا ولم يقعدها بالدعوة لانتخاب رئيس.. فإنّ كل ما استطاع فعله تأمين 36 نائباً فقط. لذلك نظن ان على د. سمير جعجع أن يُعيد حساباته، ويدرك أنّ القانون الانتخابي الذي طبّل له وزمّر، والذي كان يعتبره مدخلاً يحقق له المعجزات هو قانون فاشل.
إنّ ما جرى أمس في مجلس النواب يثبت بالدليل القاطع أنّ اعتكاف الرئيس سعد الحريري، قد خسّر المعارضة الكثير الكثير من النواب، وأنّ الرئيس الحريري ترك فراغاً على صعيد النواب لم يستطع أحد أن يعوّضه.. إذ لا يوجد اليوم اثنان من نواب السنّة «مع بعضهما» باستثناء جماعة عكار والضنية.
على كل حال.. ما جرى أمس استطاعت القوى الحاكمة أن تلقّن المعارضة درساً لا يمكن نسيانه.
والخير كل الخير في المستقبل، حيث تأكد البارحة انه لن يتم انتخاب رئيس إلاّ بعد اتفاق خارجي بين أميركا وإيران.
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*