قال سياسيون لبنانيون بارزون (الخميس 29-9-2022) إنهم فوجئوا بخطة لخفض سعر الصرف الرسمي لليرة، فيما تراجعت وزارة المال عن موعد بدء تنفيذ القرار في الأول من نوفمبر تشرين الثاني.
وأعلنت الوزارة أمس الأربعاء خفض سعر الصرف الرسمي من 1507 ليرات مقابل الدولار إلى 15 ألف ليرة مقابل الدولار، واصفة ذلك بأنه خطوة نحو توحيد أسعار صرف متعددة ظهرت خلال الأزمة المالية المستمرة منذ ثلاث سنوات في لبنان.
لكن بعد إعلان تاريخ التنفيذ في الأول من نوفمبر تشرين الثاني، ربطت الوزارة الخطوة بالموافقة على خطة للتعافي المالي، والتي تخضع أحدث نسخة منها للمناقشة في البرلمان.
واعتبر بعض الاقتصاديين والسياسيين هذا تراجعا من الحكومة: إذ أن خطة التعافي، التي يجب أن تعالج فجوة تبلغ 72 مليار دولار في المالية الوطنية، لا تزال محلا للنزاع منذ عام 2019.
ويجري تداول الليرة حاليا عند حوالي 38 ألفا للدولار في السوق، وهو ما يمثل تراجعا بأكثر من 95 بالمئة من السعر الرسمي منذ سقط لبنان في خضم الأزمة المالية التي زجت بشرائح واسعة من السكان في براثن الفقر.
وقال النائب حسن فضل الله، لرويترز إنه علم بالقرار من خلال الإعلام.
وقال “هذا الموضوع لم يناقش بالموازنة، لا بلجنة المال ولا بأي مكان آخر، نحن سمعنا به بالإعلام وهذا يحتاج إلى إعادة نظر لأنه بهذه الطريقة صار في نوع من الفوضى بالسعر بالسوق، أكثر من الفوضى الموجودة، نحن نتحدث عن السعر الرسمي، نعرف أن هناك فوضى في السوق السوداء لكن عندما نتحدث عن قرار تتخذه الدولة اللبنانية هذا يحتاج إلى دراسة أكثر”.
وأضاف “أعتقد هذا قرار متسرع لم تدرس نتائجه بشكل واضح ولذلك شهدنا محاولة للتراجع عنه”.
ولم يتسن الاتصال بوزير المال يوسف خليل للتعليق. وقال خليل في مقابلة مع رويترز أمس الأربعاء إن التغيير تم الاتفاق عليه مع البنك المركزي وستتم مناقشته مع أصحاب الشأن والمعنيين بالأمر خلال الشهر المقبل قبل التنفيذ.
وقال إبراهيم كنعان، النائب البارز في التيار الوطني الحر الذي يتزعمه الرئيس ميشال عون لرويترز إن تعديل سعر الصرف الرسمي ضروري “لكن ليس بهذه الطريقة”.
وقال “أريد أن أتحقق مما إذا كان سيتابع بهذا الشكل أم سيتعين عليه تعديله قليلا، لأنك لا تستطيع القيام بذلك بهذه الطريقة”.
وأحال مسؤول بوزارة المال رويترز إلى بيان صدر في وقت متأخر أمس الأربعاء قال إن الانتقال إلى سعر صرف رسمي جديد “مشروط بإقرار خطة التعافي التي يعمل عليها والتي من شأنها أن تواكب تلك الخطوة”.
وقال رياض سلامة محافظ البنك المركزي في رسالة نصية لرويترز في وقت متأخر أمس إن تنفيذ القرار “سيتطلب وقتا”، دون الخوض في التفاصيل.
الحكومة لا تزال مرتبكة
يعد توحيد أسعار الصرف المتباينة في لبنان واحدا من الشروط العديدة التي وضعها صندوق النقد الدولي لإقرار حزمة المساعدات التي تحتاجها البلاد بشدة، إذ يؤكد أنه بالغ الأهمية لتعزيز النشاط الاقتصادي. وقال صندوق النقد الأسبوع الماضي إن التقدم في تنفيذ الإصلاحات لا يزال بطيئا للغاية.
وبالإضافة إلى وجود سعر صرف رسمي وسعر آخر في السوق الموازية، فقد تسببت السلطات في وجود عدة أسعار أخرى خلال الأزمة، من بينها أسعار مجحفة يتم تطبيقها على السحب بالليرات من ودائع العملة الصعبة في النظام المصرفي المجمد.
وقال ناصر السعيدي الذي سبق أن شغل منصبي وزير الاقتصاد ونائب حاكم مصرف لبنان المركزي إن الحكومة تعود أدراجها.
وقال لرويترز “إنها لا تزال مرتبكة. ما زلنا لا نعرف بالضبط ما هو القرار ومن الذي اتخذه”، لافتا إلى أن تغييرات أسعار الصرف هي مسؤولية المصرف المركزي.
وإذا تم تغيير السعر الرسمي إلى 15 ألفا، فسيكون لذلك تداعياته الكبيرة على الميزانيات العمومية لكل من المصرف المركزي والبنوك التجارية، وكلها لديها مراكز نقد أجنبي سلبية، وستتضاعف عشر مرات.
ومن شأن هذه الخطوة أن تشعل التضخم. وقال السعيدي إن السحب من حسابات العملة الصعبة بسعر 15 ألفا لا يمكن تمويله من خلال طباعة المزيد من الليرات، وإلا فإن هذا سيؤدي إلى ارتفاع أكبر للتضخم والمزيد من التدهور في قيمة الليرة في السوق الحرة.