خاص الهديل:
السؤال الطبيعي الذي يطرح نفسه في يوم ٣٠ أيلول هو ما الذي حدث في مجلس النواب يوم أمس في ٢٩ أيلول؟؟ : اي لماذا ذهب النواب إلى ” جلسة عدم انتخاب فخامة الرئيس” ؟؟ .. ولماذا دعا رئيس المجلس نبيه بري إلى جلسة عدم انتخاب فخامة الرئيس ؟؟.. ولماذا انقسمت المعارضة ، ولماذا لم تتوحد المولاة؟؟ .. ولماذا تم التصويت لاسماء غير مرشحة مثل سليم إدة الذي أبلغ احد السفراء العرب بأنه غير مرشح، ولماذا لم يتم التصويت لاسماء مرشحة مثل سليمان فرنجية وغيره؟؟..
في تفصيل الإجابة عن كل هذه الأسئلة الغريبة تبرز المعطيات التالية :
اولا يقال ان الرئيس نبية بري دعا لجلسة انتخاب فخامة الرئيس لانه تلقى انتقادات خارجية من أنه لا يقوم بواجبه كرئيس للبرلمان بشكل حيد، وخاصة بموضوع تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية. ولقد دعا بري لجلسة انتخاب الرئيس ليظهر للخارج انه في لبنان لا ينفع عقد جلسات لانتخاب رئيس للجمهورية ، الان اذا اسم الرئيس متوافق عليه محليا وخارجيا بشكل مسبق.
ثانيا- يقال ايضا ان بري لا يجد فائدة من تشكيل حكومة في نهاية عهد عون ، ولذلك قطع الطريق على محاولات تشكيلها من خلال جعل المجلس النيابي يذهب أمس وبشكل مفاجئ لعقد أول جلسة لانتخاب رئيس ، وبذلك يصبح المجلس بحسب المادة ٧٥ هيئة ناخبة وليس اشتراعية ، ويصبح بالتالي ممنوع عليه ( اي المجلس) التصويت على الثقة للحكومة بحال تم التوافق على تشكيلها، الا بعد انتخاب رئيس للجمهورية .. وهذا يعني ان بري جعل المجلس النيابي لا يستطيع التصوت على الثقة لاية حكومة في عهد الرئيس عون . وبمعنى اخر، فإنه لم يعد أمام عون الا مهمة واحدة ، وهي انتظار خروج الرئيس من قصر بعبدا نهاية تشرين الأول..
ثالثا – الذين انتخبوا ميشال معوض أرادوا اتباع تكتيك يقود إلى ان طرح اسم ابن زغرتا ميشال معوض يحرق اسم ابن زغرتا سليمان فرنجية . وهذا ما يفسر لماذا اتبعت كل من معراب والمختارة تكتيك تأييد ترشيح معوض خلال بداية شوط التنافس الرئاسي .. فجنبلاط وجعجع ليس لديهما مرشح واحد للرئاسة على المدى الطويل ، بل لديهما على المدى القصير مصلحة واحدة بابعاد سليمان فرنجية عن حلبة التنافس ؛ حيث ان معراب لا تريد رؤية لا باسيل ولا فرنجية في حلبة المنافسة على الرئاسة، ولذلك دعمت ميشال معوض مبدئيا لان طرح اسمه يساوي معنويا التصويت غير المباشر ضد ابن بلدته وخصمه المباشر سليمان فرنجية!! واكبر دليل على أن جعجع صوت مبدئيا لمعرض هو غياب ستريدا جعجع عن حفلة الشوط الاول من الانتخابات الرئاسية ؛ بحيث ظل ” بيت جعجع ” خارج لعبة “سباق النوايا” وذلك لمصلحة التأهب لبدء السباق الخقيقي، حيث يكون لمعراب حديث اخر ابعد من تأييد معوض التكتيكي، وابعد من المعارضة غير المباشرة لفرنجية.
رابعا – ان النواب التغييريين تصرفوا على انهم مجموعة تبحث عن حيثية لها ؛ فهم من ناحية لم ينضموا إلى صف القوات والكتائب والاشتراكي بترشسح ميشال معوض، وبنفس الوقت لم يتوحدوا حول ترشيح شخص محدد !!. وهذا يعني أمرا اساسيا وهو أن التغييريين هم ليسوا فقط قوة نيابية صغيرة. بل ايضا قوة مشتتة.
خامسا – برز من خلال توزيعة تصويت النواب ان هناك كتلة يمكن تسميتها بالكيلة السنية القريبة مز سعد الحريري ( نحو ١٠ نواب) . وهذه قوة لم تلتزم تحت اي سقف سني اخر غير سقف بيت الوسط الصامت في هذه الفترة ولكنه كان له حضور غير مباشر في جلسة امس التي يصح عليها تسمية ” جلسة عدم انتخاب فخامة الرئيس”
سادسا : النواب الءين اقترعوا بالورقة البيضاء ( ٦٣ نائب ) عبروا عن حالة ضياع، وعن عدم استعداد لديهم ولدى كتلهم لانتخاب رئيس في هذه اللحظة .. وهؤلاء ليسوا جبهة واحدة، لأنهم ينتمون لكتل متناقضة؛ حيث ينهم نواب تغييريون مثل أسامة سعد وعبد الرحمن البزري، وبينهم نواب امل وحزب الله من جهة ثانية، ونواب التيار البرتقالي من جهة ثالثة ، ومستقلون آخرون من حهة رابعة.. وعليه لا يمكن القول ان هناك جبهة الورقة البيضاء بل هناك جبهات الأوراق البيضاء الذين يشتركون في انهم لا يزالون يقفون وراء خط انطلاق التنافس الرئاسي الفعلي ، بانتظار حصول توافق ما، على اسم الرئيس .
سابعا وبالخلاصة، أن جلسة انتخاب فخامة الرئيس المقبلة لن تحدث الا بعد تاريخ ٣١ تشرين اول ، حيث بعد هذا التاريخ سيكون قد ارتسمت ” ملامح مرشح التوافق داخل جنين المعادلة الخارجية والداخلية” ؛ وفي حال رفض تحديدا حزب الله و بعض حلفائه السير بهذا المرشح التوافقي؛ فإن البلد حينها سيذهب إلى فراغ رئاسي طويل.