كتب عوني الكعكي:
سؤال يحيّر عدداً كبيراً من المتابعين للوضع السياسي المتأزّم بين الصهر الطفل الصغير، وبين جميع القوى السياسية… إذْ من الصعب أن تجد فريقاً سياسياً واحداً على علاقة طبيعيّة، مع هذا المخلوق العجيب الغريب.
بدءاً بـ»القوات» الذين عقد معهم «اتفاق معراب»، والذي تنازل فيه د. سمير جعجع قائد «القوات اللبنانية» عن رئاسة الجمهورية للجنرال ميشال عون مقابل أن تكون هناك مناصفة في عدد النواب في المجلس النيابي، ومناصفة في عدد الوزراء في مجلس الوزراء.
والمثل الشعبي يقول «أوّل دخوله شمعة على طوله»، إذ بقيت الحكومة الأولى للرئيس سعد الحريري في بداية عهد فخامة الرئيس ميشال عون سنة كاملة تنتظر أن يتم الاتفاق بين الحليفين اللذين وقّعا «اتفاقية معراب» على أن يحصل كل فريق على نصف عدد الوزراء المسيحيين في الحكومة.
بقيت رحلة العذاب بين «القوات» وبين «التيار» وبفضل جشع الطفل المدلل الصغير وحبّه للسلطة، وطمعه في الحصول على كل الدنيا، تشكل عقبة وأدّت الى تعثّر كل الحكومات التي تولت السلطة في عهد فخامة الرئيس ميشال عون لأنّ صهره الفاشل حريص على الحصول على وزارات حسّاسة كبّدت البلاد والعباد، مليارات من الهدر والفشل في ثلاثة مواقع:
أولها وزارة الاتصالات التي كانت تعطي الخزينة ملياري دولار للشركتين M.t.c وAlfa، وبسبب فشله في الانتخابات النيابية مرتين متتاليتين وظف ٥٠٠ شخص في كل شركة… كرشوة انتخابية.
ثانيها كانت وزارة الكهرباء، التي يمكن أن نكتب كتباً عدّة عن الفشل وسوء الادارة والهدر فيها، بدءاً برفض فكرة البواخر الى القبول بها من دون معرفة الأسباب، الى الحديث عن الرشاوى والعمولات التي توقفت فجأة بعد تدخل من السلطات العليا لدى القضاء، من أجل طيّ تلك الملفات. وفي الحقيقة فإنّ القاضية التي لم يحالفها الحظ في الزواج، كانت حاضرة لتنفيذ كل أوامر الصهر، بالتعدّي على جميع الرجالات السياسيين والاقتصاديين والاداريين والمصرفيين، كل هذا لإرضاء الصهر.
أما الفشل الأكبر فكان في موضوع الصندوق الكويتي، الذي كان أمير الكويت رحمه الله أعطى أوامره من أجل مساعدة لبنان. بالفعل فإنّ السفير الكويتي شاهد على ما حصل، إذ رفض الصهر الصغير العرض الكويتي الذي ينص على بناء معملين بقوة 2000 كيلوواط مع فترة سماح 5 سنوات وتقسيط التكلفة على 25 سنة… لم يرض الصندوق أن «يطيّب» خاطر الوزير بهدايا قيّمة لأنه لا يقبل، وليس مسموحاً للصندوق دفع «عمولات» أو رشاوى.
أما القضيّة الثالثة فهي موضوع السدود فحدّث ولا حرج… فلم يكن مهماً عند جبران وتياره، ما إذا كانت السدود المزمع إنشاؤها من بسري مروراً بجنّة ووصولاً الى بالوع بلعة، ستقضي على التنوّع البيولوجي وتؤدي الى التصحّر جرّاء قطع الأشجار، بل المهم «القبض» والاحتفال بالإنجازات. هذه السدود شابتها فضائح علميّة كثيرة وزيف ادعاءات.. ولا ننسى سدّ بريصا في سير الضنية الذي كلف 26 مليون دولار… وفضيحة سد بسري ماثلة أمام الجميع، فوادي بسري انهدامي وانخسافي وواقع على فالقي روم وبسري الزلزاليين.
بالعودة الى أسباب زيارة دار الفتوى ومن يقف وراءها، ولماذا تمّت خلال 48 ساعة؟ فإنها أسئلة محيّرة خاصة وأنه بسبب الانتخابات الرئاسية كان مفروضاً أن يتأجّل إعطاء الموعد الى ما بعد (حيفا) إجراء الانتخابات الرئاسية كي لا يُقال إنّ دار الفتوى تتدخل في الانتخابات الرئاسية أو انها تقف الى جانب أحد المرشحين…
كذلك كان لافتاً أنّ المملكة العربية السعودية التي ترتبط بعلاقات مميزة مع دار الفتوى، ومع سماحة المفتي شخصيّاً، لم تكن على علم بالزيارة وهي لا تتدخل، ولكنها لا تحبّذ مثل تلك الزيارات لشخص تدور حوله الكثير من علامات الاستفهام… وهو قد أعلن أكثر من مرّة أنه يريد أن يسترجع الحقوق المسيحية.. والأنكى انه ضد «الطائف» ولعمّه مواقف سيّئة جداً من «الطائف».. وهو عندما يقول، إني أريد أن أسترجع حقوق المسيحيين يبدأ السؤال، من الذي سلب حقوقهم، أمن المسلمين؟! وهذا يعني انه ضد اتفاق الطائف.
من ناحية ثانية، فإنّ مواقف الصهر المدلّل الصغير من الرئيس سعد الحريري، رمز السنّة وأكبر زعيم بينهم في لبنان سيّئة جداً. إذ إنّ ما فعله عمّه فخامة الرئيس خلال 6 سنوات مع أهم رئيس حكومة وأكبر زعيم سنّي لا يمكن أن يفعله عدو.
على كل حال، التساؤلات كثيرة والأجوبة قليلة، إذ لم يتجرّأ أي مسؤول على تبرير قبول سماحة المفتي استقباله أسوأ رجل ومسؤول يكره المسلمين وله مواقف عدائية نحوهم ليس لها حدود.
الأيام سوف تفضح هذا السر الذي هو إساءة الى «الدار» التي يحترمها المسلمون وكل رجالات الدولة الصالحين… وليس هناك من سر إلاّ وسينفضح عاجلاً أم آجلاً.