الهديل

الـ «IMF» ليس الحل الوحيد للمشكلة الاقتصادية.. – 1

الـ «IMF» ليس الحل الوحيد للمشكلة الاقتصادية.. – 1

كتب عوني الكعكي:

عام 1998، قال لي شهيد لبنان الكبير الرئيس رفيق الحريري إنّ البنية التحتية في لبنان كلّفت الخزينة خمسة مليارات دولار وهي تتضمّن:

-1 إعادة إعمار القصر الجمهوري.

-2 إعادة إعمار المطار وتوسعته، حتى صار يَسْتَوعب خمسة ملايين مسافر سنوياً، واليوم نقول: ليت الرئيس الحريري يعود، ليبني مطاراً يستوعب 15 مليون مسافر سنوياً…

-3 إعادة إعمار القصر الحكومي، وزيادة طابق على كامل مساحة القصر.

-4 إعادة إعمار المدينة الرياضية (مدينة كميل شمعون) التي دمرتها اسرائيل عام 1982.

-5 بناء مستشفى رفيق الحريري الجامعي الحكومي.

-6 الكهرباء: إنشاء محطة في الزهراني بقوة 500 كيلو واط، و500 كيلو أيضاً في دير عمار في الشمال، ومحطة صغيرة في صور بقوة مائة كيلو واط ومائة أيضاً في بعلبك.

-7 الجسر العربي في صوفر وضهر البيدر.

-8 شبكة طرقات واوتوسترادات بين بيروت وطرابلس وبيروت والجنوب… وكانت هناك فكرة الاوتوستراد العربي الذي توقف في الكحالة.

-9 بناء مجمعات تربوية حملت اسم رفيق الحريري.

هذا جزء مما فعله الرئيس الشهيد.. يومذاك قال لي بأنّ ما استدناه وقيمته خمسة مليارات من الدولارات سنحاول في العهد الجديد ومع مجيء الرئيس إميل لحود أن ننشئ شركة موبايل ثالثة جديدة، ونستطيع أن ننشئها بخمسة مليارات.. وبذلك نكون قد سددنا الدين وبدأنا من الصفر.

ولكن للأسف الشديد، فالرئيس إميل لحود كان ضعيف الشخصية، ويُدار يميناً ويساراً. ففي الجلسة الأولى التي عُقدت بين الرئيسين قال لحود للحريري: إنك جئت باقتراحك هذا، لأنك ستستفيد من هذه الشركة.. أجابه الحريري: كيف أستفيد؟ فأجاب لحود: لأنّ صهرك هو الذي يتولّى أمور الشركة… غضب الرئيس الحريري، وبَدَت الأمور تتعقّد بين الرئيسين، ما جعل الرئيس لحود يأمر بإلغاء شركتي «ليبانسيل» و «سيليس» مكبّداً لبنان خسارة قدرها 300 مليون دولار لأننا لم نلتزم بالعقد المبرم بين الدولة والشركتين.

وفي بداية عهد لحود، وعند تشكيل الحكومة وخلال الاستشارات أبلغ لحود الرئيس الحريري بأنّ عشرين نائباً تركوا له حرية التصرّف بأصواتهم. فرفض الحريري معتبراً أنّ هذه مخالفة دستورية بعد «الطائف»، لأنّ الطائف ألزم كل نائب بالتسمية من دون السماح له بتجيير صوته للرئيس أو لأي كان.

على كل حال… هذا فيلم من أفلام من سيناريو وإخراج وإنتاج الذين كانوا يديرون فخامة الرئيس لحود…

وعندما عاد الحريري بعد عامين من العهد وبعد انتخابات نيابية، جمع الرئيس الحريري كل أهل السنّة حوله… فتسلم منصب رئاسة الحكومة…

وفي 27 شباط عام 2001، وبعد محاولات الرئيس الشهيد رفيق الحريري الجادّة لإحياء الحركة الاقتصادية عبر استكمال برنامج الاصلاحات السياسية والادارية والاقتصادية والمالية والاجتماعية التي كان الرئيس الشهيد بدأها في الحكومات الثلاث التي ألّفها منذ نهاية العام 1992 وحتى نهاية العام 1998، وبعد عجز حكومة الرئيس سليم الحص في ضبط العجز في الموازنة وخفض الدين العام، ودخول الاقتصاد اللبناني في حال انكماش على صعيد حركتي الاستثمار والاستهلاك… أقول بادر الرئيس الشهيد الى وضع برنامج إصلاحي لضبط نسب التضخم… وطرح فكرة عقد اجتماع دولي لدعم لبنان اقتصادياً ومالياً… واستجاب المجتمع الدولي والهيئات المانحة، فعقد «مؤتمر باريس واحد» كما ذكرنا في قصر الإليزيه برعاية الرئيس الفرنسي يومذاك جاك شيراك وحضور رئيس البنك الدولي، ورئيس المفوضية الاوروبية، ونائب رئيس البنك الاوروبي للاستثمار ووزير المال الفرنسي يومذاك…

نتج عن هذا المؤتمر تعهد المجتمع الدولي بتقديم 500 مليون يورو على شكل مساعدات وقروض ميسّرة للبنان.

وفي 23 تشرين الثاني عام 2002 عقد «مؤتمر باريس 2-» لتكملة ما بدأه «باريس واحد»… هذا المؤتمر أضاف الى حاضري «باريس واحد»، مؤسّسات مالية دولية.

وفي هذا المؤتمر تعهدت الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري بما يلي:

-1 تعزيز الإطار التنظيمي للنظام المالي والنقدي، بإجراء إصلاحات مالية.

-2 تتخذ الحكومة اللبنانية تدابير عدّة من أجل تحفيز أنشطة أسواق رؤوس الأموال.

وقد أسهم «مؤتمر باريس 2-» في تحقيق هذا التقدّم الاقتصادي، هذا المؤتمر الذي ما كان له أن ينعقد أو أن ينجح لولا الجهود التي سبقته لجهة السير في عمليات الاصلاح المالية والاقتصادية، ولولا الاستقرار والاستمرار بما تعهدت به الحكومة سابقاً، وأبلغته للمشاركين في «مؤتمر باريس» لجهة الالتزام بمتابعة الاصلاح المالي والاقتصادي والالتزام بتخفيض العجز.

ولكن… وبعد هذا كله… ورغم المحاولات الناجحة والرائدة، التي قام بها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والعراقيل التي وضعها «النافذون» في ذلك الوقت أمامه… وعدم السماح له بتمرير كل محاولاته من أجل إنقاذ لبنان… ظلّ الرئيس الحريري «القائد» الذي نذر نفسه من أجل لبنان… ولو بعيداً عن المنصب حتى استشهاده في 14 شباط عام 2005.

(يتبع غداً)

 

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version