خاص الهديل:
طالما طلب الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين من الجانب اللبناني خلال المفاوضات الطويلة لترسيم الحدود البحرية ، أن تقدم الدولة اللبنانية موقفا لبنانيا رسميا موحدا بخصوص ما تريده بموضوع ترسيم الحدود البحرية ..
.. وطالما ايضا ما كان هوكشتاين وقبله فريدريك هوف، يربط عودته إلى بيروت بشرط أن يوحد اللبنانيون موقفهم من ملف ترسيم الحدود البحرية؛ ولكن غالبا ما كان الوسيط الأميركي يأتي إلى لبنان ليجد بإنتظاره ثلاثة مواقف ، لثلاثة رؤساء يتواجدون في داخل ما يشبه ثلاثة دول.
وطالما كان هوكشتاين وقبله هوف، يجد أن عين التينة في موقف؛ وقصر بعبدا لديه موقف اخر ، الآخرون اللبنانيون لديهم مواقف أخرى . وبالنهاية كان يحصل الوسيط الأميركي سواء كان اسمه هوف او هوكشتاين في كل مرة يحضر بها إلى لبنان ، على ثلاثة مواقف لبنانية بدل ان يحصل على موقف لبناني موحد يمثل الدولة اللبنانية ، يسمح له بأن يفاوض على أساسه الموقف الاسرائيلي.
وهكذا كان واضحا لهوكشتاين وقبله لهوف ، انه داخل وساطته بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي ، سيكون مطلوبا منه ايضا ان يجري عملية وساطة بين الرؤساء الثلاثة، وبخاصة بين الرئيسين الأول والثاني حتى يردم الهوة بين موقفيهما.
.. ولكن السؤال الأن هو لماذا فجأة توحد الموقف اللبناني ، بكل تشعباته واطيافه، وليس فقط على مستوى الرئاسة الأولى والثانية؟؟.. ولماذا فجأة صار للدولة رأيا واحدا وموقفا رسميا واحدا، ورؤية واحدة بخصوص ترسيم الحدود البحرية ؟؟.
السبب ببساطة هو انه لا يوجد طرف في لبنان ، بغض النظر عن هويته السياسية والعقائدية ، يريد اغضاب الرئيس الأميركي جون بايدن. أو يريد الوقوف بوجه الاستراتيجية الأميركية ذات الصلة بحرب الغاز الأميركية على روسيا .
والواقع انه من خلال تجارب عديدة وواضحة للعيان، يبدو أن الأطراف الرئيسة في لبنان لا تتوحد الا تحت وطأة خوفها من الغضب الأميركي.
.. فالغضب الأميركي هو الذي جعل في مناسبة سابقة ، كل النواب اللبنانيين – ممانعون وسياديون ومستقلون وغير منتمين – ، يذهبون حينها إلى البرلمان للتصويت على قانون مكافحة التهرب من الضرائب أو قانون فتكا الذي ارادته انذاك بحزم واشنطن؛ وحينها كان هناك توجه لدى بعض الكتل النيابية لمفاطعة البرلمان ، غير ان هذه الكتل عندما وجدت أن الذهاب وذهبت الى البرلمان لتشريع قانون فتكا، وذلك ليس لأن هذه الكتلة ، وكل الكتل النيابية اللبنانية، مقتنعة بالقانون، بل لكون فتكا هو مصلحة اميركية!!.
.. واليوم، الجميع مع اتفاق هوكشتاين، والجميع ملتزم بوحدة الحكم والمصلحة الوطنية وأن يكون للدولة موقف واحد، وليس عدة اراء، وسبب هذه القناعة هو ارضاء واشنطن والقول لبابدن ” تمنايتكم سيدي الرئيس ، أوامر”.
حينما كان الرئيس بشار الأسد مصرا على التمديد للرئيس اميل لحود ، قصده الوزير جان عبيد حينها حاملا له نصيحة .. قال عبيد للاسد : انا انصح بعدم التمديد للحود، وأنصح في هذه اللحظة بعدم تحدي أميركا، لأن واشنطن في ظروفها الحالية تشبه الثور الهائج.. وحينما يكون الثور الأميركي هائجا؛ فالأفضل أن تتنحى جانبا وتتركه يمر بأقل قدر من الخسائر ، والافضل أن ترفع بوجهه قطعة من القماش الأحمر، كي يلتهي عنك ..
ولكن الأسد لن يسمع حينها نصيحة جان عبيد ، وحصل ما حصل.. ولكن ببدو أن الجميع في لبنان، يعمل حاليا وفق تطبيقات نظرية عبيد عن عدم اغصاب الثور الأميركي الهائج في هذه المرحلة بسبب الأزمة الاوكرانية؛ ويبدو ان كل الأطراف اللبنانية تحمل حاليا قماشة حمراء، وتضعها أمام الثور الأميركي الهائج حتى يمر بسلام ومن دون إلحاق أضرار.. والواقاع ان القماسة الحمراء في المشهد الحالي، ليست الا “اتفاق هوكشتاين” الذي تعني عدم الموافقة عليه، اعلان الحرب على بايدن المهتم شخصيا بجعل كل غاز العالم بين قبضة يده، وذلك بهدف محاصرة الغاز الروسي.