اعتبر رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة أنّه يجب “أن نشرح تاريخ وتطور تحديد لبنان لحدود منطقته الاقتصادية الخالصة. إذ إنّ الحكومة اللبنانية، وبعدما حددت قسماً من حدود منطقتها الاقتصادية الخالصة في خط الوسط مع قبرص في 17 كانون الثاني في العام 2007، بادرت في العامين 2008 و2009 إلى تحديد حدود لبنان الباقية في تلك المنطقة وبشكلٍ انفرادي في النقطتين الثُلاثيتين: الأولى، في الجنوب بين قبرص ولبنان وفلسطين المحتلة. والثانية، بين لبنان وقبرص وسوريا في شمال لبنان. وعلى أساس ذلك، حدّد لبنان حدود منطقته الاقتصادية الخالصة في الخط 23 في الجنوب والخط 7 في الشمال. هذان الخطان في الجنوب الشمال يضمنان مصالح لبنان. ولقد جرى ذلك بقرار اتخذه مجلس الوزراء في 13 أيّار 2009. ولقد جرى تسجيل هاتين النقطتين الثلاثيتين في الشمال والجنوب لدى الأمم المتحدة في 14/07/2010، في عهد حكومة الرئيس سعد الحريري الأولى. وبعد ذلك، في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية، جرى تأكيد صوابية التحديد في الخط 23 والخط 7 مرتين عبر لجنتين جديدتين عيّنهما مجلس الوزراء: الأولى عام 2011 والثانية 2012، أكدتا، من جديد، صوابية ما قام به لبنان في الأعوام 2007- 2008 و2009. ويكون لبنان بذلك قد حدّد حدوده بشكل عادل ومنصف في الخط 23 في الجنوب والخط 7 في الشمال”.
وأضاف في حديث لقناة “الحدث”: “السؤال الذي ينبغي طرحه في هذا الصدد، وبعد كلّ ما قام به لبنان من خطوات في هذا الصدد، لماذا لم يقدم لبنان على اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل استغلال حقوقه وثروته النفطية والغازية. إذ إنّه بالفعل قد أضاع وقتاً ثميناً أيّ 13 عاماً منذ العام 2009 في ذلك الجدال العقيم والمزايدات وحملات التخوين والشعبويات، والتي كان يجري القيام بها لأهداف تخدم مصالح سياسية لأطراف متعددين، ولا سيما لـ”حزب الله”.
وتابع: “من الطريف أن نذكر أنّ “حزب الله” وحركة “أمل” و”التيار الوطني الحر” كانوا ممثلين في حكومتي الثانية التي تولّت تحديد تلك الحدود عام 2009، ولقد صدر قرار مجلس الوزراء في هذا الخصوص آنذاك بإجماع جميع الوزراء. في هذا الصدد، أعتقد الآن أنّه لا يمكن لبنان أن يحقق أكثر مما حقق في شأن تحديد حدود لبنان في منطقته الاقتصادية الخالصة أكثر من الخط 23. وهذا الاتفاق الذي يجري إعداده بواسطة الأمم المتحدة والوسيط الأميركي، باعتقادي أنّه، ومن حيث المبدأ، وقبل الاطلاع على تفاصيله، فإنّه يخدم مصلحة لبنان. وبالتالي يجب درس هذا الاتفاق بعناية، وبالتالي الحرص على عدم تبديد هذه الفرصة أو تضييعها”.
وردّاً على قول البعض أنّ لبنان تنازل في هذه المرحلة للحصول على أرباح سريعة، وأنّ “حزب الله” يعمل في هذه المرحلة على تحقيق المكاسب السريعة، قال: “لنكن واضحين لأنّ لبنان وحتى هذه اللحظة ليس لديه سوى احتمالات عالية في وجود مخابئ غاز أو نفط في منطقته الاقتصادية الخالصة. ولكن ليس لدى لبنان حتى الآن ما يثبت انه لديه احتياطات نفط او غاز مؤكدة. وكما نعلم، فقد تولى التنقيب اتحاد الشركات الثلاث (“توتال”، “ايني”، ونوفاتك) في الرقعة رقم 4، ولم يتبين وجود احتياطات مؤكدة أو اقتصادية حتى الآن. من جهة أخرى، فإنه كان يجري الإعداد من أجل التنقيب في البلوكين 8 و9، ولكن الأمر توقف لأسباب عدّة. ما يحتاج اليه لبنان هو التنقيب بما يثبت أنّ لديه احتياطات مؤكدة فيهما. لذلك، فمن الضرورة المسارعة إلى ذلك، ولكن لا بد هنا من الإشارة إلى أنّ لبنان قد أضاع وقتاً طويلاً 13 عاماً في الجدل العقيم والمزايدات الشعبوية وحفلات الزجل التخويني الذي لا يؤدي إلى شيء مفيد. فهو وبعدما حدّد حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة في الجنوب عام 2009، لم يقم بأي عمل يسهم في تطوير هذه الثروة الكامنة. في المقابل، ومع أنّ إسرائيل لم تعمد إلى تحديد حدود منطقتها الاقتصادية الخالصة إلاّ بعد مرور عامين من تاريخ ما قام به لبنان، إلاّ أنها، وبعد ذلك، سارعت إلى العمل على الافادة من تلك الحقول التي لديها وبدأت الإنتاج تحقيق الإيرادات لخزينتها. في المقابل، وكما ذكرت، فإنّ لبنان انشغل في إضاعة الوقت بين العامين 2009 و2022 ومن دون أي جدوى”.
وعن الملاحظات التي يمكن أن يقدّمها لبنان في شأن الترسيم، قال: “يجري الحديث الآن عن حقل قانا الذي يُقال إنّ قسماً منه يمتدّ جنوباً إلى ما بعد الخط 23. في ما يتعلّق بوجود الاحتياطات المؤكدة في هذا الحقل، فإنّه يجب العمل على تأكيده عبر الدراسات وعمليات الحفر التي يجب أن تتم. وعلى ما يبدو فقد تمّ التطرق إلى هذا الأمر في مشروع الاتفاق، على أساس أنّ يوقّع لبنان نسخة من هذا الاتفاق، وإسرائيل توقّع نسخة ثانية منه. وهو الاتفاق الذي يجري بدعم من الوسيط الأميركي ورعاية الأمم المتحدة.
لذلك، وإذا تمّ التحقق من وجود هذه الاحتياطات المؤكدة في هذا الحقل، فإنّ الشركات المولجة عمليات التنقيب والاستخراج ستعمد إلى توزيع الإيرادات ويتمّ تقاسمها، كما يجري عادة وعلى أساس قواعد متعارف عليها بما يقال عنه Unitization.
يجب ألا ننسى انه لا يمكن لبنان أن يحصل على أي إيرادات من الغاز والنفط الا بعد أن يتم التنقيب والتأكّد من وجود الاحتياطات المؤكدة، ويتم التحضير المضني لذلك لتبدأ عملية الاستخراج. وهذا الأمر قد يتطلب قرابة 5 إلى 7 سنوات من تاريخ التأكد من وجود الاحتياطات المؤكدة. ولذلك، فكل حديث عن موضوع الحصول على الإيرادات الموعودة أو تقاسمها سابق لأوانه. علماً أنّ هذه الإيرادات سيادية، وينبغي أن تكون للدولة اللبنانية وللأجيال اللبنانية المقبلة، وليس لكي تتقاسمها الأحزاب المذهبية والطائفية و”حزب الله”.
وقال ردّاً على سؤال: “أعتقد أنّ حزب الله قد أدرك أنّ هذا الاتفاق يخدم بالفعل مصلحة لبنان، بعدما أضاع وقتاً طويلاً في الجدال العقيم، وفي عمليات التخوين والتشكيك بالقرار الذي أصدرته الحكومة عام 2009 الذي يحمل رقم 51، وحيث كان “حزب الله” وحركة “أمل” والتيار الوطني الحرّ” ممثلين في تلك الحكومة، وهم قد وافقوا بالإجماع على تلك الحدود أي على الخط 23 الذي جرى رسمه في العام 2009 والذي سجل في الأمم المتحدة عام 2010.
ما يهم “حزب الله” الآن هو الادعاء بأنّ هذا الاتفاق ما كان ليحصل لولا سلاح “حزب الله”، وهذا الامر غير صحيح. فلقد تضافرت عوامل عدة من أجل التوصل إلى هذا الاتفاق. وكل همّ “حزب الله” الان أن يؤكد استمرار الحاجة الى سلاحه خارج إطار الدولة.
على الجميع الآن أن يدرك أنّ للبنان مصلحة وحاجة للتوصل إلى هذا الاتفاق. ولكن هناك حاجة، من جهة أخرى، أيضاً إلى شرح الأمور للبنانيين، وأن يتولى مجلس النواب تأكيد هذا الموقف الذي يحدد حدود لبنان في منطقته الاقتصادية الخالصة في الرقم 23 في الجنوب والرقم 7 في شمال لبنان، وان يؤكد مجلس النواب موافقته على هذا الاتفاق. وبالتالي أن تتقدم الجهود نحو استعادة الدولة لدورها ولسلطتها بما يشجع على الاستثمار في لبنان، ومن ذلك في تطوير حقوله وثروته النفطية والغازية، وبالتالي استخراج تلك الثروات من باطن الارض”