كتب عوني الكعكي:
تحدثنا في الحلقتين الأولى والثانية عن مؤتمري «باريس 1-» و «باريس 2-»، وما حققه المؤتمران على الصعيد المالي… والنجاح الكبير في جلب أموال للخزينة اللبنانية… واليوم نتحدث عن «باريس 3-» لأنه من المفيد أن يتذكر القرّاء الكرام الانجازات التي تحققت من خلال هذا المؤتمر، أعني «باريس 3-».
أشير بداية الى ان «باريس 3-»، عقد في العاصمة الفرنسية باريس في 25 شباط عام 2007 حول الاقتصاد اللبناني… وترأس المؤتمر الرئيس الفرنسي جاك شيراك وبمشاركة 40 دولة و14 مؤسسة مالية دولية، وترأس الوفد اللبناني يومذاك الرئيس فؤاد السنيورة.
في ذلك الوقت كان لبنان يرزح تحت عبء دين كبير قدره 41 مليار دولار شكل أكثر من 180 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، ومن هذا الدين ما قيمته 4.5 مليارات دولار تعود لمؤسسات دولية، بينما يعود الباقي لمصارف محلية بالعملة الاجنبية والمحلية، وكانت الحكومة اللبنانية قد استطاعت الحصول على وعود بقروض ميسرة طويلة الاجل بعد الحرب الاسرائيلية في تموز 2006 على لبنان تصل الى 900 مليون دولار تم تنفيذ 600 مليون دولار منها تقريباً. (العدوان الاسرائيلي كلف لبنان ما يقارب 3.6 مليارات دولار). وفي العام 2007، كان يُقدّر حجم دين المصارف على الدولة بنحو 22 مليار دولار أي أكثر من نصف اجمالي الدين العام.
شارك في المؤتمر كما ذكرنا نحو 40 دولة و14 هيئة دولية ومنهم الرئيس جاك شيراك، الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، ووزراء خارجية: السعودية الامير سعود الفيصل بن عبد العزيز، الولايات المتحدة كوندوليزا رايس، بريطانيا مارغريت باكيت، ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير، الامارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، إسبانيا مايكل آنخل موراتينوس، إيطاليا ماسيمو داليما، الاردن عبد الإله الخطيب، تركيا عبدالله غول، وزير المال الكويتي بدر مشاري الحميضي، والممثل الاعلى للسياسة الخارجية والامن في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، رئيس البعثة الاوروبية خوسيه مانويل باروسو، بالاضافة الى ممثلين لدول: أوستراليا، النمسا، البحرين، بلجيكا، البرازيل، كندا، الصين، قبرص، كوريا الجنوبية، الدانمارك، مصر، فنلندا، اليونان، اليابان، اللوكسمبورغ، ماليزيا، النروج، عمان، هولندا، قطر، روسيا والسويد، كما شارك ممثلون للمؤسّسات الدولية التالية: البنك الاسلامي للتنمية، البنك الاوروبي للتنمية، البنك الدولي، مجلس التعاون الخليجي، الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، صندوق النقد العربي، صندوق النقد الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وقد حمل «باريس 3-» للبنان تعهدات ووعوداً بلغت قيمتها ما يقارب 7.6 مليارات دولار توزعت بين تعهدات للقطاع الخاص بقيمة 1.89 مليارات دولار و5.643 مليارات دولار على شكل وعود وتعهدات للحكومة اللبنانية منها 1.336 مليار دولار وهي قيمة الهبات للحكومة والتي شكلت نحو 23.6% من اجمالي الوعود والتعهدات التي قدمت للحكومة ما قيمته 4.307 مليارات دولار على شكل قروض (76.4% من الاجمالي)، وقد حصل لبنان على 57%من الـ5.643 مليارات دولار اي ما قيمته 3.2 مليارات دولار. ومقابل كل تلك الاموال تعهد لبنان بتنفيذ سلسلة إصلاحات هيكلية وبنيوية.
قد قدّم هذا المؤتمر خدمات كبيرة للاقتصاد اللبناني… كما شهد مؤازرة ودعماً كبيراً للبنان لإنقاذه من محنته ووضعه المالي والاقتصادي الصعب… وإنقاذه من الوضع الذي كان يعاني منه.
وقد تمحور البرنامج الاصلاحي لـ»باريس 3-» حول 6 بنود اساسية أهمها التزام الحكومة تنفيذ إصلاحات لتحفيز النمو الاقتصادي من خلال إقرار التشريعات المطلوبة والإجراءات التي تطاول الحوكمة وتحرير التجارة وتطوير الاسواق المالية. بالاضافة الى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة مع تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وكانت أبرز الاصلاحات التي تضمنها البرنامج لهذا المؤتمر:
-1 تعهد الحكومة خفض العجز في المالية العامة.
-2 الحدّ من تنامي الدين العام عبر إقرار إصلاحات تطال الانفاق العام.
-3 إصلاحات تطال السياسة الضريبية.
-4 تحسين تحصيل الايرادات والجباية الضريبية.
-5 إلتزام لبنان العمل على إصلاح قطاع الكهرباء من خلال تحرير الانتاج وإنشاء الهيئة الناظمة تمهيداً لخصخصة القطاع في المدى المتوسط.
-6 تعهد لبنان خلال مؤتمر «باريس 3-» تنفيذ برنامج الخصخصة لا سيما في قطاع الاتصالات من خلال تأسيس شركة تيليكوم لبنان وطرح رخصتي الخليوي للمزايدة ثم خصخصة قطاع النقل، تحديداً ما له علاقة بالمرفأ والمطار بالاضافة الى قطاع المياه.
-7 تعهد لبنان خلال «باريس 3-» العمل على تعزيز شبكات الامن الاجتماعي لمكافحة الفقر وإصلاح نظام التقاعد ونهاية الخدمة.
المانحون وقيمة المنح:
أولاً: على رأس المانحين المملكة العربية السعودية التي تعهدت بتقديم 1.1 مليار دولار. (يومها قال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل ان المملكة ستقدم مساعدة قدرها مليار دولار لدعم المشاريع التنموية في لبنان من خلال الصندوق السعودي للتنمية وبالتنسيق مع الحكومة اللبنانية ومنحة بقيمة مئة مليون دولار الى الحكومة لدعم الميزانية العامة).
ثانياً: البنك الدولي اكثر من مليار دولار (700 مليون دولار لدعم تطبيق البرنامج الاصلاحي للحكومة و300 مليون دولار ليتمكن لبنان من تمويل القطاع الخاص).
ثالثاً: بنك الاستثمار الاوروبي 1.25 مليار دولار.
رابعاً: الولايات المتحدة 770 مليون دولار.
خامساً: فرنسا 500 مليون اورو.
سادساً: الاتحاد الاوروبي 400 الى 500 مليون اورو.
سابعاً: صندوق النقد العربي 700 مليون دولار.
ثامناً: الامارات تعهدت تقديم قروض للموازنة بقيمة 300 مليون دولار.
تاسعاً: مصر تعهدت تقديم 44 مليون دولار قروضاً لإعادة ترميم معمل كهرباء الجية وإعمار ما تهدم.
كما توزعت التعهدات الاجمالية على النحو الآتي: 834 مليوناً سبقت مؤتمر «باريس 3-» ومليار و474 مليون دولار قروضاً للقطاع الخاص و228 مليوناً لقوات الطوارئ (يونيفيل) والمنظمات غير الحكومية و750 مليوناً لمصرف لبنان ومليار و181 مليوناً هبات، بينها 978 مليوناً لدعم الموازنة و203 ملايين لتمويل مشاريع وملياران و392 مليوناً قروضاً للحكومة، بينها مليار و403 ملايين لدعم الموازنة، ومليار و989 مليوناً لتمويل مشاريع و600 مليون دولار لم تحدد وجهتها.
[يتبع غداً]
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*