الهديل

خاص الهديل: طبول حرب .. أم ” عاصفة انتخابية “؟؟

خاص الهديل:

خلال الساعات الأخيرة ظهرت في سماء الكابينيت الاسرائيلي المسؤول عن اخذ قرار الحرب في إسرائيل عاصفة من التهديدات والتهويل على لبنان غير مسبوقة : يائير لابيد رئيس الحكومة وعضو الكابينيت، قال أن اتفاق هوكشتاين سقط ويجب الاستعداد للمواجهة. وغانتس وزير الدفاع وعضو الكابينيت قال أن الجيش الاسرائيلي يجب أن يستعد “لحرب استباقية ” ضد حزب الله. وحتى نتنياهو، وهو من خارج الكابينيت ، قال وهو في طريقه إلى المستشفى، أنه ضغوطه لمنع لابيد من الاستسلام لابتزاز حزب الله طيرت “الاتفاق المهين”!!.

.. وبالتحليل النهائي يجد المراقب أن ٩٠ بالمئة من ” الكلام الحربجي” الاسرائيلي الرسمي والمعارض، هو كلام انتخابي، وهو يخدم عناصر الحملة الانتخابية عالية اللهجة السائدة في اسرائيل بين معسكري نتنتياهو وخصومه لابيد وغانتس . 

وضمن هذا التقدير يمكن ببساطة قول التالي: 

– نتنياهو يريد الانتقام من جماعة بايدن الاسرائيليين ( غانتس – لابيد) الذين استخدموا حرب غزة ( سيف القدس)، كورقة ضده في الانتخابات الماضية، ما أدى إلى إخراجه من الحكم .. والان يحاول نتنياهو استخدام توريط لابيد في حرب مع حزب الله في لبنان، حتى ينجح في اسقاطه في الانتخابات العامة وابعاده مع غانتس عن الحكم والحلول مكانهما في قيادة إسرائيل. 

– بالمقابل لابيد يحاول قطع الطريق على خطة نتنياهو هذه، وذلك من خلال الامتناع عن شرب كأس سم الحرب مع لبنان ، الذي شرب منه نتنياهو مع غزة ؛ ولذلك فهو يعمد لتكبير نقاط الخلاف مع بيروت في النسخة المزودة بالملاحظات اللبنانية؛ وهدفه من ذلك ليس الذهاب للحرب ولا نسف الاتفاق ؛ بل تأجيل تنفيذه إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية، وأن يظهر لابيد خلال هذه الفترة وكأنه شن حربا كبيرة لكسر ارادة لبنان ، و بأنه ربح الحرب السياسية ضد حزب الله، ورفض التنازل.. وكل هذه المزايا الوهمية ستكسبه نقاطا انتخابية بين الجمهور الاسرائيلي، وتحرم نتنياهو من استغلال اتفاق هوكشتاين ليجعله نقطة ضعف انتخابية للابيد وغانتس.  

– غانتس من جهته يكرر نفس استراتيجيته ، وهي الظهور امام جمهور اليمين الاسرائيلي بأنه يقف على يمين لابيد وانه متشدد اكثر منه .. فغانتس يتنافس من ضمن مركب جماعة بايدن الواحد، على رئاسة الحكومة مع لابيد ، وفيما الاخير ( لابيد) يراهن على حصد اصوات يمين الوسط؛ فان غانتس يراهن على حصد اصوات اليمين الخارجين من مناخ نتنياهو، والذين. في نفس الوقت لا يعجبهم تساهل لابيد الوسطي. 

ومن كل ما تقدم يظهر أن طبول الحرب التي تم قرعها امس في إسرائيل. كانت بجزئها الأكبر اصداء انتخابية؛ ومع ذلك يجب على بيروت أن تبقي نظرها على عدة امور برزت داخل الخطاب الاسرائيلي ضد لبنان أمس، كون هذه الأمور تعبر عن وجود خطر دفين، وعن تطور داخل اسرائيل أعمق من كونه انتخابي:

الأمر الأول هو ما قاله غانتس من أن الكابينيت اخذ قرارا بالاستعداد “لحرب استباقية” ضد لبنان، اذا لزم الأمر. 

خطورة استخدام مصطلح “حرب استباقية” تتأتى من كونه يؤشر الى أن إسرائيل التي غيرت قواعد الاشتباك مع غزة في الحرب الأخيرة، تريد تعميم هذا الأمر على لبنان؛ بمعنى ان غانتس يريد فرض معادلة تقول انه لم يعد يجب على اسرائيل انتظار قصف حزب الله لكاريش حتى ترد اسرائيل بقصف لبنان، بل يمكن لغانتس أن يقصف لبنان تحت عنوان انه استبق نصر الله الذي كان يريد قصف كاريش. 

..ان خطورة هذا التغير في قواعد الاشتباك يحتم على لبنان عدم استبعاد أن يحصل عدوان اسرائيلي على لبنان مفاجئ ، وذلك من دون مقدمات ميدانية تسبقه، من قبيل قيام حزب الله بضرب كاريش اولا.

الأمر الثاني يتمثل بكلام لابيد عن استعمال مصطلح ” الكراهية” التي يكنها لبنان وحزب الله لاسرائيل، وخطورة استعمال هذا المصطلح تنبع من أن المسؤولين الاسرائيليين يستعملون عادة هذا المصطلحات ( يكرهوننا ويريدون تدميرنا) “؛ تمهيدا لتبرير قيام تل ابيب بتنفيذ مجازر ضد الطرف الآخر الذي يتهمونه بهذه المصطلحات !!.

Exit mobile version