استقبل رئيس الهيئات الإقتصادية الوزير السابق محمد شقير وفد نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي ، وضم نادين صاموئيل ، مارسيل نديم، فيليب ابي عقل ، فؤاد الحركة . حيث تم الاستماع الى خطة التعافي الإقتصادي والمالي التي أعدتها الهيئة للخروج من الازمة الخانقة التي تعيشها البلاد.
وقد اثنى الكعكي على «الخطة»، آملا تحقيقها لما لها من تداعيات ايجابية على الصعيد الاقتصادي والمالي، ولعلها تسهم في انقاذ لبنان بعدما وصل بالفعل الى قعر جهنم». داعيا الى التجاوب مع هذه الخطة، لاعتبارها «المنقذ راهنا مما تتخبط فيه البلاد»
وتحدث شقير، في خلال اللقاء، فأشار الى «أن البلد يمر في ظروف مأساوية، لكن حتى الآن الدولة ليست مفلسة. فلبنان ليس أول دولة في العالم يحصل فيها إنهيار إقتصادي، لكن بالتأكيد الدولة الوحيدة التي لم تتخذ خلال ثلاث سنوات من عمر الأزمة خطوات وإجراءات ثابتة وفعلية لمواجهتها والخروج منها».
وعرض شقير الخطة التي «تستند الى كل المعلومات والمرتكزات المالية والإقتصادية والإجتماعية الحقيقية والواقعية، وتستجيب لمتطلبات صندوق النقد الدولي ومختلف المعايير المحاسبية والشفافية والحوكمة، وكذلك للحفاظ على حقوق المودعين وإيجاد حل لتَخَلُّف الدولة عن الإيفاء بديونها الذي يرتكز على تسلسل المسؤوليات، الدولة، مصرف لبنان، المصارف».
وقال شقير: «أن الهَمّ الأساسي الذي كان يطغى على الهيئات الإقتصادية والذي عكسته بقوة في هذه الخطة، هو تحقيق العدالة الإجتماعية بإعطاء الأولوية لصغار المودعين وتوفير الحماية الإجتماعية للبنانيين من دون إغفال حقوق جميع المودعين».
أضاف: «مما لا شك فيه، أنه على الرغم من مسؤولية جميع الأفرقاء بتحمل الخسائر المالية الحاصلة، فإن الخطة لحظت بشكل واضح تحمل المصارف ما يتوجب عليها في هذا الإطار. لكنها حرصت في الوقت نفسه، على ضرورة الحفاظ على القطاع المصرفي وعدم دفعه للإفلاس، لأن تحقيق أي نهوض إقتصادي يعتمد بشكل أساسي على سلامة القطاع المصرفي عبر توفير التمويل وتشجيع الإستثمار، لأن إفلاس القطاع المصرفي سيكون بالتأكيد مقدمة لهلاك أموال المودعين».
واكد شقير إن «جُلَّ ما تريده الهيئات الإقتصادية وتعمل من أجله في خطة التعافي، هو النهوض بالإقتصاد الوطني لإنهاض لبنان. وهنا، الطريق معروف، وهو: الإتفاق مع صندوق النقد الدولي، إقرار القوانين الإصلاحية، العودة الى الأسواق المالية العالمية، إصلاح القطاع العام وإعادة هيكلته وتحفيزه، تنفيذ مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تحفيز الإستثمار، إستدامة الدين العام”.
كما اكد اصرار «الهيئات» توازيا عبر الخطة «ضرورة وضع شبكة أمان إجتماعي فعالة ومجدية لتقليص أثر هذه الإصلاحات على الفئات الضعيفة. لأنه حقيقةً، هذا الطريق شاق وصعب ومؤلم، لكن النتائج على المدى الطويل ستكون مجدية للجميع”.
وبالنسبة للودائع أوضح شقير إن «الودائع تبقى هدفاً أساسياً في خطة التعافي، ومن خلال المقاربات العلمية والمحاسبية التي إرتكزت عليها والآليات التي إعتمدتها يمكن أن يصل معدل إسترداد الودائع الى 74% على مدى سنوات خطة التعافي، حيث سيتم إعادة الودائع حتى 100 ألف دولار كاملة لكل مودع. أـ ما بالنسبة لكبار المودعين، تلحظ الخطة برنامجاً طموحاً لإعادة الودائع لهذه الفئة، عبر العائدات الناتجة عن إدارة أصول الدولة من قبل شركات متخصصة ومتميزة، مع المحافظة على هذه الأصول».
وجدد شقير شكر فريق العمل لكل من شارك في إعداد هذه الخطة وهم: نقولا شماس، نبيل فهد، صلاح عسيران، يحيى قصعة، مارون شماس، نيكولا بوخاطر، بول أبي نصر، روجيه داغر، نصري دياب، سعد عنداري، رمزي الحافظ وروجيه ملكي.
المتطلبات الواجب تنفيذها للتعافي
وتعرض خطة التعافي المتطلبات الواجب تنفيذها، كي يبدأ لبنان التعافـي، عليه ان ينفذ الإجراءات التالية بالتزامن مع برنامج شامل مع صندوق النقد الدولي، :
– العمل على وضع قانون ضوابط على التحويلات (Capital Control Law) ضمن المبادئ التوجيهية لصندوق النقد الدولي.
تعديل قانون السرية المصرفية بما يتماشى مع المعايير الدولية.
إعادة هيكلة القطاع المصرفي.
اقرار الموازنة لتغطية ما تبقى من العام 2022.
– الوصول إلى توافق عادل (fair agreement) لإعادة هيكلة الديون الداخلية و/أو الخارجية مع جميع حاملي سندات اليوروبوند.
الحصول على تمويل جديد (fresh financing) من صندوق النقد الدولي ومؤسسات الإقراض الدولية المشابهة.
– إعادة هيكلة المالية العامة في لبنان بما في ذلك تأمين فائض أولي على المدى المتوسط
(primary surplus in the medium term).
* تحفيز الاستثمار، بما في ذلك الإنفاق على البنية التحتية الممول من سيدر (CEDRE).
وضع شبكة أمان اجتماعي فعالة ومجدية لتقليص أثر هذه الإصلاحات على الفئات الضعيفة.
إعادة هيكلة التزامات مصرف لبنان بطريقة عادلة ومستدامة لتحقيق الملاءة المالية الفورية.
تنفيذ إصلاحات الحوكمة العامة، والتي لبنان بحاجة ماسة لها، بما في ذلك تقليص حجم القطاع العام وتنفيذ مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
توحيد سعر الصرف.
* معالجة العجز المزمن في ميزان المدفوعات.
المبادىء التوجيهية
المبادئ التوجيهية الأساسية التي بُنيت الخطة على أساسها، وصولا الى النمو الإقتصادي، والهدف الاساسي والاول هو حماية الإقتصاد وإعادة إطلاق النمو الإقتصادي، وأي إجراء لا يتعارض النمو تم تجنبه في الخطة.
مثلاً من ناحية الكابيتال كونترول، إذا تضمّن أي إجراءات تحد من النمو أو تلجم قدرة البلد على النهوض الإقتصادي، يجب تجنّبها والتوجه إلى حلول أخرى وصولا الى الهدف والمشاركة في موضوع قانون الكابيتال كونترول».
– من النقاط الأساسية في الخطة هي لجم التضخم، حيث نشهد تضخّماً متتالياً شهرياً وسنوياً يفوق المعدلات في كل بلدان العالم. ولجم التضخم يأتي من لجم الكتلة النقدية بالليرة التي تسمح للتضخم بالإرتفاع. لهذا إعتمدنا في الخطة الوصول إلى الحد الأدنى من الكتلة النقدية بالليرة حتى نصل إلى إعادة حقوق المودعين ولكن ليس عن طريق الليلرة، (اي بدفع الودائع الدولار بالليرة) والتضخم الذي يقتل الإقتصاد في طريقه إلى حل مشكلة مالية أساسية.
– تعدد سعر الصرف يضر بالإقتصاد ويسمح للبعض بتحقيق أرباح على حساب المواطنين ويعرقل عملية وضع خطط للقطاعات الإقتصادية على المدى القصير والطويل، ما يجعل توحيد سعر الصرف أمراً أساسياً في هذا السياق».
– ليس هناك تفرقة بين المودعين، أي بين مودع مقيم وغير مقيم، أو مودع لديه وديعة كبيرة أو صغيرة. جميع المودعين يجب أن تصل لهم حقوقهم. لكن طبعا طرق المعالجة ستختلف بين الفئات المختلفة بين المودعين.
– يجب أن يكون هناك دين مستدام. الدين الموجود في الليرة أصبح من الممكن خدمته لكن الدين بالعملات الأجنبية والمطلوبات بالعملات الأجنبية سنجد طريقة لمعالجتها. وهدف القدرة على الدخول الى الأسواق المالية، فإذا أردنا أن يكون لدينا دين عام مقبول نستطيع الحصول على قروض من صندوق النقد الدولي ومن المؤسسات المالية العالمية، خصوصاً بعد ان يجدوا أن بات لديه مستوى دين عام بين الـ60% الى 80% من الناتج القومي.
– في موضوع المساهمات في المصارف، يجب أن يكون هناك تحفيز للمساهمين حتى يعودوا لإدخال الأموال إلى القطاع المصرفي من أجل إعادة رسملته، وهناك مبدأ أساسي وهو أن المصارف يجب أن تتحمل حصتها من الخسائر لا سيما خسائرها في سوق القطع».
الخطة تعالج مجمل الوضع المالي
ما تعالجه الخطة، هو مجمل الوضع المالي، أي ليس فقط بالقطاع المصرفي بل في مصرف لبنان والدولة أيضاً. وأول عمليتين ستتمان بشكل تلقائي هما الفريش دولار الموجود حالياً في القطاع المصرفي والذي لن يتعرض لإعادة الهيكلة، أما الثاني هو موضوع الديون للقطاع الخاص، حيث يوجد في القطاع المالي حالياً 14 مليار دولار ديون للقطاع الخاص ومن المقدّر أنّ 90% منها ستتم تغطيتها.
– عدم معاملة الوديعة الأصلية والأساسية تماماً كما تعامل فائض الفوائد والأموال التي حوّلت بعد عام 2019 من العملة اللبنانية إلى الدولار. فمجمل هذه الودائع 28 مليار دولار، 12 مليار دولار ناتجة عن فوائد فائضة نقاربها عبر ردّها إلى العملة اللبنانية على سعر صرف 1500 ليرة، أما الـ16 مليار دولار ناتجة عن تحويل من الليرة الى دولار بعد العام 2019 وهي سيتم تحويلها إلى الليرة على متوسط سعر صرف بـ8000 ليرة. ونردّها على هذا السعر لأننا نعي أنّ هناك قسما منها ناتج عن تحويل تعويض نهاية الخدمة من الليرة إلى الدولار.
– هاتان العمليتان ستشهد «ليلرة»، نحاول حصرها كي لا تؤثر على معدلات التضخم بالبلد، وهذه الأموال بالليرة اللبنانية ستحوّل وتوضع في الحسابات ويتم الوصول إليها تدريجياً على مدار 10 سنوات».
– «المرحلة الثالثة أساسية للحماية الإجتماعية، وهي مسألة الـ100 ألف دولار.
– الخطة شمولية والهدف حماية الأشخاص وليس الحسابات. لذلك تتم حماية الشخص لحد الـ100 ألف دولار، أي أنه إذا كان لديه مليون دولار يحمى لسقف الـ100 ألف دولار وإذا كان لديه 30 ألف دولار تكون وديعته محمية بالكامل.
والسؤال كيف سيتم دفعها؟ سيتم دفع 75% منها بالدولار، 25% منها بالعملة اللبنانية على سعر صرف السوق ويتم دفعها بالحد الأقصى على مدار 7 سنوات، ومن لديه 30 ألفا يحصل على كامل أمواله في وقت أقل. وقسم من هذه الودائع يتم دفعه من الأموال الموجودة في مصرف لبنان وهي أموال المصارف والمودعين وقسم منها يتم جلبه من إعادة رسملة المصارف.
-المرحلة الرابعة هي المساهمة المباشرة للمصارف، العبء الذي تتحمله ، هناك 8 مليارات دولار تحملها المصارف»، وهناك مساهمة مطلوبة من المصارف وتتحمّلها: هناك 4 مليارات دولار هي ستكون موجودة ويتم تحويلها إلى فريش دولار وتثبيتها على 5 سنوات ويتم الوصول إليها تدريجياً على مدى 5 سنوات. وهناك 3.8 مليارات دولار سندات دين أو أدوات مالية دائنة تصدرها المصارف، على أن يُعطى الحق للمودع بإختيار ما يفضّل منها. وهذه الأدوات تشكّل تقريباً 7.3 مليارات».
ـ اما المرحلة الخامسة التي تتعلق بمساهمة الدولة، فالدولة اللبنانية قبل الأزمة كان مجموع ديونها 93 مليار دولار إذا أضفنا مستحقات الضمان والمستشفيات، أما اليوم ومن بعد إعادة الهيكلة سيكون دين الدولة بين 7 و8 مليارات دولار.