الهديل

خاص الهديل: لماذا قال بايدن للابيد عن دوره في اتفاق هوكشتاين : ” انت تصنع التاريخ” !؟

خاص الهديل:

أمس هاتف الرئيس الأميركي جون بايدن رئيس وزراء الحكومة الاسرائيلية يائير لابيد لتهنئته بإتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وقال الرئيس الأميركي للابيد في مجال امتداح دوره في هذا الاتفاق : ” انت تصنع التاريخ”!!. 

ليس واضحا بالتمام ما الذي دفع بايدن ليقول للابيد انه من خلال خطوته بابرام الترسيم البحري مع لبنان، انما هو في منزلة من ” يصنع التاريخ”!؟ .. 

السؤال هو عن أن أي تاريخ يتحدث بايدن ؟؟.. وهل ما قاله مجرد مبالغة دبلوماسية ودعائية؟؟ ، ام ان عبارته تنطوي على معان فعلية، وتلميح لخلفيات تحتاج لإماطة اللثام عنها . 

في إطار محاولة تفسير عبارة بايدن للابيد؛ يجدر التوقف عند حقيقة أن اتفاق ترسيم الحدود البحرية وحقول الغاز بين لبنان وإسرائيل، إنما هو “ملف بايدن الشخصي”. وما كان لهذا الملف الذي هو محل تفاوض عليه منذ اكثر من عشر سنوات، أن يصل إلى خواتمه السعيدة، لولا أن إدارة بايدن لم تتخذ قرارا بمناسبة تداعيات أزمة أوكرانيا، بأن أوان حل هذا الملف قد نضج. 

وكان واضحا منذ اندلاع الازمة الاوكرانية، ومنذ اتخاذ بايدن قراره بإخراج الغاز الروسي من أوروبا، أن ملف الغاز في العالم، وبضمنه ملف غاز شرق المتوسط الذي لبنان جزء من منظومته، بات هو الملف الشخصي للرئيس الأميركي بايدن .. 

ولم يكن مفاجئا ، والحال هذا، ان يتصل بايدن شخصيا بالرئيس عون ليهنئة بالاتفاق ، كون اتصاله هذا يوحي بأن بايدن يعلن انه هو صاحب هذا الإنجاز .. ونفس المعنى عن اظهار صفته كصانع لهذا الاتفاق، أراد بايدن اظهاره من خلال قوله للابيد : انت تصنع التاريخ ؛ اي ان لابيد يقف وراء بايدن في صناعة انجاز له مفاعيل تاريخية. . 

ان الفكرة الاساس هنا هي ان الرئيس الأميركي يعتبر هو المهتم في هذه الأيام، بملف الغاز في كل العالم ، وذلك انطلاقا من كونه معنيا بكسب معركة إخراج الغاز الروسي من أوروبا ، ومن ثم بكسب حرب إخراج روسيا من كل اوروبا. 

وغاز كاريش ، ومعه غاز لبنان ، وكل غاز شرق المتوسط، هو جزء من حرب بايدن للسيطرة على مناطق الغاز في العالم ، ولا سيما في شرق المتوسط ، كون روسيا موجودة في شرق المتوسط ويمكنها في اية احظة ارادت، ان تثير المشاكل وتتدخل في معادلة غاز هذه المنطقة. 

صحيح ان غاز شرق المتوسط لا يشكل نسبة ملحوظة، في احتسابات كيفية تعويض اوروبا عن الغاز الروسي ، ولكن أهمية عاز المتوسط بالنسبة لبايدن في معركته ضد الغاز الروسي، تعود لأسباب أخرى ؛ منها ان روسيا الموجودة في سورية والتي بات لها نفوذ في المياه الدافئة، يمكنها أن تدخل بقوة إلى معادلة غاز شرق المتوسط؛ وتثير “اشتباك نفوذ ” عليه مع أميركا وفق نموذج الصراعات التي كانت تحترم بين الطرفين ايام الحرب الباردة التي هناك كلام كثير عن احتمال عودتها للبروز ؛ ولذلك يهم بايدن الإسراع بحل ملفات الخلافات على الغاز بين دول شرق المتوسط.. ويهمه أن تتم برعايته شخصيا توقيع اتفاقات ترسيم حدود الغاز بين دول المتوسط المتنازعة على هذا الصعيد ، ولبنان هو احد هذه الدول الذي اهتم بايدن بإخراج روسيا بشكل مبكر من لعبة الاستثمار التجاري والسياسي في غازه… فحاليا لم تعد شركة النفط الروسية شريكة توتال الفرنسية وأني الإيطالية في التنقيب عن الغاز اللبناني في حقل قانا واخواته ، بل تم إخراجها من هذه المعادلة.. 

والان يتم ايضا عبر ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إقفال الباب ام روسيا في هذه المنطقة من المتوسط التي بات استقرار الغاز فيها مضمونا من قبل واشنطن والامم المتحدة. 

هناك عامل ثان دفع بايدن للاسراع في حسم ملف ترسيم الغاز بين لبنان وإسرائيل، ومفاده انه اذا سيطرت روسيا على اي جزء من غاز المتوسط، فإن ذلك سيعتبر اضافة مهمة لحجم قطاع الغاز الروسي .. وبالنسبة لاميركا ليس مهما فقط السيطرة على غاز مناطق كثيرة في العالم لوضعه في خدمة تدفئة أوروبا بدل الغاز الروسي، بل ايضا المهم لبايدن اضعاف حجم قطاع الغاز الروسي والعمل لقطع الطريق على بوتين في كل مناطق الغاز التي هناك احتمالا أن يتمدد إليها الدب الروسي.

ويستفاد مما سبق ان بايدن ليس فقط يريد الغاز من دول شتى في العالم ، لتعويض اوروبا عن الغاز الروسي؛ بل يريد الغاز من دول شتى في العالم من إجل حرمان موسكو من بسط نفوذها على اي بقعة غاز في العالم . وهذا هو معنى اهتمام بايدن بغاز لبنان الذي يمكن لموسكو ان تتمدد اليه في ظروف الصراع القائم في العالم .

Exit mobile version