أبلغت المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها عن ارتفاع في عدد أمراض الجهاز التنفسي وزيارات إلى غرفة الطوارئ بين الشباب خلال فصل الصيف. وبالتالي حذرت الوكالة الأطباء من البحث عن فيروس معوي يُسمى D68 المرتبط بالمزيد من حالات التهاب النخاع الرخو الحاد النادر، والمسبّب للشلل.
وحسب تقرير الوكالة، أظهرت البيانات أنّ “نتائج الفحوصات الإيجابية للفيروس الأنفي/ الفيروس المعوي “يبدو أنّها تتزايد بمعدّل يمكن مقارنته مع السنوات الماضية لتفشي الفيروس المعوي D68″، إذ تضاعف خلال فترة أسابيع قليلة حتى أوائل أيلول”
ويُسبب هذا الفيروس أعراضاً تُشبه أعراض نزلات البرد مثل السعال، ضيق التنفس، الصفير وأحياناً الحرارة. ويميل الفيروس إلى التفشي في أواخر الصيف وأوائل الخريف.
وشهد الفيروس المعوي D68، الذي سُجّل لأول مرة في كاليفورنيا في العام 1962، ارتفاعاً في أعداد الحالات منذ العام 2001. ووفقاً لخبراء المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها أن معظم الحالات تعاني من عوارض خفيفة مثل السعال والسيلان والحرارة. ولكن في حالات نادرة، يُعتقد أن الفيروس يؤثر على النخاع الشوكي، ما يؤدي إلى ضعف العضلات والشلل أحياناً في حالة تُعرف باسم “التهاب النخاع الرخو الحاد”.
وفي هذا الصدد، يشرح رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية الاختصاصي في طبّ الأطفال البرفيسور غسان دبيبو لـ”النهار” أنّ الفيروس المعوي D68 هو نوع من عائلة الفيروسات التي تُسبب حبوباً في الفم واليدين والقدمين، ومن بين هذه العائلة أيضاً يوجد فيروسات تؤدي إلى الشلل. هذه الفيروسات لديها القدرة على أن تُسبب إلتهاباً في الجهاز العصبي (في الدماغ والسحايا).
وتبيّن أن هذا الفيروس بالذات يمكن أن يسبب عوارض شبيهة بعوارض شلل الأطفال، وقد سجلت حالات عديدة خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً في الولايات المتحدة التي تتميز بقدرتها العالية على الترصد السريع والتشخيص المبكر.
في لبنان لم نرصد بعد أي حالة لهذا الفيروس، وعادة عندما يُسجل حالات فيها شلل من المفترض إبلاغ وزارة الصحة للتحقيق بالحالة وأخذ عينات من المريض للتأكد من وجود شلل أو وجود أي نوع من الفيروسات التي تُسبب عوارض شبيهة بالشلل.
ويؤكد دبيبو أنه “غير موجود في لبنان، ولكن يمكن أن يظهر في أي وقت لأنه ينتشر بين الأطفال كما هي الحال مع انتشار الفيروسات الأخرى. إذ ينتشر الفيروس المعوي D68 عندما يسعل الشخص المصاب أو يعطس أو يلمس سطحاً يستخدمه الآخرون بعد ذلك.
وتكون عوارضه في المرحلة الأولى شبيهة بعوارض الفيروسات الأخرى مثل ارتفاع الحرارة، عوارض في الجهاز التنفسي، ألم في الحلق، تعب، قلة شهية، تقيؤ… في حين تبدأ عوارض الشلل بعد أيام من الإصابة حيث يعاني الطفل من صعوبة في المشي وضعف وعدم القدرة على تحريك الأطراف.
لذلك إذا كان التشخيص مبكراً يمكن إعطاء الطفل أدوية خاصة للمناعة ومتابعته لزيادة حظوظه في الشفاء أكثر.
أما بالنسبة إلى الفيروسات المعوية الأخرى، يوضح دبيبو أنه “في موسميّ الخريف والشتاء تزيد حالات فيروس الروتا (Rotavirus) الذي يعدّ أكثر الفيروسات المعوية شيوعاً التي تُصيب الأطفال. وبرغم من وجود لقاح له، إلا أنه منذ فترة نشهد انقطاعاً فيه، وبالتالي لم يتحصن عدد كبير من الأطفال ضده خصوصاً أنه غير مندرج على جدول التطعيم الإلزامي.
وعليه، تبدأ حالات الإصابة بفيروس الروتا بالظهور في أواخر تشرين الأول وتزيد أكثر في فصل الشتاء، إلا أنها تُسبب مشاكل صحية عند الأطفال الذين هم دون السنتين نتيجة التقيؤ والإسهال الحاد وجفاف الجسم الذي يؤدي إلى دخولهم إلى المستشفى.
كذلك يتحدث دبيبو عن فيروسات أخرى يلاحظها الأطباء طوال الوقت مثل Norovirus وadenovirus و Astrovirus التي تُسبب التهاباً في الجهاز الهضمي. كما نضيف عليها فيروس الكورونا الذي يُسبب إسهالاً عند الأطفال وتمّ ادراجه ضمن قائمة الفيروسات التي تُسبب التهابا في الجهاز الهضمي.
كذلك هناك فيروس المخلوي التنفسيR SV الشبيه بعوارض نزلات البرد ومنها السعال وعوارض شبيهة للربو للأطفال دون السنتين حيث يعاني الطفل من صفير في الصدر، ضيق في التنفس، تعب ونقص الأوكسجين. ولقد لاحظنا حالات عديدة منه في الصيف، وهذا أمر غريب لأنه عادة ينتشر في فصل الشتاء.
أما بالنسبة إلى فيروس الإنفلونزا، فقد أدى الانتشار الواسع والسريع لفيروس #كورونا وعدم التعرض له لمدة سنتين إلى انخفاض المناعة الجماعية ضده في العالم. وبما أن الفيروس يتحور كما كل الفيروسات، شهد النصف الجنوبي من الكرة الأرضية أي في أوستراليا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا موسم أنفلونزا قوياً، وبدأت الدول الأوروبية تلاحظ زيادة في حالات الأنفلونزا.
ويتوقع دبيبو أن “يكون موسم الأنفلونزا قوياً حيث سنلاحظ إصابات عديدة، لذلك ندعو إلى التلقيح ضد الأنفلونزا لاسيما عند الأطفال وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من مشاكل مناعية”.