الهديل

طويل اللسان… قصير القامة

 

كتب عوني الكعكي:

لا حاجة للقول: من هو طويل اللسان قصير القامة؟ فبالرغم من وعدنا بأنّ لا نكتب عن هذا الشخص، والابتعاد عن سيرته التي تزعج الكثيرين، لكنني أشعر ان هناك مطلباً جماهيرياً بتوضيح حقيقة هذا الكذّاب الكبير… طويل اللسان قصير القامة، الذي يعيش أحلاماً ورديّة يظن انها حقيقة… متناسياً انها من نسج خياله هو فقط.

بداية… نتحدّاه أن يذكر لنا نجاحاً واحداً حقّقه منذ دخوله الـمُعْتَرك السياسي… إنّ جبران باسيل، المتخبّط بمشاكله الداخلية والدولية، يعيش أزمة يحسب ان إحداها إسقاط تشكيل حكومة إنقاذ جديدة برئاسة نجيب ميقاتي، لأن رئيس الحكومة المكلّف بات يشكّل أبرز خصومه السياسيين وهم كُثر.

لقد انضم باسيل مبكراً الى «التيار»، وعُيّـن بوساطة نفوذ عمّه وزيراً للاتصالات في حكومة الرئيس سعد الدين الحريري الأولى عام 2011، فقدّم هو وباقي وزراء المعارضة استقالتهم ما أدّى الى انهيار الحكومة.

فشل في كل الوزارات التي تسلمها: الاتصالات عام 2011 كما ذكرنا، والطاقة والمياه بين عامي 2011 و2014، والخارجية بين 2014 و2020، ولم يَعٌد أحد يجهل ما فعله جبران باسيل في كل من هذه الوزارات، فكان يتنقل من فشل الى فشل، وكبّد خزينة الدولة أموالاً كانت سبباً في إقحام اللبنانيين اليوم في نار جهنم.

ولا ننسى فشله في الانتخابات النيابية وسقوطه مرتين… ولم يتمكّن من الوصول الى «منصب نائب» بعد الفشل الذي لازمه إلاّ عام 2018 حين نجح بعد تفصيل قانون هجين على قياسه.

أعود لأقول: لقد سقط باسيل في انتخابات العام 2005 عن دائرة الشمال الثانية – البترون، وخسر أمام أنطوان زهرا وبطرس حرب، كما سقط مرّة ثانية عام 2009 من جديد في الانتخابات عن دائرة البترون أمام زهرا وحرب أيضاً.

أقول هنا: إنّ جبران باسيل، بدل أن يجري مراجعة لأسباب فشله… لم يستفِد من أسباب فشله، فلازمه الفشل حتى «قانون قابيل وهابيل».

هذا في النيابة… أما في الوزارات التي تسلّمها فحدّث ولا حرج.

هدر أموال بالجملة والمفرّق… رشى وعمولات وسمسرات… وقصة رفضه تدخّل الصندوق الكويتي للتنمية… خير مثال على ما أقول.

وما دمنا نتحدث عن الانتخابات، لا بدّ من التوقف عند استغلال منصب عمّه كرئيس للجمهورية، ليُفَبْرِك قانوناً انتخابياً هجيناً: «قانون قابيل وهابيل»، وهو قانون قد يُقْدم الاخ على قتل أخيه… وقد تحدثنا عن هذا القانون قبل قليل.

بالأمس القريب، أتحفنا باسيل بخطاب جماهيري بدأه بالقول: يا شهداء 13 تشرين… يا شهداء الوطن.

وهنا نسأله: من تسبّب باستشهاد هؤلاء الجنود والضباط؟ هذا أولاً…

ثانياً: هل يعلم أنّ هؤلاء الشهداء الذين تسبّب بقتلهم فخامة عمّه الجنرال… وكان أوّل الهاربين الى السفارة الفرنسية بالبيجاما؟.. هل يعرف أين دُفِنوا؟ نقول له -كما قال أحد الزملاء… لقد دفنوا في وزارة الدفاع. فليته صعد الى هناك ووضع إكليلاً على كل ضريح من هؤلاء للتكفير عن ذنبه.

ثم يتابع كلمته فيقول إنه في عام 1990 دفع وحده ثمن الظروف الدولية لحفظ كرامة اللبنانيين في الحرية والاستقلال والسيادة… لكنه لم يشرح لنا كم كان عمره في ذلك العام ليقوم بهذه البطولات الدونكوشوتية.. وماذا كان محله من الاعراب؟..

وكما هي العادة، استغلّ وجع الناس، بسبب أموالهم المحجوزة في المصارف، وبسبب انه وجماعته الذين حكموا البلد، أوصلوا الدّيْن العام الى 90 مليار دولار. فبدل أن يخبر الحقيقة للناس، ويعترف بمسؤوليته لأنه أصغر من أن يكون حاكماً، لأن الحكم بحاجة الى رجال كبار، راح يتهم الآخرين ويتجنّى على رجالات هم أكبر منه بكثير.

أما الطامة الكبرى، فبالاضافة الى انه يكذب، جاء فخامة الرئيس ليتحفنا برسالة، ظننا انه سيقول الحقيقة، ولكنها كانت رسالة تزوير الحقائق وقلبها والإشادة بصهره المدلّل.

فمنذ التسعينات، كان الرئيس رفيق الحريري شهيد لبنان الكبير قد استقدم شركات حفرت قرب طرابلس فتأكد من وجود النفط… وكان ذلك عامي 1993 و2000.

كذلك، فإنّ وزير الطاقة يومذاك محمد عبد الحميد بيضون أشار عام 2001 الى وجود النفط.. فكيف يكون صاحب اللسان الطويل هو صاحب الإنجاز.

كذلك، لم يكتفِ باسيل بذلك… بل تعدّى ذلك الى كذبة ثانية، فقال بأنّ «هوف» أخذ منا 860 كيلومتراً… يا جماعة، الكذب على الأحياء لا على الأموات. خط ترسيم «خط هوف» تبنّى مناقشات ترسيمه الطويلة والصعبة الرئيس نبيه بري شخصياً. وعند الانتهاء أعلن من عين التينة خلال مؤتمر صحافي انه سلم ذلك الى رئيس الجمهورية… لقد أعلن الرئيس نبيه بري اتفاق إطار التفاوض غير المباشر على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، كما أعلن انتهاء دوره وتسليم الملف الى رئيس الجمهورية، وسيتولى الجيش اللبناني المفاوضات غير المباشرة… كان ذلك في الأول من تشرين الاول عام 2020…

كما تحدث جبران باسيل في كلمته عن المقاومة… وهذا أطرف ما يكون.. فالمستمع إليه يظن انه هو قائد المقاومة الفعلي، وهو الذي أسّسها، وانه هو الذي ساهم في إجلاء اسرائيل عام 2000، وهو من أجبر اسرئيل على الموافقة على اتفاق الترسيم حالياً متناسياً -كما هو معلوم- بأنّ أي موضوع حسّاس مثل هذا الموضوع، يجب أن يكون تفسيره في مجلس النواب.. فهل اختصر أيضاً المجلس النيابي وحوّله الى ملكٍ له ولأبيه؟..

أخيراً.. لا بدّ من شكره لأنه لغاية اليوم لم يترشح لرئاسة الجمهورية… وبالفعل ارتاح اللبنانيون وتنفسوا الصعداء، قائلين: انتهينا من عهد جهنم. لأنّ هناك تساؤلاً من اللبنانيين: من هو الأشد فشلاً؟ فخامة الرئيس أو صهره الذي أفشل عهد عمّه؟ والمضحك المبكي… إنّه هدّد بإعادة النظر في ترشيحه.. وهنا أسأل: في أي جمهورية يعيش؟ خاصة وأنه يتحدث عن ان المرشح يجب أن يكون ذا كتلة كبيرة وازنة…. متناسياً أنه جاء في الحقيقة بسبعة نواب فقط… والجميع يعلمون كيف جمع الـ21…

وهنا لا بد من الاشارة الى انه عندما بدأت شركة «توتال» البحث عن النفط في لبنان فإنّ هناك من يقول إنّ توقفها كان نتيجة ضغط أميركي. اما آخرون فيعتبرون ان الشركة توقفت بسبب عمولات طلبها باسيل شخصياً ورفضت إعطاءها له.

من جهة أخرى.. عندما نراه يتحدث عن النفط، نظن انه عالم كبير في جمهورية النفط.. والظاهر ان أمّه أنجبته في برميل نفط.

كما أشار في كلمته الى ان حكومة تصريف الأعمال الحالية لا تملك صلاحيات تسلم مهام رئيس الجمهورية… وكأنه يعطي لنفسه شهادة مميّزة بالقانون. حقاً لقد راح جهابذة القانون في لبنان وفي العالم يحاولون حسم مثل هذا القانون، لكن باسيل «رجل القانون الأقوى» حسمها بسرعة.

كلمة أخيرة.. يقول باسيل ان العماد ميشال عون سيصبح أقوى في الرابية.

هنا أختلف معه فأقول: ما فعلته أنت وعمّك في البلد، لن يسامحكما من أجله ربّ العالمين.

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version