أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “أننا صامدون في خياراتنا، للعبور بمواطنينا الى ضفة الأمان والنهوض معهم من الازمات الحادة التي تعصف ببلدنا الحبيب” . وأمل في “أن يحمل الآتي من الايام بوادر امل للبنان وللبنانيين بالخروج من الأزمات الخانقة التي نمر بها والانطلاق في عملية النهوض الذي يستحقه وطننا وشعبنا”
وقال: “منذ تولَّيْنا مهماتِنا في هذه المرحلة الدقيقة، لم نَحِدْ عن أهدافِنا في اتخاذ الخطوات الآيلة الى ارساء اسس الاصلاح المستدام في الدولة معتمدين رؤية استراتيجية شاملة وبرامج ومشاريع محددة الاهداف لدعم الادارة العامة في تأدية دورها”.
وأشار الى أن “مبادرةَ التحول الرقمي احتلّت اولويّات حكومتنا، لانها تشكّلُ حجرَ زاوية في مسيرة التقدم، وترتبط ارتباطا عضويا بخطة الاصلاح والتعافي. كما انها تلاقي استراتيجية مكافحة الفساد الجاري تطبيقُها بشكل منهجي وتدريجي”.
وكان الرئيس ميقاتي يتحدث خلال رعايته، في السراي الحكومي اليوم، “مؤتمر اطلاق الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي في لبنان 2020-2030″، وذلك بدعوة من وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية في حكومة تصريف الاعمال نجلا الرياشي.
وقال الرئيس ميقاتي في كلمته: “في زمن التحولات العالمية الكبرى، وفيما لبنان يعبر مرحلةً من الاستحقاقات المصيرية يمليها الدستور والقانون وواقعُ الحياة العامة في الداخل والخارج، رُبَّ سائل عن الجدوى الآنية لاطلاق استراتيجية طموحة للتحول الرقمي في لبنان، في هذا الوقت بالذات. نحن لا نفقد الامل بالمستقبل. واننا صامدون في خياراتنا، للعبور بمواطنينا الى ضفة الامان والنهوض معهم من الازمات الحادة التي تعصف ببلدنا الحبيب. منذ تولَّيْنا مهماتِنا في هذه المرحلة الدقيقة، لم نَحِدْ عن أهدافِنا في اتخاذ الخطوات الآيلة الى ارساء اسس الاصلاح المستدام في الدولة معتمدين رؤية استراتيجية شاملة وبرامج ومشاريع محددة الاهداف لدعم الادارة العامة في تأدية دورها”.
اضاف: “ان مبادرةَ التحول الرقمي احتلّت اولويّات حكومتنِا، لانها تشكّلُ حجرَ زاوية في مسيرة التقدم، َوترتبط ارتباطا عضويا بخطة الاصلاح والتعافي. كما انها تلاقي استراتيجية مكافحة الفساد الجاري تطبيقُها بشكل منهجي وتدريجي. ووسط الاستحقاقات المتنوعة التي يراهن عليها بلدُنا المثخن بالجراح، نتمسك اكثر من اي وقت بالاستحقاق الاصلاحي، حيث يمثّلُ تبني استراتيجية التحول الرقمي جواز عبور الى نمو اقتصادي من نوع مختلف، ويسهم اعتمادُها في اعادة شرايين الحياة الى الادارة العامة ومختلف القطاعات. لا بدّ لنا من الالتحاق سريعا بالعصر الرقمي وان ايَّ تأخير اضافي في هذا المسار يشكّلُ تراجعا عن توجهاتِنا الاصلاحية وعن خططِنا الهادفة ِالى انهاض لبنان والى اعادة الثقة. فهذه الخطوة نعتبرُها استراتيجيةً ومستدامة المفاعيل في المدى الابعد وتؤسس للتماهي مع الثورة الصناعية الرابعة كما تعكس محوريّة تكنولوجيا المعلومات في جوهر السياسات العامة للدول والحكومات”.
وتابع: “غداةَ صدور استراتيجية التحول الرقمي في الجريدة الرسمية، اغتنم الفرصة كي اهنئ وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية السيدة نجلا الرياشي،التي عملت بحرفية وتفان، على مدى اشهر مع فريق الوزارة لاقرار هذه الاستراتيجية على مستوى الوطن، بعدما كانت حلما استمر العمل عليه لسنوات. وادعو مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية، الذي قاد اخيرا انجاز هذه الوثيقة في نسختها النهائية، بدعم مشكور من برنامج الامم المتحدة الانمائي، الى المثابرة في مهمته المرتبطة بالاصلاح خلال مرحلة التطبيق بالتنسيق مع رئاسة الحكومة ووزارة التنمية في كل ما يتعلق بالتمويل والأولويات التي تحددها الحكومة، وترشيد الإنفاق في عملية التحول الرقمي. كما نشدد على السيادة الوطنية في الملف المتعلق بالاستراتيجية الرقمية مع إتباع أعلى معايير التصميم الآمن لكل مشروع يتناول البيانات الشخصية والحساسة، والتي هي مسؤولية حصرية لكل إدارة. كما أن منصات الخدمات الرقمية لها أصول وآليات نص عليها القانون ولا يمكن أن تخضع لأي إعتبارات خارجة عن الإطار المؤسساتي”.
واكد ميقاتي أن “طموحنا ثابت في تحويل لبنان الى بلد متقدم في مجال الخدمات الرقمية، واعادتِه مركزا اقليميا لريادة الاعمال والاستثمار والسياحة. فالمواطنون اللبنانيون يستحقون خدمات افضل، تقدمها ادوات رقمية مرنة ومنصات تقنية تحفظ بياناتِهم الشخصية بشفافية، وتعزز الهيكلية الاجتماعية وتدعم الميزات الثقافية التي يتمتع بها الشعب اللبناني. وهي تفسح المجال للتشاور العام الفعال، ومشاركة المجموعات ذات المصلحة في تطوير السياسات الحكومية”.
وقال: “لقد كنت دوما على يقين، ان الخروج من الأزمات المتراكمة يمرُّ من خلال دعم الادارة العامة وعصرنتها وتحديثها. وها نحن اليوم في بداية طريق طويل يستلزم استنهاض مختلف مكونات الدولة وقطاعاتها، من سياسية وقانونية واكاديمية وتقنية وشعبية، لنصل معا الى اقتصاد رقمي فاعل وناجع، والى مجتمع رقمي دامج وبناء. وباذن الله سيحمل الآتي من الايام بوادر أمل للبنان وللبنانيين بالخروج من الأزمات الحانقة التي نمر بها والانطلاق في عملية النهوض الذي يستحقه وطننا وشعبنا”.
الرياشي
من جهتها، قالت الوزيرة نجلا الرياشي: “يُتوّج اطلاق استراتيجية التحول الرقمي اليوم مسيرة من العمل التراكمي، مسيرة قادتها وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية على مدى سنوات عدة. وقد صيغت الاستراتيجية بنهج تشاركي تشاوري مع القطاعات المعنية كافة وولدت اخيراً بنسختها النهائية بدعم تقني مشكور قدمه برنامج الامم المتحدة الانمائي الذي يلعب دور الشريك الاستراتيجي لمكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، في مجالات التحول الرقمي والحوكمة الرقمية، انفاذا لمذكرة التعاون القائمة بيننا”.
وأشارت الى أن الدخول في العصر الرقمي ليس ترفاًّ، بل هو توجه وتطبيق عالمي في عصرنا هذا، وما يهمنا في لبنان هو ان تحاكي استراتيجيتنا الواقع اللبناني، وفَرادة المؤسسات اللبنانية، من هنا كانت لهذه الاستراتيجية مقاربة شمولية، اخذت بعين الاعتبار النجاحات العالمية لدول صديقة استفدنا من خبراتها في مجال الرقمنة والمكننة، وطبقتها على واقع نظامنا اللبناني، ما انتج استراتيجية جامعة ودقيقة، والاهم من ذلك انه انتج استراتيجية قابلة للتطبيق. فالتحول الرقمي لا يمكن حصره في آليات المكننة وتطورات التكنولوجيا”. وأوضحت أن “التحول الرقمي يرتبط عضويا بمكافحة الفساد وعصرنة الادارة، من اجل خدمة المواطن والشركات والزوار وتحسين بيئتنا الحياتية والاقتصادية، ويثمّر التوجه الاصلاحي الذي نعتمده من أجل تعزيز مبدأ الحكومة المفتوحة التي تقوم على كفاءة اعلى ونزاهة اكبر وشفافية اوضح في العمل الاداري”.
ولفتت الى ان تحويل لبنان إلى بلد متقدم في مجال الخدمات الرقمية الشفافة والعادلة، يستلزم عمليات حوكمة سليمة تترجم بقيادة كفوءة، كما وبتطبيق نظام حوكمة اقتصادية سليم.
وقالت: “في ظل المسؤولية القيادية التي توليها الاستراتيجية لوزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية في التخطيط والتنفيذ لهذا التحول الحيوي، لا بد لي من تأكيد اهمية مقاربة حكومية ومجتمعية شاملة من أجل توسيع الفرص المتاحة للإدماج الرقمي عبر ابتكار وتصميم تشاركي وشمولي للسياسات الرقمية العامة، وعلى إشراك كل الجهات المعنية في الابتكار الرقمي، من جهات رسمية محلية وقطاع خاصّ وقطاع أكاديمي ومجتمع مدني، لمساندة هذا التصميم وسدّ الفجوة الرقمية”.
وأشارت الى “ان المرحلة التطبيقية تحتاج الى جهود حثيثة من حس القيادة وحسن التنسيق، وتسلتزم المتابعة والدعم، وتتطلب مهارات الابتكار والادراك وضرورات التخصص والمعرفة والخبرات المتنوعة”. وقالت: “هذه المقومات تحتاج الى مقاربة اوسع واشمل وادق في التفاصيل، وهو ما باشرنا العمل عليه حاليا، وفيما يتم التنسيق اساسا مع اللجان النيابية ولا سيما منها لجنة التكنولوجيا سوف ينسّق المكتب بين الجهات الرسمية كافة لترتيب الاولويات ووضع الخطط.. حالياً، نحن بصدد مراجعة وتطوير الخطة التنفيذية ووضع خارطة طريق من خلال تحديد أولويات المشاريع التي يحتاج إليها لبنان”.
برنامج الامم المتحدة الانمائي
وبدورها، قالت الممثلة المقيمة لبرنامج الامم المتحدة الانمائي في لبنان ميلاني هونشتاين: “التكنولوجيا الرقمية تغير العالم وتؤمن مدخلا فريدا لاطلاق الحلول المبتكرة وملاقاة التحديات التنموية العميقة والمعقدة التي تواجهها البلاد. اليوم، مع التطبيق الملائم يمكن لهذه التكنولوجيا ان تسهم في زيادة الالتزام المدني والمحاسبة الاجتماعية والحد من الفساد وسوء الادارة ما من شأنه زيادة ثقة المواطنين بمؤسسات الدولة”.
وأكدت أن الشراكة الفريدة التي يقيمها برنامج الامم المتحدة مع مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية لدعم تخطيط وتنفيذ مراحل التحول الرقمي تعكس التزامنا بعملية الرقمنة الشاملة.
وبعد ذلك جرى عرض شمل الخطوات المقبلة لتطبيق الاستراتيجية، وقدّم كل من خبيرة التحول الرقمي ومستشارة وزيرة الدولة لشؤون التنمية تانيا زاروبي، والخبير الاقليمي في التحول الرقمي لدى برنامج الامم المتحدة الانمائي – المكتب العربي داني وازن، شرحا عن الرؤية المستقبلية للتحول الرقمي المنشود واهميته وانعكاساته على مستوى الخدمة العامة والاقتصاد الرقمي والازدهار التنموي.
وكانت هذه الاستراتيجية قد أقرت في مجلس الوزراء خلال أيار الماضي وصدرت في العدد 43 من الجريدة الرسمية في السادس من تشرين الاول الحالي.