الهديل

رباب الصدر تروي في كتاب مُميّز سيرة شقيقها: «الفلسفة الإصلاحيّة في رؤية الإمام موسى الصدر وأعماله»

حسناً فعلت رئيسة «مُؤسسات الإمام الصدر» السيدة رباب الصدر شرف الدين، بخوضها غمار التأليف، فكيف إذا كان بكتاب مُميّز؟!

قرار جريء، في أول كتاب لها حمل عنوان «الفلسفة الإصلاحية في رؤية الإمام موسى الصدر وأعماله».

كُثر هي الإصدارات والأعمال التي أضاءت على جوانب مُتعددة من شخصية الإمام الصدر، لكن ما ميّز هذا الكتاب بأن السيدة رباب، وثّقت فيه علاقتها بشقيقها الإمام، بعرض سيرته، بتجربة لرؤية لما تركه فيها من أثر مُميّز، مُنذ أن تفتّح وعيها، بعدما تُوفي الأب، فمنحها الإمام حناناً، وأخذ بيدها، إلى أن أصبح حضورها أكبر، ومسؤوليتها أكثر، بعد تغييب سماحته في العام 1978، فأُلقيت مهام جديدة على كاهلها، فأينعت البذور مُؤسسات إنسانية واجتماعية، وفق ما خطّط له وعمل عليه الإمام.

بإحساس مُرهف، وبتعمّق، ووعي، وثقافة، وبألم الغياب، ولهفة معرفة المصير، حفظت السيدة رباب الوصية، برسالة إنسانية، ليكون هذا الإصدار نقطة هامة بالإضاءة على كل ما يتعلق بالإمام، فتاً، شاباً، دارساً، عاملاً، إماماً، باحثاً، قائداً مُبشّراً، ومُؤسساً للعديد من الهيئات والمُؤسسات الدينية والاجتماعية والتربوية والصحية والثقافية، بنظرة مُستمدة إلى عمقه الديني من الإسلام، كمرجعية برؤية غير تقليدية، وإسهامات، ومُمارسات بذهنية مُنفتحة على التعايش مع الرسالات السماوية، انطلاقاً من لبنان البلد النموذجي كقدوة للعالم، فرسخ تربيته وأفكاره بأن ذهب إلى الناس ولم ينتظر مجيئهم إليه، وركّز على دور الأسرة، والإنسان.

لقد أضحى الشعار الذي رفعه وعمل عليه الإمام الصدر «لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه»، رؤية يُبني عليها، مُنذ أن ضمّنها ورقة عمل قدّمها في العام 1977 إلى رئيس الجمهورية إلياس سركيس، في فترة أعقبت عامين من اندلاع الحرب العبثية في لبنان، وقبل عام من اختطافه.

واعتُمدت استهلالاً لـ«اتفاق الطائف» في العام 1989، ومُقدمة الدستور اللبناني المُعدل، استناداً إلى الاتفاق المذكور.

أصل الكتاب، أطروحة دكتوراه من المُؤلفة لقسم الفلسفة في «الجامعة اللبنانية»، نالت عليها درجة جيد جداً، حيث أوصى بعض الأساتذة بضرورة طبعها لأهمية الموضوع، فعمدت إلى تعديلها بما ينسجم مع كونها كتاباً، صدر عن منشورات «مركز الإمام موسى الصدر للأبحاث والدراسات».

استهل الإهداء «أجمل الهدايا كتاب.. فكيف إذا كان قصة عمر»، وأهدته السيدة رباب إلى والديها، صدر الدين وصفية: «ها أنا يا أبي، ويا أمي، أقدّم إليكما هذا الكتاب، وهو من ما استفدته من شقيقي وعنه.. أقدمه طلباً لرضاكما».

أيضاً تقديم الكتاب كان مُميّزاً، من رئيس الجمهورية الإسلامية الأسبق السيد محمد خاتمي (المُتأهل من ابنة شقيقة الإمام الصدر).

يقع الكتاب في 362 صفحة، وتوزع على 8 فصول، 27 بحثاً و125 عنواناً، مع خاتمة، مُزوّداً بالعديد من الصور، ولائحة بكتب سماحته، ومقالات وأبحاث كتبها، وحوارات أجريت معه، وأهم المصادر والمراجع التي كُتبت عنه.

حملت الفصول عناوين:

1- السيرة الذاتية للإمام موسى الصدر وأخلاقياته.

2- مدخل إلى فلسفة الإمام موسى الصدر العمليّة.

3- علاقة الإنسان باللّه.

4- علاقة الإنسان بالكون والتاريخ.

5- العلاقة بين العلم والديّن.

6- علاقة الإنسان بالمُجتمع.

7- علاقة الإنسان بالوطن والعالم.

8- محطات من الإصلاح العملي للإمام الصدر.

والخاتمة: رؤية الإمام الصدر للنموذج اللبناني وحاجتنا إليه اليوم، وأهمية النهج الصدري في المُعضلة المُعاصرة.

كتابٌ أغنى المكتبة، وما كُتب عن الإمام الصدر، وفاتحة التأليف للسيدة رباب، يستحق القراءة بعمق لما يتضمنه من واقع نعيشه، كان سماحته قد ضمنه قبل عقودٍ من الزمن رؤيته الفلسفية الإصلاحية.

الكاتب: هيثم زعيتر

Exit mobile version