كتب عوني الكعكي:
لا شك في أنّ هناك علاقات مميزة بين الولايات المتحدة الأميركية والنظام الإيراني، فكما نعلم، فإنّ هذا النظام الجديد في إيران كان صنيعة أميركية، إذ كان الفضل في وجوده للولايات المتحدة الأميركية، وذلك عندما خطّط وزير خارجية أميركا يومذاك هنري كيسينجر منذ عام 1973، أي بعد حرب تشرين، ان الدولة الاسرائيلية أصبحت تعيش في خطر جديد وشديد بوجود دولة تملك جيشاً قوياً كبيراً وقادراً، يستطيع في أي وقت شنّ حرب ناجحة ليهدد أمن إسرائيل، هنا وضعت خطة هدفها القضاء على 3 جيوش عربية:
– الجيش المصري.
– والجيش العراقي.
– والجيش السوري.
لذلك طلب كيسينجر من شاه إيران شنّ حرب على العراق… فرفض الشاه طلبه… فما كان من كيسينجر إلاّ أن اتفق مع آية الله الخميني الذي كان يعيش منفيّاً في العراق… فتمّ نقله الى باريس واستأجروا له منزلاً تابعاً لـCIA.
وهنا أذكر حادثة تحوي أسراراً خطيرة جداً… فقد كتب الدكتور «عبدالحميد دشتي» النائب في مجلس الأمة الكويتي قائلاً: إذا أردت أن تعرف كيف تتم إدارة التحكم بالإرهاب فلا بدّ من أن تطالع إجابة وزير الخارجية الجزائري السابق «بن فليس»، وكيف تخلصت الجزائر من الارهاب الذي فتك بها حتى أواخر التسعينات، حين كانت هناك جماعات إرهابية تخطف الناس وتقتلهم وترمي جثثهم على الطرقات. واستمرت هذه الحال لفترة طويلة من دون أن يتمكّن الجيش والحكومة من القضاء على الارهاب.
وهناك سؤال من صحافي مخضرم قدّم للسيد «بن فليس»: كيف تمكنتم في الجزائر من القضاء على ظاهرة العنف والقتل التي استمرت سنوات عديدة؟
أجاب: في يوم من الأيام استدعاني الرئيس بوتفليقة (الرئيس الجزائري يومذاك) الى مقرّه… فوجدت عنده السفير الاميركي ومعه ثلاثة أشخاص تبيّـن انهم من دائرة الـ»سي آي إيه» الاميركية… وطلب مني بوتفليقة الاستماع لما سيقولون.
بدأ السفير الاميركي بالكلام قائلاً:
“هل ترغبون يا سادة أن تنتهي حال العنف والقتل السائدة عندكم في الجزائر”؟.
فأجابه الرئيس بوتفليقة: “طبعاً وبدون شك”. استطرد السفير: “حسناً، نستطيع أن ننهي هذا الوضع السائد عندكم بسرعة… ولكن، وحتى نكون واضحين، لدينا شروط واضحة يجب أن توافقوا عليها مسبقاً…”.
عندها أشعره بوتفليقة بالموافقة وطلب منه أن يكمل.
قال السفير الاميركي جهاراً:
أولاً: عليكم إيداع عائدات نفطكم عندنا في أميركا.
ثانياً: عليكم إيداع عائدات غازكم في فرنسا.
ثالثاً: عدم مناصرة المقاومة الفسطينية.
رابعاً: عليكم مناصرة إيران و”حزب الله” وتأييد تحركاتهم، ولا تتهجموا على أدوارهم ولا على مواقفهم”.
واستطرد السفير الأميركي: “سنقوم بدورنا بالتحدّث مع كافّة الأطراف المعنية لإعلامهم باتفاقنا”.
سأل بوتفليقة: ومن هي تلك الأطراف؟”.
أجاب السفير: “فرنسا وإسرائيل وإيران”.
صُعِقنا من ذلك الردّ.. وتساءل بوتفليقة: “وما علاقة هذه الدول بما يجري عندنا؟”.
أجاب السفير والابتسامة الصفراوية على وجهه: “إيران هي التي تقوم بتمويل شراء السلاح من إسرائيل، وتقوم إسرائيل بإرساله الى فرنسا، وتقوم فرنسا بدورها وعن طريق بعض ضبّاط الجيش الجزائري المرتشين، والذين يتعاملون معها، بإرساله الى الجماعات الاسلامية المتطرّفة”.
واستطرد السفير وسط دهشتنا: “سنقوم بإبلاغ فرنسا وإسرائيل باتفاقنا… وعليكم إرسال شخص من قِبلكم للتحدّث الى “الخامنئي” المرشد العام بإيران حيث سيكون أسهل إبلاغه عن طريقكم نظراً لصعوبة التفاهم معه”.
إثر ذلك، طلب مني بوتفليقة السفر الى إيران لأجل هذه الغاية.
وصلتُ إيران بعد ترتيبات مسبقة، والتقيت “خامنئي” وشرحت له ما تمّ من اتفاق مع الجانب الاميركي، و”أنّ الاميركيين طالبوا بقية الأطراف وقف دعم المسلحين، والآن يجب على إيران وقف تمويل السلاح”.
استغرق حديثي مع خامنئي عدّة ساعات من دون أن يوافق على عرضي، وأصرّ على موقفه. عندها اتصلت بالسفير الاميركي وأعلمته بالأمر. أجابني السفير: “لا بأس… انتظر قليلاً… سأهاتف الخامنئي شخصياً. ولم تمضِ دقائق قليلة حتى استدعاني خامنئي وهو يدقّ على صدره قائلاً “موافق… موافق”.
بعد أيام… توقف الدعم والتمويل للإرهابيين.. وتمّ تزويد القوات المسلحة الجزائرية بإحداثيات لمواقعهم وأماكن وجودهم.
هذه هي القصة الوثيقة كما سمعتها وليست منقولة عن فلان أو فلان أو فلان.
وبعد هذا كله… يمكنكم أن تدركوا حجم الدور الذي يقوم به الإيرانيون في دعم الإرهاب.. خدمة للولايات المتحدة وللأميركيين، والهدف تدمير البلاد العربية وتفتيتها…
وأتساءل: أليْسَ هذا ما يحدث الآن في سوريا والعراق واليمن وليبيا ولبنان؟
*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*