الهديل

هؤلاء يغادرون لبنان سنوياً الى بلد ثالث

في موازاة مسار ترسيم حدود لبنان البحرية مع اسرائيل يمضي ملف اعادة اللاجئين السوريين الى بلدهم بدفع لبناني قوي من دون ان يلاقيه الزخم الدولي الذي انتج اتفاقا في الترسيم، ذلك ان المصالح التجارية والسياسية بين الدول الثلاث تقاطعت عند وجوب بلوغ ملف الترسيم خواتيمه والانتقال الى الشق التنفيذي منه، خلافا للمصالح غير المتقاطعة لا بل المتناقضة الى ابعد حدود في الملف الثاني ولسان حال دول الغرب لا سيما اوروبا “الوقت لم يحن بعد لعودة اللاجئين في ظل وجود قوى اجنبية في سوريا، فخذوا المال وابعدوا عنا كأس تدفقهم الينا”.

بين 10 و12 الف لاجئ سوري يغادرون لبنان سنويا بحسب ارقام المنظمات المعنية، ولكن ليس للعودة الى سوريا انما في اتجاه بلد ثالث، من دون اسقاط اعداد اضافية لا بأس بها ممن يغامرون في هجرة غير شرعية عبر مراكب بعضها نحو الموت والاخر نحو النجاة. نجاة من جحيم عيش في بلد ثان استضافهم يحتاج من يُنَجيه من لعنة قادته السياسيين الذين اوصلوه الى فقر وجوع يعانيه اللاجئ كما اللبناني فيغادرون جنبا الى جنب غير آبهين بأمواج عاتية وزوارق غير شرعية ما دامت فرصة الوصول متوافرة.

رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا ينفك ينادي ويناشد المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته في مجال اعادة النازحين السوريين الى بلادهم، مخافة ان تتحول اقامتهم الموقتة في لبنان الى دائمة، على قاعدة “كل موقت في لبنان دائم” والوجود الفلسطيني خير دليل. وبمثل النشاط والحماس الذي ابداه وفريقه السياسي لترسيم الحدود ونجح، يبدي حماسا لاعادة النازحين ، ولا يفوّت مناسبة الا ويتناول الملف، لكن حلم العودة لا يبدو سيترجم قريبا، اذ تشير المعطيات الى ان الملف بالغ التعقيد

يحتاج قرارا سياسيا دوليا كبيرا، اسقط غيابه كل المساعي التي بذلت في هذا الاتجاه، من المبادرة الروسية التي ماتت قبل ان تولد منذ سنوات الىالضغط اللبناني المتعاظم في كل الاتجاهات، وجواب اصحاب الشأن “وقت العودة لم يحن بعد”. مع ان عددا لا بأس به من السوريين لا سيما من مناصري النظام يدخلون الى بلادهم ويعودون الى لبنان لقبض مساعداتهم المالية من المنظمات الاممية، ولكون احوال بلادهم الاقتصادية اسوأ مما هي عليه في لبنان فيفضلون السيء على الاسوأ.

اشكاليات العودة واسباب عدم توافر ظروفها سيشرحها المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي للمسؤولين اللبنانيين في زيارة سيقوم بها الى لبنان قريباً، بحسب معلومات “المركزية” ويعرض لخطة المفوضية ورؤيتها للمرحلة وكيفية مساعدة لبنان على استمرار تحمل عبء اللجوء.

في السياق، تؤكد مصادر معنية بالملف ان العمل جار على تصحيح الصورة الخاطئة حول عمل منظمات الامم المتحدة في مجال تقديم المساعدات،وتبديد الالتباس والقناعة المتولدّة لدى البعض عن ان المساعدات تذهب كلها الى السوريين، ذلك ان كمية كبيرة منها تستهدف اللبنانيين الاشدّ فقرا وقد ارتفعت وتيرتها مع تزايد حدّة الازمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية في البلاد في العامين الاخيرين،من ضمن برنامج دعم اشمل للدول التي تستضيف اللاجئين السوريين وما تسببوا به من “ضرر” للمجتمعات المضيفة.

يبدو جليا، ان قضية عودة اللاجئين تتفوق في تعقيداتها وتشابك معطياتها الاجتماعية والسياسية والديموغرافية، وما يتفرع منها على عقدة ترسيم الحدود التي تكفّلت واشنطن فك رموزها وصولا الى وابرام اتفاق “الاعداء” المصلحي. والى حين توافر القرار الدولي بالعودة سيستمر لبنان بخطة عودة سلحفاتية وضعتها حكومة تصريف الأعمال، هي افضل الممكن راهنا تقوم على إعادة 15 ألف لاجئ شهريا، إلا أن عدد العائلات التي سجلت أسماءها،بلغ كما قال وزير المهاجرين عصام شرف الدين، 460 عائلة من بلدة عرسال، 30 عائلة من مدينة يبرود، 49 عائلة من قرية جراجير، 47 عائلة من مدينة قارة، 212 عائلة من قرية المشرفة (فليطة)، 56 عائلة من قريتي رأس المعرة ورأس العين، 44 عائلة من قرية السحل، 22 عائلة من قرية الصخرة (بيوتها مسواة بالأرض بالتالي هذه العائلات تحتاج إلى مركز إيواء)، إضافة الى 235 سيارة سورية.

قد تكون آمال “الاعادة” اللبنانية اوسع واشمل من رغبة السوريين انفسهم بالعودة في ظل توافر ظروف معيشية اكثر لياقة لبعضهم في لبنان، وفي غياب شبكات معلومات موثوقة للسوريين لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن العودة، وافتقار وكالات الإغاثة الدولية إلى الوصول الكافي لرصد عمليات العودة. وحتى ذلك الحين سيبقى لبنان ممنوعا من إجبار أي شخص على العودة، لكنّ الامل لا بد منه، على الاقل في عدم تحوّل الموقت الى دائم.

Exit mobile version